مجتمع مدني

التهجير الطائفي يتسع.. هل من إجراءات توقفه؟

بغداد ـ طريق الشعب
اخذت ظاهرة التهجير القسري لأسباب طائفية، تطفو مجدداً على السطح، بل وتتزايد بشكل مقلق في مناطق عدة من البلاد، في حين لم تعلن الحكومة أي موقف، أو تتخذ أي إجراء لموجهة تداعيات هذا التطور.

في المقدادية

فقبل أيام، نزحت مئات العائلات من قضاء المقدادية بمحافظة ديالى وتركت بيوتها اثر تهديدات مجاميع إرهابية بتصفيتهم، بحسب ما أفاد به شهود عيان.
وقال أبو وائل من سكنة القضاء أمس لـ"طريق الشعب" ، إن "القاعدة بدأت تستعيد قوتها في المحافظة بصورة عامة وفي قضاء المقدادية خاصة، حيث قام بعض من هذه الجماعات برمي رسائل في بعض البيوت تطالبهم بالرحيل من منازلهم في أسرع وقت وألا ستتم تصفيتهم. وعلى الرغم من علم القوات الأمنية بذلك إلا أنها لم تتمكن من حماية العائلات المهددة"، لافتا إلى "تعرض عدد منهم إلى عمليات اغتيال ما دفع بقية الناس المهددين إلى مغادرة القضاء في ليلة ظلماء".
ويلفت مراقبون للشأن الأمني إلى أن الحكومة المحلية ومجلس محافظة ديالى لم يتمكنا من اتخاذ قرار من شأنه إيقاف عمليات التهجير القسري. وان كل ما اتخذ منهما هو عبارة عن بيان استنكار لا أكثر ولا اقل.

قضية سياسية؟

من جانبه، بيّن عضو لجنة الامن والدفاع النيابية، شوان محمد طه أن "اللجنة اجتمعت أكثر من مرة بأهالي مناطق محافظة ديالى لمناقشة استفحال نشاط الجماعات الارهابية هناك، وقامت بحثهم على التعاون مع الأجهزة الأمنية للقضاء على تلك المجاميع".
وأشار طه في تصريح لـ "طريق الشعب" يوم أمس، إلى أنه "في الأسبوع الماضي قامت عناصر الأجهزة الأمنية في محافظة ديالى بحث الأسر هناك على الرحيل من المحافظة".
واضاف أن "هذه القضية تعتبر سابقة خطيرة تحتاج إلى تأنٍ وحكمة من قبل قادت القوات المسلحة"، محذرا من "تسييس المنظومة الأمنية".
من جهته، أوضح صالح المطلك نائب رئيس الوزراء والقيادي في القائمة العراقية، أن "ما يحدث من تهجير ونزوح في ديالى لا يتعدى كونه قضية سياسية يراد منها تحقيق أجندات معينة".

تهجير في المحمودية واللطيفية

وأعلنت دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة بابل، أمس، عن تهجير عشرات الأسر من قضاء المحمودية وناحية اللطيفية، لأسباب طائفية. فيما أكدت أنها قدمت "مساعدات عاجلة" لهذه الأسر.
وقال رئيس الدائرة نصر عبد الجبار لوكالة (المدى برس)، إن "الدائرة سجلت 35 أسرة مهجرة قسرا من قضاء المحمودية وناحية اللطيفية جنوبي بغداد خلال اليوميين الماضيين إلى بعض مناطق شمال بابل وذلك بسبب الانتماء الطائفي والخوف من تنظيم القاعدة".
وأضاف عبد الجبار أن الدائرة "زارت خمس اسر مهجرة في منطقة الحيدري التابعة لناحية جبلة و17 أسرة في قضاء المحاويل وثلاثاً في ناحية النيل والبقية في مناطق أخرى شمال بابل من اجل تقديم المساعدات الإنسانية لهم من مأكل ومأوى وأغطية".

البصرة ونينوى أيضاً

وفي البصرة حدث العديد من حالات التهجير الطائفي، بحسب مصادر أمنية، إلا أن الحكومة المحلية وقادة الأمن، لم يؤكدوا حتى الآن وجود مثل حالات كهذه. كما تشهد مدن المحافظة عمليات اغتيالات منظمة لعائلات عبر اقتحام مساكنها.
وفي هذا الشأن قال جمعة الزيني عضو مجلس محافظة البصرة في تصريح لـ"طريق الشعب"، إن "المحافظة شهدت موجة من الاغتيالات والتفجيرات الإرهابية في الآونة الأخيرة، دون أن تتخذ الأجهزة الأمنية إجراءات مناسبة لتحسين الوضع الأمني".
واشار إلى إن "هناك جهات تسعى الى تعكير الأجواء السياسية، وفي نفس الوقت تحاول عرقلة عمل الإدارة المحلية الجديدة في المحافظة، والتي أفرزتها نتائج انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة".
وذكر الزيني إن "المجلس أعطى فرصة كافية لقادة الأجهزة الأمنية مدتها ثلاثة أشهر ابتداء من شهر تموز الماضي، لتعود الأوضاع الأمنية إلى حالتها الطبيعية، وإلا فستجري محاسبتهم ومساءلتهم في المجلس".
هذا فيما تتعرض الأقليات في محافظة نينوى وخاصة قومية الشبك إلى استهداف طائفي بواسطة عمليات اغتيال وتفجير مناطقهم بعبوات وسيارات مفخخة. وتأتي هذه العمليات وسط صمت قيادات عمليات المحافظة، بحسب ما أفاد به النائب عن الشبك في البرلمان محمد جمشيد.
وأوضح جمشيد أن "القاعدة تقصف يوميا قرى الأقليات وخاصة التركمانية والشبكية في مدينة الموصل بالهاونات على مرأى ومسمع قيادة عمليات نينوى، التي لا تقوم بالواجبات الملقاة على عاتقها".

سيناريو يتكرر

إلى ذلك، حذّر الناشط المدني سعد سلوم من تكرار سيناريو عمليات التهجير المعروف في عامي 2006 و2007. وقال سلوم يوم امس في تصريح لـ"طريق الشعب" إنه "لا بد من أن نكون حذرين تماما ازاء هذه السيناريوهات التي تحاول الجهات المسؤولة تنفيذها من اجل تحويل الأزمة السياسية الموجودة في العراق إلى صراع مجتمعي واستهداف طائفي. ونحن نؤمن بأن هناك نخبا سياسية معينة تتاجر باسم الطائفية من اجل مصلحتها الخاصة"، مضيفا "نحن نتخوف من كثير من النخب السياسية التي تحوّل النزاعات القائمة بينها إلى طائفية". ويؤكد المراقبون أن عجز السلطتين التشريعية والتنفيذية شكّل حافزا لتقدم الجماعات الإرهابية إلى محافظات أخرى منها بغداد، حيث تمكنت مؤخرا من قتل عائلة على أساس هويتها الطائفية وتهجير أكثر من 200 عائلة أخرى.