مجتمع مدني

المؤتمر التاسع لاتحاد الطلبة العام.. الواقع والرهانات / حيدر ناشي آل دبس

في ظل ظروف عصيبة تمر على بلدنا من تدهور الواقع الأمني والسياسي، عقد اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق مؤتمره العام التاسع، ورفع شعار (إصلاح النظام التعليمي وضمان الحريات الديمقراطية).
إن إقامة المؤتمر في هذه المرحلة ما هو إلا دليل على إصرار طلبة العراق على تقدم المسيرة التعليمية وتخليصها من الشوائب التي لحقت بها بسبب النزعات الطائفية من قبل القائمين على إدارة الدولة العراقية.
عقد مؤتمرنا وكلنا أمل بانطلاقة جديدة وحقيقية نحو عمل طلابي يسعى الى إصلاح نظام التعليم الذي أصابه الوهن جراﺀ المحاولات المستمرة من قبل المهيمنين على سلطة القرار التربوي في العراق وتحجيمه وتسييسه وخوض الصراعات فيما بينهم من اجل السيطرة على جموع الطلبة وكسبهم في معاركهم الانتخابية. فواقعنا مرير وعملية النهوض به تحتاج إلى تكاتف وتعاضد الجهود، نحتاج إلى وحدة الموقف تجاه نقص الخبرات في الكادر التدريسي فأساليب التعليم المتطورة وصلت إلى مراحل متقدمة في بعض البلدان مما انعكس إيجابا على منظومة التفكير الجمعي عموماً?والطلابي خصوصاً، ونحن لازلنا نستخدم أسلوب التلقين الذي عفا عليه الزمن، نحتاج الى وحدة الكلمة تجاه المناهج غير العلمية والتي تدرّس في كافة المراحل والتي كرست نزعات الفرقة والخصومة بين الطلبة، فتفضيل دين على آخر وطائفة على أخرى له انعكاسات سلبية على العملية التربوية في البلد وسيؤدي الى إنتاج أجيال تحمل قيم التعصب ورفض الآخر المختلف، نحتاج في هذه الفترة الى جهد حثيث في سبيل الضغط لتحسين واقع أبنية المؤسسات التعليمية ومنها الأقسام الداخلية التي تفتقر إلى ابسط الشروط الصحية للسكن.
ولابد من الإشارة إلى مراكز البحث العلمي التي أصبحت ديكورات فقط وأسماء دون مسميات لا تحتوي على مستلزمات النتاج العلمي الذي نطمح إليه، ولا ننسى الفساد الإداري والمالي الذي أصبح مؤسساتياً واخذ ينخر في كل مفاصل الدولة ومنها مفصل التعليم، فالمشاريع المتلكئة والتعيينات التي اعتمدت المحاصصة والرشى طريقاً في الوصول الى سلطة القرار التربوي، كان لها النصيب الأكبر في التدهور الحاصل والذي أفضى الى هذا الواقع المزري.
كل هذا وغيره دعانا أن يكون شعارنا للمرحلة القادمة هو (إصلاح النظام التعليمي...) لما يشكله من أهمية في تحقيق الطموحات التي نهدف إليها.
وعبر المؤتمر عن ضرورة إطلاق الحريات في شأن تأسيس الاتحادات والروابط الطلابية داخل المؤسسات التعليمية، فما يتعرض له الطلبة من تضييق مستمر من قبل إدارات هذه المؤسسات يحتم عليهم أن ينخرطوا في اطر تنظيمية تدافع عن حقوقهم وتمثلهم بشكل مهني دون الانزياح تحت مظلة احد أو وصاية جهة ما.
وللحريات الديمقراطية مفهوم أوسع اجتماعياً إذ تمنحهم القدرة على ترسيخ لغة الحوار على المستوى الجمعي ما ينعكس إيجابا على تعاملهم في الشارع أو الأسرة وغيرها، فالأهمية التي أولاها المؤتمر للحريات الديمقراطية تأتي من تجارب أخرى نضجت وقطفت ثمار ما عملت من اجله بوصولها الى مواقع متقدمة في سلم التطور الإنساني.
ومن خلال الديمقراطية يمكن أن تتوسع قاعدة المشاركة السياسية والاجتماعية ونهيئ لمجتمع فاعل ينهض بأعباء إعادة بناء منظومة القيم الاجتماعية التي أصابها العطب جراﺀ سياسات سابقة ألقت بظلالها على حاضر ومستقبل بلدنا.
فالديمقراطية مطلب وطني عام له من الضرورة ما يجعله ملازما لمطالبنا الطلابية لاعتقادنا انه بدون الديمقراطية لا تتوفر ابسط مطالبنا التي نسعى إليها ونطمح أن نحققها في أسرع وقت ممكن.
لذا جاءت أهمية شعارنا في مؤتمرنا العام التاسع في (... ضمان الحريات الديمقراطية) . إذا وفي هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا المعاصر تقع على عاتقنا نحن الذين تصدينا للعمل الطلابي من خلال اعرق منظمة طلابية في العراق صاحبة الحضور الأبرز على المستوى الوطني والعربي والعالمي مهمات كبيرة أولها تعريف جمهور الطلبة بحقوقهم وكيفية الدفاع عنها والوقوف صفاً واحداً بعيداً عن التخندق الفئوي والطائفي والحزبي، وصياغة الشعارات والمطاليب بما يتناسب مع واقع البلد الموضوعي والابتعاد عن التطرف في الطرح، وكذلك الترفع عن الصغائر والا?تعاد عن المناكدات والمشاحنات والتي تخلق جواً مكهربا يسهل اختراقه وتفتيت لحمته، ولابد من إيجاد الطرق والأساليب التي تنسجم مع طبيعة المؤسسة التعليمية المعينة والانطلاق من خصوصيتها لتحقيق ما نهدف إليه.
كثيرة هي المهام القادمة رغم المصاعب التي تواجهنا ومنها عدم منحنا إجازة العمل الطلابي من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء وفرض تقييدات على اتحادنا والتزامات غير قانونية نبعت من سياساتهم العوجاء التي ترتبط مع طبيعة تكوينهم ومرجعياتهم الفكرية المعتمدة على الإقصاء والتهميش، وقد اثبت اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق صموده وإرادته التي لا تلين باستمراره على طريق النضال في سبيل حياة طلابية حرة ومستقبل أفضل.