مجتمع مدني

بيان شبكة المستقبل الديمقراطية العراقية بمناسبة الذكرى ( 65 ) للإعلان العالمي لحقوق الإنسان

يحتفل العالم بمرور ( 65 ) عاما على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر/ كانون الأول 1948 والذي تضمن ثلاثين مادة جرى استكمالها بوثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في سنة 1966 وتشكل الوثائق الثلاثة معاً ما يسمى «لائحة الحقوق الدولية» ويحظى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود والبرتوكولات المرفقة في الوقت الحاضر من الناحية الرسمية أو النظرية بمصادقة جميع البلدان (مع وجود تحفظات لدى البعض إزاء بعض البنود) في العالم ولايزال بالنسبة للعشرات منها، وغالبيتها من الدول العربية والإسلامية، بين التصديق الرسمي (الشكلي) على تلك الاتفاقيات والعهود وبين التطبيق العملي لها على أرض الواقع.
وقد تعرض العراق لانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان والشعوب، نذكر من بينها سياسة الحصار الدولي الذي قادته الولايات المتحدة والذي عانى من ويلاته وذهب ضحيته مئات الآلاف من الشعب العراقي إبان النظام الدكتاتوري السابق ، ناهيك عن إفرازات الغزو الأميركي للعراق تحت ذرائع وحجج مختلفة والذي ذهب فيه عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين من جراء العمليات الحربية والغارات الجوية ، وإثر احتلال العراق وماجرى من عمليات تدمير ونهب منظمة للممتلكات العامة، ولتراث العراق وكنوزه الحضارية تحت بصر قوات الاحتلال، كما جرى العمل على تفكيك مقومات الدولة العراقية وهياكلها الإدارية الموحدة، وبدأ التعامل مع الشعب العراقي من خلال نظام المحاصصة بصفته طوائف ومكونات طائفية وإثنية في ظل ذلك الفراغ المفاجئ ، وغياب المجتمع السياسي والتقاليد المدنية التي سبق ودمرها النظام الديكتاتوري ، والتي مهدت الطريق للاصطفافات الفئوية ( الطائفية، الدينية، المناطقية، العشائرية، الإثنية) ولتكريس الصراع الشرس بين تلك المكونات، ما كان ينذر ولايزال بتقسيم العراق وشعبه، وما أفرزه من مخاطر جدية على الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في العراق وبلدان الجوار والمنطقة برمتها من جراء تصاعد حدة تلك الانقسامات والاصطفافات الطائفية. مما أدى نتيجة كل هذه التداعيات إلى مقتل وإعاقة قرابة مليون عراقي وتشريد أكثر من مليون عراقي داخل العراق وقرابة أربع ملايين عراقي يعيشون في المنافي. ولا يمكن إغفال الدور الإجرامي والتخريبي للتنظيمات الإرهابية والمليشيات الطائفية التي طالت الطوائف والمكونات العراقية كافة من دون استثناء، وبمن في ذلك الأقليات اليزيديون والمسيحيون والتركمان من مناطق مختلفة من العراق. إضافة إلى ما تكشفه التقارير من انتهاكات مرعبة في المعتقلات والسجون إلى جانب الانتهاكات التي يتعرض لها الناشطين في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والصحافة والأعلام ، والذين أصبحوا مستهدفين أيضا.
أننا إذ نتوجه إلى المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق ولكل المنظمات ذات العلاقة بأن تجعل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حقيقة واقعة بالنسبة للجميع، وفي إطار توحيد جهودنا تكمن قوة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، فهو وثيقة نابضة بالحياة تتميز بالمضي في إلهام الأجيال القادمة ، وتبقى مبادئه من السمات الحيوية في أي مجتمع يؤمن بعمل المجتمع المدني ويبغي السير وفق معاييره الصحيحة لبناء وطن متشبع بروح احترام الإنسان وبالمواطنة والمبادرة والاعتراف بالدور الإنساني للفرد لفتح فضاءات للحرية الإنسانية وذلك لأهمية هذا المفهوم ودوره الحضاري في إرساء أوضاع فكرية واجتماعية صحيحة وسليمة ، ولائحة حقوق الإنسان تؤكد أن البشر يولدون جميعا بحقوق متساوية لذا يتوجب على الدولة إن توفر لشعبها العيش الكريم والحياة الآمنة القائمة على أساس العدل والتسامح والكرامة والاحترام بغض النظر عن العرق أو الدين أو الارتباط السياسي أو الوضع الاجتماعي للأفراد والسعي من اجل هذه الحقيقة الأساسية في العراق الجديد.

شبكة المستقبل الديمقراطية العراقية
بغداد
9 / كانون الأول / 2013