فضاءات

المناضل كريم غالي يتحدث عن مسيرته النضالية / ريسان حسين

ونحن نعيش احتفالات حزبنا الشيوعي العراقي في الذكرى ال 80 لتأسيسه ومسيرته النضالية الطويلة وما قدمته افواج المناضلات والمناضلين الشيوعيين في هذا الدرب الطويل الذي يحكي قصصا قد لا يصدقها السامع او القارئ. في هذا اللقاء التقينا بالمناضل كريم غالي (ابو عزيز) الذي رافق القائد الشيوعي ابو محيسن حتى استشهاده .
عن بدايته يقول في عام 1963 وفي 8 شباط الاسود وما قام به قطعان الحرس القومي والبعثيين الاوباش وما ارتكبوه من جرائم عديدة ومريعة بحق ابناء شعبنا من الوطنين والديمقراطيين والشيوعيين وبسبب المطاردة اختفى في ريف الحي بعض من قيادة الحزب وكوادره. وكان لعشائر الحي ذي السمعة الطيبة في الاصالة والمروءه والذين يكنون كل الاحترام الى الحزب وثورة 14 تموز لأنها انصفتهم ووزعت الاراضي عليهم دورهم في الدعم والاسناد فكان الحزب يبحث عن ناس لهم سمعة طيبة وبالمقابل كان الناس ذو السمعة الطيبة يبحثون عن الحزب وقد وجدت طريقي من خلال بعض العناصر العشائرية ذو السمعة الطيبة الى الحزب ولكوني اعرف المنطقة فقد رافقت الرفاق في العمل التنظيمي والاتصال بالفلاحين وتوسع التنظيم في قضاء الحي ومحافظة واسط في سنة 1967.. وكنا ننفذ مهامنا في المنطقة على ظهور الخيل او مشيا على الاقدام. ننام في النهار في بيوت رفاقنا وأصدقائنا من الفلاحين ونسير في الليل ونلاقي ظروفاً صعبة وأخطار كثيرة وفي احيان مصادمات مع الشرطة وأعوانهم. وكما قلت توسع تنظيمنا وأصبح قضاء الحي اسماً مشهوراً نسبة الى تواجد الشيوعيين في ريفه وكنا نحتفل في مناسبات تأسيس الحزب وثورة تموز في الريف وتعززت لقاءاتنا مع التنظيم في محافظات العمارة والناصرية، وعلى مدى ثلاث حكومات العارف الاول والثاني وحكومة البعث التي جاءت بالقطارين الامريكي والبريطاني وبسبب نشاطي تم حرق بيتي بالكامل ولم اتراجع عن موقفي وقد استشهد عدد من رفاقنا اثناء المصادمات مع الشرطة وكان اول الشهداء ابو قاسم صيدلاني من الكرد الفيلين- ناحية شيخ سعد وسيد جابر ومحمود مصطفى.
وبسبب نشاطنا المتواصل والذي ارعب جلاوزت نظام البعث والذي استطاع ان يزرع عيون من العملاء له في الريف وفي اثناء تواجد رفاقنا في قرى اعكيل في مهمة حزبية طوقت المنطقة قوات من الشرطة والامن جاءت من ثلاث محافظات فدارت معركة مع رفاقنا الذين كانوا يرمون الذهاب الى الناصرية لعمل تنظيمي وكانت المعركة غير متكافئة فاستشهد الرفيق صاحب على سكرتير محلية الناصرية والرفيق ابو محيسن سكرتير محلية واسط ومعهم مجموعة من الرفاق الفلاحين الاخوة هم ماهر ومناور ومشاور كما استشهد الرفيقان خيري جاهل ونجم حسني وهما فلاحان شابان لكن استطاع رفاقنا رغم ان المعركة غير متكافئة من قتل وجرح 80 عنصر من جهازهم الامني. في نهاية المعركة مثلو بجثت الرفيق ابو محيسن لأنهم جبناء.

اين كنت اثناء المعركة وهل اثر استشهاد ابو محيسن ورفاقه على معنوياتك؟

كنت مكلف في واجب اخر.. صحيح القائد الثوري ابو محيسن ترك فراغاً كبيراً لكن الشيوعيين لم يستكينو فهم صناع رجال .. استمرينا مع رفاقنا الذين قادوا النضال ابو فهد فياض مجلي العكيلي وعباس ساجت (ابو ماجد).
ومن الطريف كانت مفرزة الشرطة تتابع خطى تنطيمنا وكانت مفرزة تتكون من 12 خيالا يقودهم ضابط تتعقبنا واخبرنا من قبل الناس الطيبين من اصدقائنا انكم ستتواجهون معهم في حالة استمراركم في المسير , وبشجاعة الشيوعيين ونحن ثلاث رفاق فقط قررنا المواجهة وعندما عرفت المفرزة اننا مصرون على مواجهتم اتجهو الى طريق اخر .
كنا اثناء زيارتنا وتواجدنا في القرى الفلاحية محط اعتزاز الفلاحين وكثيرا مانقوم بحل بعض المشاكل التي تحدث بينهم مثل النهو والنزاع على الارض لان الحكومة لاتبالي في مشاكلهم وفي احد المرات توسطنا بين قريتين كاد ان يحدث نزاعا مسلحا بينهما على الارض وعندما عرفت الحكومة ودوائر الاصلاح الزراعي بذلك قالو لهم لماذا تقبلون ما يفرضه عليكم الشيوعيين فاجابوهم انهم ناس عادلون لا يريدون ان يحدث شرا بيننا وانتم لم تحاولوا القيام بفض النزاع الحاصل على الارض لذلك نحن قبلنا بوساطتهم الا انهم حفظوا دمائنا.
وبسبب الظروف الصعبة التي نعيشها والمتابعة من قبل جهاز الامن وعيون البعثيين طلب مني الحزب الاختفاء بعيدا عن اهلي وعائلتي واختفيت لمدة سنتين لكني لم اكن بعيدا عن الحزب وعندما التقيت بأهلي بعد ذلك كانت امي تبكي فقلت لها لماذا البكاء هل تريدين مني ان اسلم نفسي الى الجبناء البعثيين؟ وقالت لا اريد ان تسلم نفسك لهم ولكني ابكي على شجاعتك.
وفي اثناء الجبهة كان دورنا في الريف صعبا جدا بسبب متابعتنا لاننا اصبحنا مكشوفين والبعث لم يلتزم بتعهداته كنت انا والرفيق صافي امجلي (ابوفهد) من المعترضين عليها.
كانوا مرة يغدقون علينا الاغراءات الكثيرة من المال والنفوذ وعندما كنا نرفض كانوا يتابعوننا ويودعونا التوقيف لعدة مرات ويتصورون اننا نرضخ لهم. وفي احد المرات استدعاني مدير امن الكوت للمثول امامه وكنت موقوفا وكان عنده ضيوف وعندما حضرت الى غرفته وقفت ويداي على خاصرتي فسألني هل انت رامي وتصيب الهدف فقلت له نعم قال لماذا لا تكون جزءاً منا حتى نكرمك ونرجعك الى اهلك فرفضت ثم نادا على السجانين بارجاعي الى موقف قضاء الحي.
واثناء الهجمة التي حصلت على حزبنا عام 1978 يقول كنت اعمل في جريدة الحزب حارسا وكنت اخر واحد فيها ومفتاح المقر الجريدة عندي وبعض الرفاق من العاملين اختفوا ومنهم من سقط بيد الامن وكان فيها اخر ليلة الرفيق عبد الرزاق الصافي والامن مطوق (المطبعة) وخرج الرفيق عبد الرزاق من خلال زفة عرس من الباب الاخر حيث ترك سيارة في باب العرس وخرج من الجهة الاخرى في صباح اليوم الثاني جاءت مفرزة من الامن العامة ومعهم مدير الامن الى المطبعة وكنت موجوداً واخذوا مني مفتاح المطبعة وكانوا يقذفونني بشتائم وكلمات نابية ثم اخذوني الى الامن العامة وبقيت فيها 40 يوما من ضمنها 7 ايام بالتعذيب والتحقيق وطالبوني باعتراف والبراءة وكان احد الضباط يشرف على التعذيب بعد ما يتعب الاخرون ويبقى جالس على الكرسي امامي وكان يطلب الماء من الامن كي يشربه هو، لكنه بعد ما لاحظ عدم وجود منتسب قريبا منه يناولني قدح الماء ويقول اشرب كنت اظنه كان يريد استمالتي لكن قلت هيهات رغم كل الاغراءات وحكمت سنة في سجون البعث في بغداد . ورغم ظروفي المادية الصعبة وعدم وجود معيل لعائلتي وما تعرضت له في تلك الفترة اضطررت الى الرجوع الى الريف والعيش هناك وبقيت اواصل اخبار الحزب والرفاق رغم الظروف الصعبة وخصوصا بعد الهجمة التي نظمتها قطعان الامن والجيش الشعبي . انا الان رغم ظروفي الصحية جزءاً من الحزب وملتزم بالحضور الى المناسبات والاحتفالات في مقر الحزب والشي الآخر الذي افتخر به هو ان اثنين من ابنائي انتظموا في صفوف الحزب وهما طلعت وهند.