مجتمع مدني

الابتزاز الإلكتروني مدخل آخر لاضطهاد المرأة / الحقوقية منال حميد

«الخوف من حدوث الكارثة أعظم من الكارثة نفسها»
بعد عام 2003 فتحت الحدود على مصراعيها امام التقنيات الالكترونية الحديثة، التي اتاحت المجال للتواصل الاجتماعي عبر الانترنيت مع مختلف صنوف الناس ومن مختلف الثقافات والبلدان، ففي بلدنا اصبح الانترنيت في متناول الأطفال والشخص الصالح والطالح، بعد ما كان حكرا على طلبة الدراسات العليا، وبحدود معينة، وتحت رقابة مشددة ابان النظام السابق. لذا من الطبيعي ان الفوضى تولد الانفلات وسوء الاستخدام في ظل غياب واضح للقانون والتشريع الصارم للحد من ظاهرة الابتزاز المستحدث عبر التواصل الالكتروني وعند حالات التعدي على حقوق وحياة الآخرين الخاصة.
بدأت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني تظهر شيئا فشيئا وبشكل تدريجي في بلدنا إلى أن استفحلت الظاهرة وبشكل ملفت للعيان، فكانت حصة الفتيات الصغيرات منه كحصة الأسد من خلال الوقوع كضحايا لهذا النوع من الإبتزاز، مما ادى ببعضهن الى الانتحار خشية الفضيحة او العار العشائري الذي سيلاحقهن، أو جعل بعضهن الاخر سلعة جنسية بلا إرادة وقبول، بل فقط من أجل تجنب العار ، واخريات يعشن حالة من الرعب المستمر ما يعرقلهن عن أي نشاط علمي أو إبداعي أو حتى ممارسة الحياة اليومية بشكل طبيعي ، اما انواع الابتزاز فهو لأجل المال ولأجل الجنس، وابتزاز اخر لغرض الثأر او تشويه سمعة فتاة رفضت شابا، أو للتسقيط السياسي وغيرها.
الجدير بالذكر أن المرأة في العراق لم تتعرض للمبتزين العراقيين فقط، وإنما من قبل شبكات ابتزاز خارج البلد فردية او جماعية، وعلى الرغم من تزايد عدد الضحايا يوما بعد يوم، لم يتم تسجيل شكاوى سوى قدر ضئيل جدا، والسبب ليس في التشريع الذي يمكن ان يغطيه الفصل الثالث وتحديدا المادة 430من قانون العقوبات العراقي ضمن عقوبة التهديد، ويوضح أن "الابتزاز لغرض ما ويتم بوسيلة وهي مواقع التواصل المختلفة وعلى نقطة ضعف لدى الضحية وهي وجود صور او فيديوهات أو حتى ملفات من الممكن أن تؤذي السمعة وتسبب الاحتقار بين الناس أو التهديد بأمر وهمي من أجل تخويف الضحية" . كذلك المادة 433 تحت عنوان القذف والسب وإفشاء السر.
المشكلة تكمن بشكل ادق بالعرف الاجتماعي الذي يرى المرأة مذنبة لمجرد تواصلها عبر الإنترنت، والانكى من ذلك ان سطوة الأعراف العشائرية أقوى من سطوة القانون في بلدنا تجاه المرأة ، الامر الذي يجعلها في موقف الضعيف وحتى ان كانت هي الضحية، من خلال اختراق المواقع الخاصة بها او الوصول للبيانات أوجهل الضحية وفقرها في الثقافة الإلكترونية وغيرها، من هنا يبرز دور الدولة في التعامل مع القضية، وبمساعدة منظمات المجتمع المدني، خاصة التي تعنى بحقوق المرأة، وذلك ببث وعي معرفي عن حقوقها وإقامة ندوات دورية من قبل متخصصين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومختصي علم النفس داخل الجامعات والمدارس، وأخرى عن طريق برامج التلفزيون من اجل اشاعة الثقافة والتدريب على كيفية التعامل مع المشكلة بدون خوف مهما عظمت. كما يتوجب من لجنة المرأة في البرلمان الاهتمام بسن قانون خاص للابتزاز الالكتروني يراعي فيه وضع المرأة في بلدنا، منها سرية المحاكمات، وعدم الإفصاح عن اسم الضحية والتعامل معها بحذر، وتطمين الضحايا لغرض إقامة الشكاوى ضد المذنبين.