مجتمع مدني

مع اقتراب إطلالة العيد .. الأسعار تلتهب والمخاوف من الخرق الأمني تتصاعد

عبد الله عبد الكريم
لم يبقَ على حلول عيد الفطر سوى أيام قلائل، والمواطن العراقي بين فرِح باستقباله أملا بتبديد الأحزان التي أنهكته، وبين قلِق من حدوث خروق أمنية في الشوارع والأماكن الترفيهية، ترغمه على البقاء في منزله هو وعائلته، وتمحق عن شفاه أطفاله بسمة العيد.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد. فقد أحبط ارتفاع أسعار المواد الغذائية والملابس في الأسواق، المواطنين، وأثار استياءهم بعد أن أجهض آمالهم في استقبال العيد بالحلوى والملابس الجديدة، شأن الشعوب المترفة. فأسعار البضائع، التي معظمها مستورد، اشتد أوارها هذه الأيام تحت مبررات مختلفة، ليس آخرها زيادة مبالغ الضرائب والكمرك. فيما يبقى جشع التجار حاضرا في مثل هذه المناسبات.
وألقى جشع التجار والكثيرين من أصحاب المحال التجارية، الذين يستغلون مناسبة العيد لاغتنام مزيد من الأرباح، حجر عثرة في طريق سعادة المواطن الفقير وذي الدخل المحدود، فتملكته الحيرة وهو يسعى إلى رسم البهجة على محيّا أطفاله المحرومين منها تحت طائلة الظرف المعقد الذي يشهده البلد.
(العيدية) تتوارى خجلا!
ولعل التدهور الاقتصادي الذي امتد إلى جيوب غالبية المواطنين، موظفين حكوميين كانوا أم متقاعدين أم كادحين، سيحد من التواصل بين العائلات في هذه المناسبة. فرب الأسرة لا يقوى على دفع (العيدية) إلى أطفال الجيران والأقارب، الأمر الذي يثير إحراجه ويضطره إلى عدم التواصل. وربة البيت لا يأتي في يدها أن (تكشخ) وتبذخ أمام ضيوفها بأطباق الحلوى و(الكليجة).
وبهذا الصدد يقول المواطن علي حمد، انه يتحاشى زيارة أقاربه خلال أيام العيد. فراتبه التقاعدي يعجز عن تغطية متطلبات المعيشة التي تزداد باستمرار، فكيف به أن يسمح له بمنح أطفال أقاربه (عيدية) يترقبونها منه بصبر جميل!؟
الجشع يوحد التجار!
المواطن عمر جليل يشير إلى ان غلاء الأسعار بدأ مع حلول شهر رمضان. وقد شمل ذلك المواد الغذائية والخضار والملابس، مضيفا ان "التجار الجشعين يعمدون إلى زيادة أسعار بضائعهم في المناسبات، وأحيانا يبرمون اتفاقات في ما بينهم ليوحدوا الأسعار، فيقع الحمل ثقيلا على كواهل الفقراء والمعوزين، الذين يضطرون إلى الشراء ليواصلوا حياتهم، بعد أن سدت في وجوههم أبواب (الرخص) كلها".
ويرافق أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، تذبذب توزيع مفردات البطاقة التموينية، أو غيابها من الأساس، ما يدفع المواطن إلى شراء السكر والدقيق والزيت من الأسواق المحلية بأسعار مرتفعة، ليصنع حلوى العيد – على حد ما ذكره عامل البناء ليث محسن.
ويضيف محسن ان ارتفاع أسعار المواد الغذائية والملابس في الأسواق، ينشط نتيجة غياب الجهات الرقابية الحكومية، وعدم تحديد الأسعار بصورة رسمية.
وتعبر المواطنة علياء جعفر عن الاستغراب الذي أحاق بها، حينما دخلت السوق لابتياع ملابس العيد لأبنائها الأربعة. فقد وجدت الأسعار لا تتناسب إطلاقا ودخل زوجها الكادح. تتساءل علياء "هل أحرم أطفالي من ملابس العيد، واتركهم متحسرين وهم يشاهدون الأردية الزاهية التي يتزين بها أقرانهم من أبناء العائلات الميسورة!؟".
أسعار دخول الأماكن الترفيهية تشتعل!
وانسحبت زيادة الأسعار أيضا على الأماكن الترفيهية في بغداد والمحافظات، فارتيادها هذه الأيام بات أشبه بالمستحيل بالنسبة للفقراء، وحول هذا الأمر يتساءل المواطن سعد جبار متحسرا "ترى أين تولي العائلات وجوهها وأطفالها في العيد، طالما أن أسعار تذاكر دخول المتنزهات العامة ومدن الألعاب، ارتفعت، ووصل سعر التذكرة الواحدة في بعضها إلى 2000 و3000 دينار، وربما أكثر!؟".
ويضيف جبار ان الأمر لا يتوقف على تذكرة الدخول، فالخدمات في تلك الأماكن هي الأخرى أسعارها مرتفعة مقارنة بمستواها، وهذا يشمل الألعاب والطعام والشراب".
قلق من التفجيرات الإرهابية
أما هاجس الخوف من الخرق الأمني، ومن الإرهابيين الذين يجدون ضالتهم في المناسبات لينفذوا جرائمهم، فقد سرى إلى نفوس الكثيرين من المواطنين، الذين باتوا لا يثقون بالخطط الأمنية، نظرا لما شهدوه خلال السنوات السابقة من عمليات إجرامية راح ضحيتها الكثير من الأبرياء، على الرغم من التحفظ الأمني. إذ يقول المواطن إسماعيل حسن، انه قرر عدم السماح لأطفاله بالخروج من المنزل خلال أيام العيد، حفاظا على سلامتهم، الأمر الذي أهرق دموعهم بعد أن كانوا قد تطلعوا إلى سعادة كبيرة تنتظرهم في المتنزه البسيط القريب من منزلهم، والتي سيحرمون منها شاءوا أم أبوا!
مواطنون كثيرون يطالبون عبر "طريق الشعب"، الجهات الأمنية بالسعي قدر المستطاع إلى أن يكون هذا العيد خاليا من الأحزان، عبر وضع خطة أمنية محكمة، خصوصا في الأماكن الترفيهية والأسواق، لتفوت على الإرهابيين وعصابات الموت أدنى فرصة لتنفيذ عملياتهم الإجرامية.
كما يطالب المواطنون الجهات الحكومية، بوضع رقابة مشددة على أسعار المواد الغذائية والملابس، وإحكام القبضة على التجار الجشعين ومحاسبتهم، وتحديد أسعار الدخول إلى المتنزهات والأماكن الترفيهية العامة، ليتسنى للجميع ارتيادها، فقراء وميسورين.