فضاءات

أرصدة العراق الخارجية "على المحك" / ناطق محمد

بعد قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي قضى بإخراج العراق من طائلة الفصل السابع، طفا على السطح الحديث عن مدى تمكن العراق من الحفاظ على أرصدته الخارجية التي من المرجح ان يتم رفع الحظر عنها خلال الفترة المقبلة.
ويبرز قلق المراقبين باتجاهين؛ الأول، هو في ما إذا استطاعت الحكومة العراقية حماية هذه الأموال من دعاوى دائنين خارجيين غير معروفين، عدا دول نادي باريس، والثاني - وهو الأصعب - كيف سيستثمر العراق نحو 50 إلى 84 مليار دولار في عمليات التنمية الاقتصادية، في وقت أعلنت فيه الحكومة فشل الخطة الخمسية الأخيرة.
وبانكشاف غطاء الحماية الأمريكية للأرصدة العراقية في الخارج، يشكك الخبراء في قدرة الإدارة المالية العراقية على حماية تلك الأموال، مشيرين إلى وجود شكاوى من مواطنين أميركيين ضد الحكومة العراقية تصل قيمتها إلى تريليون دولار، برغم تدابير البنك المركزي العراقي.
ويقول مسؤول سابق في البنك ان "النظام المباد اقترض من الكرة الأرضية كلها، ووصل عدد الدائنين في نادي باريس إلى 19 دولة، بينما يصل عددهم خارج النادي إلى 55 دولة أما الدائنون التجاريون فلا يعرف عددهم".
بدورها، تقول عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان صفية السهيل أن "اتفاقاً أمريكياً عراقياً، نص على حماية أرصدة الأخير، وهذا الأمر يتجدد منذ سنوات وبالتالي فان أموال العراق في الخارج محمية خلال هذه المرحلة".
وأضافت السهيل لـ"طريق الشعب"، يوم أمس، "هناك جهات عديدة من شركات وافراد تضرروا من غزو صدام للكويت، وقد رفعوا الكثير من القضايا في العديد من الدول، ويستمرون برفعها"، مشيرة إلى ان العراق "في هذه المرحلة غير قادر على النظر في كل هذه الدعاوى لفحص مدى صحتها ومدى أحقيتها".
وأكدت السهيل ان "خروج العراق من الفصل السابع سيعيد له السيادة، ويمكنه من التعامل بإرادة واسعة مع الكثير من أصوله المجمدة"، مستطردة بالقول "لكن على الحكومة ان تعرف كيفية التعامل مع هذا الأمر، بشكل يحفظ أرصدتنا على المستوى الدولي".
ويؤكد عضو اللجنة الاقتصادية النائب محما خليل ان "على الحكومة ان تستثمر هذه الأموال في مختلف المجالات لما لها من تأثير في تحريك عجلة الاقتصاد".
وتقول وزارة الخزينة الأمريكية انها طلبت من 17 بنكاً ومؤسسة مالية رفع يدها عن 1.7 مليار دولار، معظمها أصول مجمدة أودعها أفراد أو شركات لهم علاقة بنظام صدام حسين المباد، وتحويلها إلى البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، حتى يتسنى للحكومة الأمريكية توظيفها في صندوق "إعادة بناء العراق" تحت إشراف الأمم المتحدة، ومعظم تلك الأموال والودائع والممتلكات تعود لفترة غزو العراق للكويت، أضيفت لها بعد ذلك أموال أخرى تؤكد التقارير ان سلطات الولايات المتحدة كانت تطاردها في جميع أنحاء العالم، وهي أموال تعود إلى سنوات "النفط مقابل الغذاء"، حيث كان النظام المباد يبرم صفقات خارج إطار ذلك البرنامج ويودع مداخيلها بأسماء شركات أو شخصيات غير معروفة في عدة بنوك حول العالم، وذلك للالتفاف على إجراءات الحظر.
وترجح تقارير أمريكية ان هناك أموالا عراقية في 20 دولة أخرى منها سويسرا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، اسبانيا، مصر، تايلند، اندونيسيا، لبنان، إيران، كوريا الجنوبية، ماليزيا، اليابان، المغرب، السعودية، الإمارات، الأردن، سوريا واليمن.
وكانت الولايات المتحدة قد ضغطت لتحديد مبلغ ملياري دولار توجد في دول أخرى، حيث هددت بأنها ستضطر إلى منع الجهات التي ترفض تجميد الأموال العراقية سواء كانت تعود إلى الدولة العراقية أم إلى أفراد، من العمل في الولايات المتحدة.
وتقدر بعض المصادر حجم الأموال العراقية خارج أميركا بحوالي 12 مليار دولار، في حين قدرت حجم الأموال السائلة في البنوك الأمريكية بحوالي 1.4 مليار دولار.
أما بالنسبة للأموال العراقية التي توجد في أميركا، فإن وزارة الخزانة تقول إنها تخضع للأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس جورج بوش بتجميد وحصر الأموال العراقية في أميركا وتحويلها إلى "مصلحة الشعب العراقي".
وسبق ان نشرت الوزارة أسماء البنوك التي توجد فيها أموال عراقية، ومنها بنوك "يو بي إس، بنك الخليج العالمي، بنك أميركا، بنك واشوفيا، البنك العربي، البنك الوطني لمصر، بنك سوسيتي جنرال، البنك الهولندي، البنك التجاري الكويتي واميركان اكسبريس".
وجمدت الولايات المتحدة منذ العام 1991 حوالي 1.7 مليار دولار تعود للحكومة العراقية وسلمت لاحقاً إلى سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق حينها ودفعت جزءاً منها رواتب للعراقيين المدنيين والعسكريين. كما قامت اليابان بتجميد حوالي 150 مليون دولار كودائع عراقية في حسابات بنكية لديها، وتمت إعادة أكثر من نصفها لصندوق تنمية العراق، كما أعيد حوالي 255 مليون دولار من حساب عراقي في سويسرا تبلغ قيمته نحو 585 مليون دولار.
ويقول المحامي روبرت برايس الذي سبق ان تولى مكتبه الترافع في عدة قضايا تتعلق بأموال محتجزة "يصعب تحديد حجم هذه الأموال لأن بعضها ليست أموالا سائلة بل عبارة عن ممتلكات تدار بواسطة جهات ليست هي المالكة، كما ان بعضها أودعت بأسماء شخصيات كانت لها علاقة مع شخصيات ارتبطت مع نظام صدام، لكن لا أحد يدرك طبيعة هذه العلاقات".
وأوضح ان "الحكومة العراقية إذا أرادت ان تسترد هذه الأموال، عليها أولا ان تصل اليها ثم بعد ذلك لا بد ان تمر من إجراءات قانونية معقدة، يمكن ان تستمر سنوات".