فضاءات

في لندن.. ندوة عن التحالفات السياسية للحزب الشيوعي العراقي / معن كدوم

 

 

ضمن البرنامج الاحتفالي لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا، بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيسه، اقيمت ندوة عامة مساء الخميس 13 آذار 2014 في غرب لندن، حول "تجربة الحزب الشيوعي العراقي في مجال التحالفات السياسية ودروسها للفترة 1934 – 2014" قدمها الرفيق جاسم الحلوائي، العضو السابق للجنة المركزية للحزب وسكرتاريتها.
بعد ترحيب الرفيق د. رضوان الوكيل سكرتير المنظمة بالرفيق الضيف، قدم نبذة عن حياته السياسية ونضاله المثابر في صفوف الحزب الشيوعي العراقي منذ انتمائه اليه قبل 60 عاماً.
تناول الرفيق الحلوائي موضوعة التحالفات في المراحل التاريخية المتعاقبة للحزب بدءاً من الفترة التي تلت تأسيسه. وأشار الى انه قبل إعادة تأسيس الحزب بقيادة الرفيق فهد لم تكن لدى الحزب تجارب في التحالفات السياسية. فمنذ تأسيسه انعكست عليه سياسة المؤتمر العالمي السادس للأممية الشيوعية (الكومنتيرن) المنعقد في موسكو في عام 1928، حيث تخلى الكومنتيرن عن سياسة "الجبهة المتحدة المعادية للامبريالية"، وتبنّى سياسة "طبقة ضد طبقة"، التي انطوت على موقف انعزالي من البرجوازية الوطنية في البلدان المستعمرة والتابعة. وطرح المؤتمر أمام الأحزاب الشيوعية في هذه البلدان مهمات يسارية انعزالية، وهي مهمة " إنجاز الثورة الزراعية" و" إقامة حكومة العمال والفلاحين"، كخطوة على طريق "ديكتاتورية البروليتاريا". فدعت جريدة الحزب "كفاح الشعب"، في عددها الثالث الصادر في آب 1935، إلى النضال من أجل "تركيز السلطة في أيدي العمال والفلاحين ومن أجل إطلاق الثورة الاجتماعية،بلا تأخير، في كل مجالات الحياة الأخرى وتحرير الناس من أشكال الخضوع المتنوعة". وقد تخلى الحزب عن هذا الشعار بعد أن تخلى الكومنتيرن، في مؤتمره السابع المنعقد في عام 1935، عن سياسة مؤتمره السادس وتبنى شعار الجبهات الشعبية ضد الفاشية والحرب والجبهات الوطنية في المستعمرات.
وأشار الى "لجنة التعاون الوطني" التي كانت أول تحالف سياسي يشارك به الحزب الشيوعي، وهي تجمع يساري، وذلك في تشرين الاول 1947. ولعب هذا التحالف دوراً مهماً في وثبة كانون المجيدة عام 1948 وخاصة في اوساط الطلبة.
بعدها تطرق الرفيق الحلوائي الى تجربة الحزب ومساهمته في لجنة الارتباط التي شارك بها من خلال حركة انصار السلام، وذلك في 17 تشرين الثاني 1952،والتي كانت حصيلة تعاون الحزب الشيوعي العراقي مع القوى الوطنية الاخرى التي ساهمت في اضرابين، كان الأول تأييدا لنضال الشعب المصري، والثاني احتجاجاً على اتفاقية النفط (المناصفة) التي عقدتها الحكومة مع الشركات.
وفي عام 1954 سعى الحزب الى تشكيل جبهة وطنية لخوض الانتخابات البرلمانية التي دعت اليها حكومة ارشد العمري. وأكدت المداخلة على اهمية الدور الذي لعبه الرفيق الشهيد سلام عادل في تشكيل هذه الجبهة حيث كان مسؤولاً عن لجنة العلاقات الوطنية.
وأشار الحلوائي الى مساعي الحزب لتشكيل قيادة موحدة لانتفاضة تشرين الثاني 1956، وكذلك جبهة الاتحاد الوطني التي شكلت منعطفاً مهماً مهّد لانتصار ثورة 14 تموز 1958.
وعرض الحلوائي الظروف التي رافقت تشكيل ما عُرف بـ "الجبهة الوطنية والقومية التقدمية" في 1973، بعد تفاوض طويل وصعب مع حزب البعث. ولكنها لم تدم طويلاً وبدأت تلفظ انفاسها في مطلع عام 1978 في اعقاب التقرير السياسي الذي أصدرته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وتضمن انتقاداً صريحاً لسياسة حزب البعث الحاكم، مطالباً بانهاء فترة الانتقال واجراء انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً دائما للبلاد. وتعرض الحزب الشيوعي إثر ذلك الى حملة قمع دموية فانتقل الى المعارضة والنضال لاسقاط السلطة. ثم تناول الحلوائي تقييم الحزب لتلك التجربة بوثيقة أقرها مؤتمره الوطني الرابع الذي عقد في اواخر 1985. وتوصل الحلوائي الى استنتاج مفاده "ان تحالف أي حزب سياسي مع حزب حاكم في نظام لا يقوم على أسس ديمقراطية مؤسساتية، هو خطأ مبدأي يرتكبه الحزب الغير حاكم، لا بسبب عدم توفر تكافؤ الفرص فحسب، بل لتعذر ضمان استقلال الحزب، وهو مبدأ اساسي في أي تحالف سياسي". كما أكد على الاهمية القصوى للحفاظ على الاستقلالية السياسية والفكرية والتنظيمية للحزب في اطار التحالف، وعلى ضرورة امتداده الى القواعد الشعبية.
بعدها تحدث عن تجربة الحزب الشيوعي في تحالفي (جوقد) و (جود) في فترة المعارضة بالثمانينات، والدروس المستخلصة منها، معتبراً ان تجربة التحالف قد تكون سلبية ايضاً اذا لم تدرس جميع جوانبه قبل اتخاذ القرار. كما تطرق الى تجربة الحزب في "لجنة العمل المشترك" التي خاضها مع قوى المعارضة الأخرى في اعقاب غزو نظام صدام للكويت عام 1990.
وساهم العديد من الحضور بتقديم مداخلات أغنت موضوع الندوة وأكدت الحاجة الى مواصلة النقاش حول ما اثارته من جدل عميق يتعلق بالجوانب الفكرية والسياسية لموضوعة التحالفات وارتباطها الوثيق بالمهمات الآنية التي يواجهها الحزب الشيوعي في الظروف الراهنة ونضاله ضد السياسات الطائفية ونهج المحاصصة البغيض ومن اجل اقامة الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية. وأجاب الرفيق على عدد من اسئلة الحضور، مقدماً المزيد من التوضيحات.
وفي ختام الندوة قدّمت الى الرفيق الحلوائي باقة ورد تعبيراً عن تقدير منظمة بريطانيا لضيفها العزيز ومساهمته القيمة في برنامجها الاحتفالي بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي.