فضاءات

ندوة في لندن : التنوع الطائفي العراقي بين مطرقة فشل النخب المتنفذة وسندان الإرهاب / عبد جعفر

إبادة التنوع الطائفي والإرهاب في العراق، كان عنوان الندوة التي أقامتها منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا، يوم 21-9 / 2014 في كنسية ريفر كفورت في همرسمث غرب لندن، وشارك فيها الكاتب ناظم ختاري والدكتور ماجد الياسري.
وفي تقديمه أكد الدكتور رضوان الوكيل بعد ترحيبه بالضيوف، أن ندوتنا تتزامن مع اليوم السلام العالمي، الذي أقرته الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1981، وهي مفارقة نشير فيها الى ما يتعرض فيها الأمن والسلم الأهلي في العراق من عنف وقتل ودمار بفعل إرهاب داعش وحلفائهم من بقايا البعث الصدامي، بالاضافة الى تصاعد النزاعات الطائفية المقيتة وتبعاتها الكثيرة والمتعددة.
وأشار الى ما يتعرض له ابناء الاقليات القومية الأصيلة في العراق من حملات ابادة التي تعد جريمة ضد الإنسانية وجريمة إبادة جماعية.
وشدد أن الحزب الشيوعي العراقي سبق وأن حذر منذ فترة طويلة من مخاطر السياسات الطائفية ونهج المحاصصة الطائفية والأثنية والفساد، الذي دفع ويدفع بالعراق الى شفير الهاوية ويعرض شعبنا الى المزيد من الكوارث، ومن ضمنها مخاطر الحرب الأهلية.

جهات عديدة وراء إبادة الأيزيديين

وفي مداخلته الشيقة خصص الكاتب ناظم ختاري، مداخلته عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية لإتباع الديانة الأيزيدية. وقد اعطى في البداية خلفية تارخية سريعة عن الديانة الأيزيدية ومعتقداتها، حيث يبلغ تعداد إتباعها مليون إنسان منهم 600 الف نسمة في العراق، و قلت اعدادهم بسبب المذابح التي تعرضوا لها وهي كثيرة، أو اجبارهم على تغيير دينهم، ثم تناول وضع الأيزيديين في ظل الحكومات العراقية المتعاقبة، وتعرضهم الى التهميش والتمييز والأقصاء في كل المجالات، كما تعرضوا أيضا الى عمليات تشريد واسعة من العديد من قراهم وسلب ممتلكاتهم وقتل ابنائهم على قوات الجيش العراقي والجحوش و العشائر العربية الجارة وبدعم مباشر من قبل الأنظمة الشوفينية، وكان هو شخصيا أحد ضحايا هذه العمليات. موضحا على سبيل المثال تدمير 150 قرية لهم عام 1975 في سنجار وحدها و50 قرية في تلكيف وشيخان وسمبل.
وحول اوضاعهم ما بعد 1991 اوضح ان قسما من مناطقهم التي كانت ضمن الملاذ الآمن مثل سنجار وتلكيف وغالبية مناطق شيخان حسب قرار الامم المتحدة 688 فتوفرت لهم الحريات، واستطاعوا من خلالها ولأول مرة في تاريخ العراق، من تأسيس جمعية اجتماعية ثقافية خاصة بهم، تحت اسم المركز الثقافي والاجتماعي لالش. ولكن على صعيد الخدمات ظلت هذه المناطق مثل المناطق الاخرى التابعة للحكومة المركزية تعاني الاهمال والتهميش وجرى ابعادهم من احتلال مواقع تتناسب مع دورهم الحقيقي والتضحيات التي قدموها خلال مسيرتهم ضمن صفوف مختلف الأحزاب وكذلك البيشمركة.
وبعد التغيير عام 2003 تعرضت مناطقهم لهجمات ارهابية كثيرة منها عام 2007 أذ جرى الهجوم على اهم المؤسسات الأيزيدية داخل مدينة شيخان من قبل جماعات اسلامية مرتبطة بقوى كردية متنفذة، بالاضافة الى جانب تدمير مجمعي كرعزيز وسيبا شيخ بشكل كامل اذ راح ضحيتها ألف مواطن بين شهيد وجريح.
وفي معرض تناوله أوضاع الأيزيديين بعد العاشر من حزيران، تاريخ احتلال داعش لمدينة الموصل، أوضح أن الامر كان متوقعا اذ سبق وأن هدد الإرهابي أبو بكر البغدادي بإبادة الأيزيديين عام 2007 باعتبارهم كفرة مارقين. واشار انه على الرغم من معرفة حكومة كردستان بالهجوم انسحبت قوات البيشمركة من دون اطلاق رصاصة واحدة، وتم ترك اهالي سنجار وغيرهم يتعرضون الى عمليات القتل الهمجية، وكشف أن عشائر الخاتونية والجحشية وبعض ابناء من عشيرة البو متيوتا العربيتين، بالاضافة الى العشائر الكردية السرحوكية و التاتان والشرابية و إيسارا كانت مساهمة في اعمال داعش الاجرامية وفي نهب ممتلكات الايزيدية.
واوضح انه لم تقدم اي مساعدة لابناء المناطق المكنوبة المقاومين للقوات الارهابية، رغم وجود تشكيل مجلس عسكري لهم وتحقيقهم انتصارات في تحرير عددا من البلدات.
وكشف أيضا ان حوالي الف عائلة عالقة في جبل سنجار، وأن هناك 400 الف نازح يتوزعون على مدن دهوك وزاخو والعمادية وغيرها من المدن الكردستانية يفترشون الارض في الطرقات وهياكل الابنية والخيم بينما يعيش القسم الاخر في العراء.
وطالب بإجراء تحقيق دولي في جريمة الابادة الجماعية والاعتراف الدولي بعملية الجينوسايد وأن يتحمل المجتمع الدولي كافة الالتزامات القانونية المرتبطة بذلك.
وكذلك توفير حماية دولية وحكم ذاتي في منطقة سنجار وسهل نينوى للاقليات المسيحية والايزيدية والشبك، وتسهيل الهجرة لمن يرغب في مغادرة البلاد وخاصة من عوائل الضحايا.

داعش الشكل الشرقي للفاشية الطائفية

تناول الدكتور ماجد الياسري موضوعة الأديان في العراق وتداعيات الوضع السياسي والأمني الحالي، موضحا أن العراق شهد تعايشا ومنذ القدم، للأديان والمذاهب العديدة التي توطنت في مناطق جغرافية مختارة و معينة من العراق، هذا النسيج المتنوع يعد مصدر قوة وعمق، على الرغم من استهداف الطوائف الدينية و تكريس نهج استهدافها، خصوصا في فترة الأزمات و الحروب.

وأشار الى أن التجييش الطائفي، ليست بعيدا عن الصراعات في قمة السلطة الحاكمة.

وأضاف:ان ماهو جديد هو داعش التي خرجت من رحم القاعدة و نشطت في جذب عراقيين أنتموا سابقا للبعث أو من أبناء المناط الغربية المتضررين و من سياسات الحكومة.
ما يميزها هو سعيها لإقامة دولة الخلافة على اساس ايديولوجي مستمد من النموذج السلفي للخلافة، ويلاحظ ان أسلوبهم و آلياتهم للتنظيم الاجتماعي يشرعن التطهير الديني و العرقي الذي يعتمد على نظرة شمولية بربرية تتعارض مع ابسط حقوق الانسان.

وداعش هي الشكل الشرقي للفاشية الطائفية الجديدة بعد فشل الفاشية القومية العربية.
لقد بنت داعش و نجاحاتها على أرضية فشل النخب السياسية المتنفذة في بناء دولة عراقية اتحادية ناجحة و فاعلة على الرغم من توفر الإمكانات الموضوعية البشرية و المادية و بسبب قصور الرؤية و الخبرة مع عصابات الجريمة المنظمة ، بل و الأخطر تفريطها بروح المواطنة العراقية مقابل مشاريع تفكيكية.

وأوضح أن هناك لغطا كبيرا، تؤسس له كتب و مقالات ان العراق كيان مصطنع جغرافي و ليس سياسيا، تكون عقب اعادة اقتسام غنائم الحرب العالمية الاولى، والهدف من هذا هو تفتيت البلدان العربية علن اساس دويلات طائفية و أثنية، متغافلة البعد التاريخي لها.
مؤكدا على فشل الاحتلال و الأحزاب السياسية المتنفذة في بناء دولة عراقية اتحادية ناجحة تعتمد على مبدأ المواطنة و قادرة على بناء اقتصاد وتنمية. وهو في حقيقته يعكس الصراع المحتدم بين فئات صاعدة تحتكر النفوذ و السلطة و الثروة و أغلبية مسحوقة تفتقر الى ابسط مقومات العيش.
واشار الى أن استهداف الموصل من قبل داعش و حلفائها ليس مفاجئا أو سراً بسبب تواجد الحاضنات لهم حيث جرى تحت أنظار الادارة المحلية وأجهزتها.

وشدد أن مواجهة التحديات تتطلب تعاونا و تكاملا بين الرئاسات الثلاث، التي أمامها فرصة لا تعو ض لتتجاوز مستوى المرحلة السابقة و مايترتب على ذلك من خطوات لاحقة لتثبيت شرعية مؤسسات الدولة و القضاء.
و الإهتمام بالجهد الأمني و العسكري لمواجهة الارهاب عبر اختيار قادة أكفاء و مهنين ، و الاستفادة القصوى من الدعم الدولي الذي يجب أن يكون على أساس قانوني و شرعي، والعمل على توطين وإغاثة ودعم النازحين.

وقد أثارت هذه الندوة المهمة التي حضرها حشد غفير من ابناء الجالية العراقية، اسئلة وحوارات عديدة.