مجتمع مدني

ام بشرى..عن ذكريات الشيوعيين بعيد حزبهم / زهرة الخميسي

الرفيقة "أم بشرى".. شيوعية مناضلة، ارتبطت بتنظيم الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 1954، لكنها عرفت الحزب من خلال والدها الشهيد الشيخ حسين الساعدي في عام 1948 بمدينة العمارة، انتقلت إلى بغداد بعد زواجها برفيق دربها الراحل عبد علوان، حيث عملت بصحافة الحزب السرية، مع عدد من الشهداء تستذكر بعضهم والدمعة تقف عند حدود أجفانها، منهم الشهيد صبيح سباهي والشهيد لطيف الحاج.
التقت "طريق الشعب" بالرفيقة نجية شيخ حسين الساعدي (ام بشرى)، فحدثتها الاخيرة عن ذكريات ومواقف عاشتها حين كانت تجري الاحتفالات بذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي في بيوته السرية.
احتفالاتنا خاصة
تقول ام بشرى عن احتفالات الشيوعيين بعيد الحزب ايام العمل السري: كانت احتفالاتنا خاصة بنا، وتقتصر على اعداد طعام متميز وبعض الحلويات. بحكم سرية عملنا وعدم امكانية خروجنا إلى الشارع لم نستطع حتى الغناء بهذه الذكرى العزيزة على قلوبنا، الا اننا وقتها كنا نعاهد انفسنا من اجل العمل لتعزيز تنظيمات الحزب.وتتابع بقولها: في عام 1956 عندما جاءت للعيش معنا عائلة الراحل هادي متروك، وفاجأ زوجته الحامل المخاض في يوم الاحتفال، وكانت مناسبة سعيدة اخرى ضمن احتفالنا.تعود الذاكرة بالرفيقة أم بشرى إلى تأسيس أول لجنة حزبية نسائية عام 1956 بقرار من الشهيد سلام عادل ، حيث ضمت اللجنة كل من الرفيقات (خانم زهدي، أم بشرى، زكية شاكر، ناهدة العبايجي، وثمينة زوجة الشهيد سلام عادل) ، ولأول مرة عام 1957 احتفلت اللجنة النسوية في بيت حسن النهر بعيد الحزب بشكل خاص. بعد نجاح ثورة 14 تموز الخالدة، عدنا إلى مدينة العمارة (الحديث للرفيقة أم بشرى) خلال هذه الفترة لم أحضر إلا احتفالا واحدا بمناسبة عيد الحزب، لكن كانت مناسبة التأسيس بالنسبة لنا حافز لزيارة عوائل شهداء الحزب والسجناء ، كما كنا نقوم بجمع التبرعات لدعم العمل الحزبي. وأود أن اشير إلى قضية ربما يعترض البعض عليها، وهي أننا بعد ثورة تموز المجيدة قررنا التخلي عن لبس العباءات، ليس من اجل التبرج بل من اجل أن نخطو الخطوة الاولى للتحرر الاجتماعي، سيما والكثير من بنات بغداد الجامعيات يذهبن سافرات، فكيف بنا ونحن
معلمات؟
أما الفترة التي اعقبت انقلاب شباط انحسر تماما الاحتفال بذكرى التأسيس، فكان بناء التنظيم الحزبي وترميم ما هدمه الأنقلاب الفاشي، والسعي من أجل اعادة الصلة بالمقطوعين هاجساً أساسياً، لهذا كنا مشغولين تماما بهذه المهمة، فلا اتذكر مرة اننا احتفلنا وقتها بهذه المناسبة.

الشيوعيون يبدعون عندما تتوفر لهم أجواء ديمقراطية

تحدثت الرفيقة أم بشرى عن الاحتفالات في الفترة التي اعقبت قيام الجبهة الوطنية عام 1973 ، والتي كانت عبارة عن كرنفالات للفرح لوجود هامش من الديمقراطية حيث تقول : لقد أخافت احتفالاتنا حكومة البعث ،خاصة الذكرى الأربعين لتأسيس الحزب، حيث انشغلت جميع منظمات الحزب بالمناسبة ، وجرت التحضيرات لها بشكل أذهل أجهزة النظام البعثي آنذاك، وأقيم الحفل المركزي في قاعة الخلد، بعدها توالت احتفالاتنا بالمناسبة في السنوات التالية، فكانت المنظمات الحزبية تتنافس في جمع التبرعات وكسب اصدقاء جدد للحزب، ومما ساعدنا في ذلك هو ما ابدعه الفنانون العراقيون من أغان واشعار تمجد الذكرى، والتي انتشرت بشكل واسع بين ابناء شعبنا العراقي .وتتابع قولها : أسهمت الاحتفالات في البيوت والسفرات بتعزيز هيبة الحزب وزيادة لحمة تنظيماته، وهنا تتدخل ابنتها النصيرة الشيوعية بشرى قائلة : كانت احتفالاتنا تأخذ طابعا وطنيا، فالحزب علمنا حب الوطن والشعب، لهذا لم نخش من الاحتفال بهذه المناسبة، وكنا بالفعل نتبارى في جمع التبرعات وكسب الاصدقاء ونسعى من اجل كسر حواجز الخجل بين الشباب مثلما نقوم بإلقاء المحاضرات عن تاريخ الحزب ونضاله منذ التأسيس.

احتفالاتنا في بلدان الشتات زرعت فينا الامل

تقول الرفيقة ام بشرى عن احتفالات الشيوعيين في ذكرى تأسيس الحزب وهم في بلدان الشتات وقبل سقوط النظام المقبور: أعطتنا الاحتفالات بمناسبة ذكرى تأسيس حزبنا شحنة قوية من أن النظام المقبور لابد أن يزول، وأن تعود الطيور المهاجرة إلى شواطئها، فتقام احتفالات خطابية تساهم بها كل احزاب المعارضة الوطنية إلى جانب حزبنا، مثلما تقام احتفالات فنية حيث يتغنى الشيوعيون بتاريخهم المجيد، تسبقها زيارات إلى عوائل شهداء الحزب خاصة في يوم 14 شباط "يوم الشهيد الشيوعي" وتعقد الندوات التي محاورها سياسة الحزب وتاريخه لهذا فهي بالفعل كانت تزرع فينا أمل العودة لعراقنا.