فضاءات

في فنلندا .. عن الاندماج والحفاظ على الهوية / مروان مصطفى

يعيش في فنلندا حوالي 183 الف مواطن من اصول اجنبية، منهم حوالي عشرة الاف عراقي . وتلاقي موضوعة الاندماج فهما مختلفا عند العديد من ابناء الجالية العراقية، ففي الوقت الذي يعتقد فيه البعض ان الاحتكاك بالثقافة الاوربية قد تهدد هويته وتصهر الاجيال الجديدة في المجتمع الفنلندي فيعترض حتى على استخدام كلمة الاندماج، نجد أخرين كثيرين يدعون للاندماج في المجتمع الفنلندي بشكل حضاري، فيما تدعو الدولة الى بناء مجتمع متصالح متعدد الثقافات، تحمي فيه القوانين حقوق كل مواطن سواء كان من اهل البلاد ام كان وافدا ام مهاجرا..
وفي اطار هذا المسعى، وبالتنسيق مع برنامج تربوي دوري لمركز النشاطات الاجتماعية والثقافية في مدينة كيرافا الفنلندية، (30 كم شمال العاصمة هلسنكي)، قام الكاتب والاعلامي يوسف أبو الفوز بزيارة لبعض من مدارس المدينة للقاء الطلبة الراشدين القادمين الى البلاد من مختلف دول الشرق الاوسط ومنها العراق، والحديث عن تجربته مع الحياة في فنلندا وموضوعة الاندماج والحفاظ على الهوية. وفي لقاء مع صفحتنا حول الموضوع أخبرنا الكاتب أبو الفوز:
ان موضوعة الاندماج "integration" واحدة من الامور التي تواجهها الجاليات الاجنبية في كل بلد مضيف، وصارت نقطة على جدول كل الحكومات الاوربية، فلا يكفي فقط عند القدوم الى بلد له لغة ثانية وثقافة مختلفة والبدء بحياة جديدة، تعلم اللغة فقط بل وأيضاً الانفتاح على البلاد والانخراط في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فيها وفهم قوانينها وعادات وتقاليد شعبها والتعرف على تأريخه وتجربته في التطور. وتبرز هنا موضوعة الحفاظ على الهوية والخوف من الانصهار او التذويب في المجتمع الجديد، هذا الامر الذي يدفع البعض للتوقع او الاختباء خلف خطابات اجتماعية?او دينية تعرقل عملية الاندماج وقد تدفع بالبعض للتطرف، خاصة حين يلتبس مفهوم الاندماج عند البعض مع مفاهيم اخرى يرون فيها تهديدا لهويتهم، وتبرز الكثير من المشاكل في كل اسرة مع قدرة الاجيال الجديدة على الاندماج في المجتمع الجديد بوتيرة اسرع مما يحققها الوالدان. " .
فيما إعتبر الفنان التشكيلي السيد سالار صوفي، والذي يرأس مجلس الجالية الكردستانية في فنلندا، اللغة والعمل، ابرز خطوات الإندماج فقال للصحيفة:
"ان تعلم اللغة الفنلندية واتقانها تشكل الخطوة الاولى للاندماج في المجتمع الجديد، بعد ذلك تكون الخطوة الاهم هي الحصول على عمل والعيش بدخل خاص مستقل عن المساعدات، حيث تتوفر الفرصة للتعرف على الناس والقوانين ومن ثم العادات والتقاليد. لهذا اعتقد ان على الجمعيات العراقية ان تنشط في اطار تشجيع ابناء الجالية ليكونوا عاملين وناشطين ، فالمواطن الفنلندي يحترم الانسان العامل كثيرا ويتجاوب معه ، فيما تعتاش الحركات العنصرية على فكرة كون الاجانب قادمين للبلاد ليعيشوا على حساب العاملين دافعي الضرائب.
من جانبه أشار السيد رياض قاسم مثنى ، رئيس البيت العراقي في فنلندا والذي تأسس عام 1996 كجمعية اجتماعية ثقافية ، الى أن مفهوم الإندماج هدف لأي نشاط تنظمه الجمعية وأكد قائلاً::
" نحن نسعى بل ومطالبون بتنظيم نشاطات ثقافية واجتماعية تشد ابناء العراق من كل الاعمار الى وطنهم وقضاياه الملحة وعاداته وثقافته، ومطلوب منا تقديم اجمل ما يملكه بلدنا من ثقافة وتاريخ للفنلنديين، أي نسعى دائما لتحقق نشاطاتنا الهدفين معاً. ولأجل ذلك مثلا نحن اعضاء في جمعية Sondip وهي مظلة يدخل في عضويتها الكثير من منظمات الجاليات الاجنبية في فنلندا ننسق معها ونتشارك في فعاليات مختلفة لأجل تعزيز روح التسامح الانساني ومفهوم المواطنة. "
ويعتقد السيد دلوفان أيشوا، الناشط في الجمعية الاشورية في فنلندا بان غالبية نشاطات الجمعيات الثقافية تركز على انشداد الاجيال الجديدة الى ثقافتها الام، ويستطرد قائلا:ً
"هناك دورات مستمرة للغة السريانية، ودورات لتعليم التراتيل الكنسية، ايضا نحرص على طقوس احياء السنة الاشورية في الاول من نيسان ، ونحاول دائما اشراك الفنلنديين معنا في بعض النشاطات ليتعرفوا على جوانب من ثقافتنا وعاداتنا، ولنا ايضا نشاطات مشتركة مع جمعيات فنلندية ضد العنصرية."