فضاءات

برهان الشاوي يضئ ليل مالمو/ فاضل زيارة

 

 

 

 

ضمن الموسم الثقافي للجمعية الثقافية العراقية في مالمو، كانت استضافة الاديب برهان الشاوي طفرة نوعية في مجال الادب كما هو في مجال الفلسفة والسياسة والاعلام وفي اشكاليات الثقافة العراقية وافاقها.
قدم للمبدع برهان في هذه الامسية التي شهدت حضورا متميزا من الجالية العراقية. الزميل الدكتور ابراهيم الخميسي حيث استعرض مراحل حياة الاديب وما مر به وما انتجه من ابداع، واكد على انه كان مهووسا في البحث بتقديم شئ جديد. انه شاعر يكتب رواية وهو مغاير لما هو مطروح، ليس في بناء الرواية وانما في تحويل جوهر ما معروف في الكتابة الروائية حيث ان الكاتب يقنع القارئ على ان ما يحدث في النص قابل لان يكون في الواقع لكن برهان فعل العكس في كل رواياته اذ انه يحاول ان يقنع القارئ بان الواقع الذي يكتب عنه فنتازي.
تدفق علينا برهان وهو في سن الرابعة عشر شعرا واشبعنا بالرواية واشكاليات الثقافة وهو في النضج.
ما بال هذا البهي الجميل
لا يرشق الشرفة بالازهار
ولا يغني تحت شباكنا
ولا يفيض الحزن في القيثار
ما اوحش الشرفة من دونه
ما اوحش الاشجار
يقول برهان ان قصائدي تمثل صرخة الرفض لكل اشباح الظلام. انه شاعر قبل كل شئ ويتعامل مع كل الاجناس الابداعية الاخرى بروح الشاعر التي تتجذر في داخله وتشكل اعماقه وحسه وذائقته الجمالية.

ان كتابة الرواية عنده قدر وليس اختيار وهو لا يذهب الى الشعر بل هو دائما في انتظاره. ان الحيرة من كثرة الاسئلة لم تجب عليها القصيدة فوجد ان الرواية هي من تجيب عن كل ذلك وان الاسى الذي مر به في مشرحة بغداد هو من توجه به نحو الرواية.
كان الحضور امام مقاتل حقيقي ومثقف حقيقي، حيث قادنا بعقله ثم بقلبه نحو مشرحة بغداد ومتاهاته المتعددة التي هي متاهاتنا نحن في الحياة، كما اشار الينا بحس الطبيب الجراح وهو يمر عبر متاهاته بتشخيص امراض المجتمع العراقي كالطائفية والقتل على الهوية والتشوه الذي اصاب بنية المجتمع العراقي والفرد على حد سواء، ففي متاهة ادم استطرد من الحب الى الحيرة في الخيار، وشخص فيها موضوع زنا المحارم، وفي متاهة حواء كانت الخيانة وفي متاهة قابيل سؤال بين الواقعية والحلم، انها رحلة الإنسان في متاهات الحياة. وتترى المتاهات لتكون نصوصا تروي قصص عذابات الإنسان العراقي وتمزقه، كما تصف الخراب والتشوه والموت الذي عم المجتمع العراقي برمته.
وفي هذا وذاك وفي كل انجازاته يثبت لنا الدكتور برهان بأننا لسنا بحاجة الى التخلي عن الواقع ولا الخيال في حياتنا ولا في فننا.
شكرا للمبدع برهان الشاوي الذي جعلنا نعيش التجارب الإنسانية لا بالفكر وحده بل بالانفعال والحس والأحلام، وشكرا للهيئة الإدارية للجمعية الثقافية العراقية وسكرتيرها العزيز عصام الخميسي حيت الجهد والمثابرة في تقديم ما يصب في خانة الإبداع العراقي وهو كثير جدا، وشكرا للحضور الكريم الذي صفق إعجابا وساهم بهدوء ورغبة في طرح كل ما هو مفيد وشيق.
باقة ورد ملونة تحمل عطر العراقيين الشرفاء وجمال ارض الرافدين للدكتور الفيلسوف برهان الشاوي.