مجتمع مدني

المؤتمر الثاني للنساء المدنيات .. توحيد الجهود والرؤى ومواصلة النضال من أجل الإصلاح

انتصار الميالي
انعقد هنا، السبت الماضي المؤتمر الثاني للنساء المدنيات تحت شعار (يا ابنة العراق انهضي) وشارك فيه أكثر من 300 ناشطة من بغداد والمحافظات. وناقش المؤتمر دور المرأة في الحراك الاحتجاجي والواقع القائم والتحديات والآفاق، فضلا عن الجوانب السياسية والتشريعية والاجتماعية التي تدعم مواصلة الاحتجاج والحراك والاحتجاج نحو تحقيق الإصلاح الشامل في كافة مؤسسات الدولة.
وقد افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني وتكريم ذكرى شهيدات وشهداء العراق، ثم ألقيت كلمة اللجنة التحضيرية. وفتح بعد ذلك باب النقاش حول أوراق ومحاور المؤتمر الأساسية وهي: واقع المرأة السياسي والتشريعي وواقعها الاجتماعي، إضافة إلى عدد من المداخلات التي أغنت الورقتين بعدد من التوصيات والتعديلات، وأوراق اللجان التحضيرية في المحافظات، والتي تضمنت أبرز المشكلات والتحديات التي تواجه النساء فيها وآليات المعالجة.
وتخلل اعمال المؤتمر إلقاء عدد من القصائد وعرض أفلام وثائقية، ركزت على مسيرة النساء في الاحتجاج ضد الانتهاكات بحق ناشطات ونشطاء الحركة الاحتجاجية وحالات الاختطاف. وتلقى المؤتمرون خلال ذلك عددا من برقيات التهنئة من الجمعيات والمنظمات العربية والدولية.
وخرج المؤتمر بعدد من التوصيات ومجموعة من النداءات التي وجهتها النساء المدنيات إلى أحرار العراق (نساءً ورجالا) للحد من خطاب الفتنة والكراهية، والى الحكومة والبرلمان حول مجموعة من مشاريع القوانين التي من شأنها إن تلعب دوراً مفصلياً في حياة المرأة بشكل خاص والأسرة والمجتمع بشكل عام.
وأنهى المؤتمر أعماله بكلمة ختامية، فيما أعربت النساء المؤتمرات عن تمنياتهن بالنصر لقوات جيشنا البطلة بكافة صنوفها في معركتهم مع الجماعات الإرهابية ولتخليص البلاد من الإرهاب والإرهابيين وستعادة الأمن والسلام.
وكان من أهم التوصيات التي خرج بها المؤتمر الثاني للنساء المدنيات، "توحيد جهود وعمل منظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا المرأة، والتنسيق والعمل على توزيع الأدوار والمهام وفق التخصص، والضغط باتجاه خلق رأي عام مؤثر وقادر على التعبير عن مطالب النساء، فضلا عن إعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات لضمان مشاركة أوسع لأطياف المجتمع بما في ذلك النساء على أسس النزاهة والكفاءة والخبرة، وتعديل قانون الانتخابات من خلال عدم احتساب من تحصل على قيمة المقعد الانتخابي ضمن حساب الكوتا".
وتضمنت التوصية "دعم منظمات المجتمع المدني في برامج التوعية استعداد للانتخابات القادمة، ودعم برامجهم لتمكين المرشحات وبناء قدراتهن سياسياً وإعلاميا، وضرورة تقييم أداء النساء الفاعلات واللواتي يشغلن مواقع عمل متقدمة وتسليط الضوء عليهن ودعمهن"، كذلك "توفير الموارد البشرية والتخصيصات المالية اللازمة في ميزانية الدولة لتطبيق خطة العمل الوطنية للقرار (1325) وتنفيذ برامجها بشكل فاعل، اضافة الى بنود البيان المشترك بين الحكومة العراقية والأمم المتحدة بخصوص جرائم العنف الجنسي المرتكبة من قبل عصابات داعش الإرهابية".
وأوصى المؤتمر ايضا بـ"الإسراع في تشكيل مجلس الخدمة الاتحادي لإعادة النظر في المنظومة الإدارية للدولة على أساس الكفاءة والنزاهة والإخلاص وحب والوطن، ونبذ المحاصصة الطائفية والحزبية في الوظيفة العامة، وإتاحة الفرص لإشراك النساء بنسبة الثلث كحد أدنى في الحكومة ومؤسساتها، وفي رئاسة اللجان البرلمانية، والهيئات المستقلة، وفي لجان المصالحة الوطنية وإغاثة النازحين وغيرها، عملاً بأحكام مواد الدستور 14 و16 و20 و49".
ودعت التوصيات إلى "إشراك منظمات المجتمع المدني والنساء في جميع لجان تنفيذ الإصلاحات، بنسبة لا تقل عن الثلث. كذلك إشراكهن على مستوى المجتمعات المحلية في وضع السياسات والاستراتيجيات الوطنية لتحقيق التماسك الاجتماعي والسلم الأهلي، ومكافحة الإرهاب والتطرف"، مع "الإسراع بسن قانون مكافحة العنف الأسري استنادا إلى المادة 29 من الدستور وقانون تجريم التحرش الجنسي، بالإضافة إلى تشريع قوانين لحماية المرأة والمدافعات عن حقوق المرأة وتفعيل النصوص المتعلقة بحقوق العاملات في قانون العمل لسنة 2016، والغاء الفقرة 2 من المادة 45 في الدستور العراقي".
وعن النهوض بواقع المرأة، أكدت التوصيات على "تشكيل الهيأة الوطنية المستقلة لتمكين المرأة كمظلة رسمية معنية بمتابعة تنفيذ الآليات والاستراتيجيات والخطط الوطنية المعنية بالنهوض بالمرأة، باعتبارها الآلية المناسبة لضمان شراكة مختلف الجهات الحكومية والمؤسسات التشريعية والقضائية، ومنظمات المجتمع المدني والمراكز البحثية ووسائل الأعلام لتحسين واقع المرأة"، ولفتت الى ضرورة "تعديل قانون الأحزاب السياسية وحث الأحزاب والتجمعات السياسية على تطوير برامجها وفقا لمعايير النوع الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، وكذلك بما يضمن تطبيق التمييز الايجابي للمرأة داخل الأحزاب في نسبة مشاركتها، ومنحها الفرصة للوصول إلى المراكز القيادية واتخاذ القرار داخل هياكلها التنظيمية". وشددت التوصيات على "تعديل التشريعات والأنظمة والإجراءات التي تتضمن تمييزاً وعنفاً ضد النساء، وتتنافى مع أحكام الدستور والتزامات العراق الدولية في مجال حقوق الإنسان، ومنها على سبيل المثال قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون الأحوال الشخصية وقانون الإثبات وقانون الاتجار بالبشر، وتعليمات وإجراءات الحصول على جواز السفر وبطاقة السكن، والمعاملات المتعلقة بالجنسية والأحوال المدنية".
ودعت أيضا، الى "تغيير الصورة النمطية للمرأة في الاعلام والمناهج الدراسية التي يغذيها الإرهاب والعنف والفتاوى الدينية المتطرفة والأعراف العشائرية التي تتنافي مع حقوق الإنسان، ودعوة الاعلام إلى وضع برامج مكثفة ومتنوعة تساهم في التوعية بحقوق النساء ودورهن في بناء الديمقراطية والدولة المدنية ونشر ثقافة السلام". بالاضافة الى "تشكيل مجاميع نسوية للضغط وإدانة كل أشكال العنف والتهميش والإقصاء للمرأة، من ضمنها العادات والتقاليد التي تحط من مكانة المرأة العراقية، واستحداث نصوص قانونية رادعة للحد من زواج القاصرات وزواج الفصلية والعادات الاجتماعية البالية والمضرة بالمجتمع".
وعن فرص تعليم لائقة بالمرأة، دعت التوصيات الى "ضمان توفير التعليم الإلزامي والمجاني، وخصوصا للنساء باعتبارهن المحور الأساسي في بناء المجتمع مع وضع برامج لمحو الأمية في المناطق الشعبية والبعيدة". كذلك "تفعيل دور النساء وتوعيتهن وتشجعيهن للانخراط في العمل النقابي والمدني والمبادرة إلى تبني قضاياهن والدفاع عنها عبر وضع آلية لتحسين الوضع الاقتصادي للنساء وتوفير فرص العمل للخريجات والعاطلات عن العمل بما يساهم في التمكين الاقتصادي للنساء والنهوض بواقعهن".
ودعت التوصيات إلى "حث وزارة التربية على تصحيح المناهج الدراسية واستحداث مادة تعنى بالتثقيف بمبادئ حقوق الإنسان، ونشر الوعي بحرية الرأي والتعبير واحترام التنوع الثقافي، وزرع ثقافة تعزز احترام المرأة كانسان وشريك أساسي في بناء المجتمع والبلاد".
وكان للنساء في المناطق المحررة محور في التوصيات، حيث دعت إلى "ايلاء النساء من المكونات والأقليات اهتماما كبيرا ووضع برامج داعمة لتأهيلهن وإبراز دورهن في اعادة إعمار المدن المحررة، وتقديم الدعم الكامل لهن وتعويضهن عن الضرر، وتوفير الحماية لهن لضمان بقائهن في الوطن والحد من هجرتهن ونشر قصص النجاح المميزة لبطولاتهن في مواجهة التحديات والإرهاب".
واختتمت التوصيات بالدعوة الى "تشكيل لجنة خاصة بعد المؤتمر وباختصاصات مختلفة، تعمل على التواصل مع الجهات ذات العلاقة في ما يخص توصيات المؤتمر، ووضع خطة عمل لمتابعة محاور عمل المؤتمر مع الإضافات والمقترحات والتوصيات، وتشكيل لجان متخصصة لمتابعة تنفيذها ومعالجة المخاطر والتحديات لتحقيق الأهداف المرجوة".