فضاءات

المواطنون يواجهون حريق الأسعار.. والتجارة: وظيفتنا "التموينية" فقط! / نور الدين حسن

"الفقير منين يجيب"، عبارة قالتها امرأة كبيرة في السن الى بائع مواد غذائية في سوق بغداد الجديدة، أثناء قيامها بالتسوق لمائدة شهر رمضان المبارك.
كانت أم عباس متفاجئة من ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وتكرر عبارتها عند كل بائع تقف عنده لشراء احتياجاتها المنزلية، غير أنهم لم يستطيعوا أن يعطوا إجابة واضحة عن أسباب ارتفاع الأسعار سوى تعليلهم بأن باعة الجملة هم الذين رفعوا الأسعار، أو يجيبون أم عباس بعبارة "الفقير اله الله يا خالة".
تقول أم عباس، وهي امرأة في العقد الخامس من عمرها، إن "الأسعار زادت في يوم وليلة"، مؤكدة أنه "قبل أيام كنت أتسوق نفس المواد وكانت الأسعار معقولة".
وتردف أم عباس لـ"طريق الشعب" أمس الأربعاء، بالقول "ما ادري شنو اللي صار حتى تزيد الأسعار"، مبينة أن "المتقاعد راتبه ثابت والأسعار تزداد وماكو زيادة بالرواتب".
وشهدت الأسواق في معظم المدن العراقية ارتفاعا كبيرا في أسعار المواد الغذائية مع حلول شهر رمضان، الأمر الذي اضطر المواطنين إلى التبضع والحصول على حاجيات رمضان خوفا من استمرار ارتفاع بعض المواد الغذائية التي وصلت اسعارها إلى حد غير مقبول، متهمين وزارة التجارة بالتقصير على خلفية عدم قدرتها على توفير مفردات البطاقة التموينية.
من جانبه، يؤكد سالم رزاق (32 عاما) ويعمل بائعا للمواد الغذائية، أن "الزيادة في الأسعار أتت بسبب ارتفاع أسعار المواد في أسواق الجملة، ونحن باعة المفرد نضيف نسبة بسيطة على سعر المادة".
ويوضح رزاق في حديثه لـ"طريق الشعب" أمس أنه "حين نذهب للتسوق نجد ان أسعار البضائع ارتفعت وحين نسأل عن الأسباب لا نجد جوابا حتى عند التاجر".
من جهته، يتوافق حسين في حديثه مع "طريق الشعب" أمس، مع ما ذهب إليه زميله سالم رزاق، لافتا إلى أن "ارتفاع الأسعار شمل الخضراوات والفواكه وحتى بعض المواد التي يتم الإقبال عليها فقط في شهر رمضان".
ويبين حسين (35 عاما) ويعمل بائعاً للخضر أن "ارتفاع الأسعار يأتي متزامنا مع المناسبات والأعياد، وهذا ليس عذرا كافيا لزيادة الأسعار بهذا الشكل"، منوها بأن "باعة المفرد أمثالنا لا يستفيدون من ارتفاع الأسعار لأن هامش الربح الذي نضيفه هو ثابت في حال انخفضت أو ارتفع سعر المادة".
من ناحيته، يفيد مصدر مسؤول في وزارة التجارة بأن "الوزارة غير معنية بارتفاع الأسعار أو متابعة السوق وما يجري فيه من تقلبات، ولا يمكن للوزارة أن تفرض رقابة على مؤشرات الأسعار".
ويلفت المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لـ"طريق الشعب" أمس، إلى أن "مهمة وزارة التجارة تنحسر في البطاقة التموينية وإصدار تصاريح الاستيراد".
وحين تم سؤاله عن متابعة تصاريح الاستيراد بين أن "مهمة الوزارة تنتهي عند إصدار تصاريح الاستيراد فقط ولا يمكنها متابعة المواد المستوردة".
وحول الجهة المسؤولة عن متابعة التسعيرة، ينفي المصدر علمه بوجود "جهة تأخذ على عاتقها مهمة إصدار تسعيرة ثابتة للمواد الغذائية، ومتابعة التزام منافذ البيع (الجملة والمفرد) بهذه التسعيرة".
وفيما يلقي مواطنون اللوم على وزارة التجارة، لعدم قدرتها على توفير مفردات البطاقة التموينية، الأمر الذي تسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية، يكشف إبراهيم الركابي عضو اللجنة الاقتصادية النائب عن التحالف الوطني، عن وجود تحديات كثيرة تواجه عملية توزيع مفردات البطاقة التموينية وإيصالها إلى المواطن.
ويقول الركابي ان "هناك تحديات كثيرة وصعوبات حالت دون السيطرة على عمليات توزيع مفردات البطاقة التموينية من قبل وزارة التجارة، بالإضافة إلى تلكؤ بعض الشركات الأجنبية المجهزة لبعض مواد البطاقة".
ويضيف أنه "تمت استضافة وزير التجارة والوقوف على أهم المعوقات، وتم اقتراح توفير خزين غذائي إستراتيجي ليكون بديلاً عن المفردات غير المتوفرة"، منوها بأنه "سيكون هناك اجتماع آخر معه لاقتراح آليات وتعليمات جديدة لعملية توفير المفردات وللوزارة حرية الاختيار".
ويوضح ان "عملية نقل السلع ليست سهلة وتحتاج إلى أسطول نقل جيد يوصل المواد إلى المخازن والوكلاء بشكل صحيح".
وحاولت "طريق الشعب" الاتصال بالمكتب الإعلامي لوزارة التخطيط، لبيان رأي الوزارة، حول مسببات ارتفاع أسعار المواد الغذائية وعن الجهة المخولة بإصدار التسعيرة، لكن لم ترد على جميع الاتصالات.