فضاءات

عيون حزينة في يوم عيدها !/ سميرة حبيب الربيعي

الى يومنا هذا، والمرأة تباع وتشترى وتستخدم كوسيلة لسداد الديون والمصالحات العشائرية للمقايضة والمتعة. كل الوان واشكال العبودية اليوم تمارس مع النساء والفتيات ، وما تطالب به المنظمات النسوية المحلية والدولية ما هو الا غيض من فيض ، لحقيقة ما يحدث للمرأة العراقية من مظالم. لم يكن في الحسبان في ظل التأريخ الحديث للعراق ان يأتي يوم عليها وعلى بناتها وحفيداتها فتساق السبايا بسلاسل العبودية والذل. يصعب التصديق واستيعاب ان العراقيات سبايا!... ويأتيك من يعزز منظومة الملكية تجاه الأرض والمرأة بتشريع قانون جديد يجيز أمتلاك الصغيرات والقاصرات كمكملات مع امتلاك الثروات الوفيرة لخدمة المجتمع الذكوري والتمتع بكل ما هو باذخ . ما عادت الفتاة بنظرهم بحاجة للعلم والتعلم ولا للعقل ولا التدبير والأعتماد على نفسها لمواجهة الحياة العلمية والعملية .
الفتاة بالنسبة لهم جسد بلا عقل وطاعة عمياء بلا هدف. قالت لي احدى النساء ، وقد غطت وجهها بعباءتها الرثة :"اكملت تعليمي للمتوسطة وانا أقرأ وأكتب اما أبنتي فلم تدخل المدرسة". بعد ان كانت المرأة سيدة الموقف في المجتمعات الأولى ، حتى أن نسب الفرد كان يعود اليها ، اصبحت اليوم في وضع صعب لا تحسد عليه ، تمكن حجاب العقل منها وقوانين الأستبداد الذكوري في ظل الفوضى وزيف الديمقراطية، فقبرتها وجعلتها تتنفس من ثقوب محسوبة عليها كأفضال لا حقوق. بمناسبة عيدها، في الثامن من اذار، حاولت الحديث مع مجموعة من النساء، بعضهن رفضن الكلام وبعضهن رفضن استخدام الاسم والتصوير، والسبب: زوجي سيطلقني لو عرف بهذا. واغلبهن طلبن ان اسميهن ام فلان، بلا اشارة للعمر او اللقب.
دينا ـ أم سيف
شابة جميلة أذهلتني بمعرفتها وثقافتها. ما أسمك: دينا ... (أم سيف) عمرها 25 عاما. أم لثلاثة أولاد. ماذا يعمل زوجك ؟: كاسب. هل دخلكم جيد: لا ... أبدا يوم يحصل ويوم لا ! هل بيتك ملك أم أيجار؟: أسكن بالأيجار، والأيجار دمر حياتنا. هل تعرفين شيئا عن عيد المرأة العالمي : نعم . سمعت عن هذا العيد ولكنه ليس للعراقيات. لماذا ليس للعراقيات ؟: العراقيات مسكينات يبحثن عن الستر والأكتفاء ولا يحصلن عليه. ماذا تتمنين يا ام سيف في يوم عيدك ؟
اطرقت أم سيف برأسها أرضا ثم رفعت رأسها بشموخ : أنا ربة بيت ، وزوجي كاسب وابنائي الثلاثة بحاجة للعديد من الأحتياجات والمتطلبات الحياتية ، أيعقل أننا لا نتقاضى كمساعدة ولا دينارا واحدا من الحكومة ونحن من الدول الغنية في العالم . أكتبي أني أصرخ بأعلى صوتي .. أمنحوا رواتب شهرية بسيطة لربات البيوت وأبنائهم كمساعدة لضمان العيش. أضعف الأيمان 200 الف لأحتاجاتنا الخاصة . زوجي مصاب بكسر في ساقه . ولم يستطع الخروج من البيت ، وقد عانينا كثيرا .الأنسان بلا ضمان في هذا الوطن يعني بدون حياة . ماذا أفعل؟ وكيف أعيش؟ أطالب براتب لربات البيوت زوجات الكسبة ، فليس كل كاسب ميسورالحال كما يتصور البعض. أنهم يصرفون رواتب فقط للأرامل والمطلقات. أنهم بذلك مثلما يشجعون النساء على الطلاق .هناك خلل واضح في رواتب الرعاية الأجتماعية. القوانين عندنا لا تزال غير عادلة ومنصفة.
واصلت ام سيف حديثها، وتمنت للمرأة العراقية الخير والصحة في وطنها، وأشادت بالجيش والحشد الشعبي وقالت أنهم يقاتلون من أجلنا، من أجل العراق والمرأة العراقية .
أم حسين
أم حسين ربة بيت من منطقة الحيانية. امرأة بسيطة تجاوزت الستين .عندها عشرة أبناء. قالت عندما كان زوجها الحجي على قيد الحياة لم يتركنا بحاجة لأحد ، كان يعمل ليلا ونهارا لأعالتنا وترك لنا هذا البيت الصغير، والذي لم يعد يكفينا اضافة لعدم صلاحيته الآن. قالت ان البيت سيسقط عليهم لقدمه. وفي يوم هطول الأمطار يغرق البيت ، وقد احترقت المراوح السقفية بسبب الأمطار . قلت لها عن يوم عيدك ماذا تقولين ؟ قالت عن أي عيد تتحدثين. انا لا أعيد لا في عيد الفطر ولا عيد الأضحى، و تريدين مني ان أعيد بعيد المرأة . نحن لا نريد أعياد نريد ألآمان وعودة ابناء الناس سالمين من المعركة ضد داعش. فقدت ثلاثة من أخوتي في القادسية السوداء وظننتها آخر الحروب ، والآن ولدي يحارب داعش، وغدا حين يكبر حفيدي من سيحارب ؟ نحن وطن الحروب ، لا عيد لنا غير سترنا وأولادنا. هل تريدين هدية في عيدك يا ام حسين؟ بكت وسكبت دموعها وأشاحت بوجهها ولم تودعني .
غفران ( أم مريم ) ..
غفران ـ ام مريم . شابة عراقيةعمرها 27 سنة . تسكن البصرة القديمة أم لثلاثة ابناء . قالت بحماس : ان العراقيات يطالبن براتب معقول وبيت متواضع ، وحتى اذا وزعوا لنا كرفانات سأكون من الشاكرات والممتنات. نحن نربي رجال للوطن الا نستحق العناية من الحكومة لقاء تربيتنا لرجال المستقبل. زوجي جندي واسكن بالأيجار في بيت عتيق ولا آشعر بالأمان أطلاقا. احيانا لا أملك النقود للذهاب الى الطبيب فألتجأ لأمي وهي الأخرى تعاني من المرض والتعب. حياتنا قاسية جدا وصرت أحسد كل امرأة ألتجأت الى دول أوربا وتنال الرعاية هناك وتخلصت من هذا الجحيم المستديم .
ماذا تتمنين في يوم عيد المرأة؟ : اتمنى رواتب لكل النساء العراقيات وان ترجع العراقية قوية شامخة كما كانت . حتى أيام الحصار ما أنكسرنا. انا اشعر الآن اني مكسورة الجناح .
نجاة ( أم علي )
نجاة ـ ام علي من منطقة الموفقية في البصرة. فقدت أبنها الذي كان يعمل بمطعم وأنقطع الماء وهو يغسل الأطباق، فذهب ليتفقد ماطور الماء فصعق بالكهرباء ومات فورا. قالت بحزن لو لم يكن له أخوة لتمنيت الموت من بعده . عن يوم عيد المرأة قالت: وهل للمرأة عيد؟. انا ارملة استلم راتب من الرعاية كل شهرين ، ولكن بشق الأنفس ، أستغرقت المعاملة اكثر من سنة ، ولا يعطوها لنا الا بعد ان يذلونا ويستنزفون أعصابنا بدون ضمير ولا رحمة. قالت متمنية للمراة العراقية ان تزول عنها الغمة وتحتفظ بكرامتها.
س ... شابة عشرينية رفضت ان تذكر اسمها. تبدو بملامحها اكبر من سنوات عمرها . قالت حكومتنا خربت بيوتنا . كيف ؟ زوجها يعمل في فرن للصمون، تطلقنا انا وزوجي مؤقتا وسنة كاملة أنجزت معاملة راتب الرعاية الأجتماعية لأحصل على هذا الراتب السخيف. تطلقنا ونحن نحب بعض وحاولنا بعد ذلك ان نتزوج مرة أخرى ولكن أهله رفضوا. اضطر هو لتحديهم وتزوجنا مرة أخرى ولكنهم الآن لايريدون أبنهم .
ماهي أمنيتك بيوم عيدك : أريد أن أهاجر من العراق .. أريد لجوءاً الى اي دولة بالعالم ...
في عيدها ... أستميحكن عذرا ايتها العراقيات !