فضاءات

رفاق في الذاكرة / احمد عبد مراد

كبرنا وكبرت بنا السنون، ومع كل ما فات وما استجد وما هو آت فلا زال مسلسل الذكريات الجميلة والرائعة احيانا والمرة والقاسية احيانا اخر يشدنا الى الماضي بكل تشعباته ومنحنياته ،ذلك الماضي المرتبط بالتراث النضالي المجيد بين صفوف الحزب ورهط المناضلين الذين وضعوا ارواحهم فوق اكفهم وكان نصب اعينهم اسعاد شعبهم وناسهم عبر اعلاء شأن الحزب وديمومة نضاله وبقائه شامخا في سوح النضال والكفاح المديد دون هوادة او تردد ، تلك هي صفحات من النضال خاض غمارها المناضلون الاشداء متماسكين موحدين وان اختلفوا في طبيعة تنفيذ المهام واساليب استقراء الاحداث وطرق تنفيذ المهام ، ولكن ما يجمع الكل في نهاية المطاف ، ان الجميع يلتقون في بودقة المنهاج الفكري الموحد الذي يصب في خدمة الحزب والشعب والصالح العام .
في ذاكرتي دائما يعيش الصديق والرفيق المناضل .. فتحي عبد عثمان ( ابا ايناس) نعم هو الصديق الطيب القلب الذي.. يستقبلك بابتسامة ويودعك بمثلها ..هو السهل الممتنع الذي يتفاعل معك بكل احاسيسه ويشاركك كل همومك ومواضيعك بمرونة وسلاسة ويستمع اليك بكل جد واحترام ولكنه في نهاية المطاف يعلن موقفه ورأيه بكل هدوء وتواضع ليثبت رأيا اقتنع بصحته وصوابه ... صديقي فتحي ودود المعشر عذب الكلام صادق صريح احب حزبه وشعبه واخلص لهما ..
عن هذا الصديق والرفيق وامثاله ماذا يمكن ان تقول وماذا يمكن ان تكتب ؟ ..ارى نفسي عاجزا تجاه هؤلاء الاصدقاء الطيبين الذين وهبوا العراق وشعبه كل ما كانوا يملكون .
لقاءاتنا عديدة ،سهراتنا ممتعة ،مشاعرنا مشتركة في اليسر والعسر في السراء وفي الضراء وهمومنا مشتركة مرتبطة بهموم الجماهير الكادحة وما تعانيه من جور ومظالم .. كنت اعرفه قبل ان التقيه في خضم العمل النضالي ، انه ينحدر من عائلة يسارية الهوى وعندما التقينا في سوح النضال المشترك اصبحت حياتنا اكثر متعة وجمالا .. كان لقائنا في ظرف صعب محفوف بالمخاطر وبكل المقاييس ،كان يعمل في الاتحاد العام لطلبة العراق، ولكن جاء اليوم وحان الوقت الذي يجب ان يتحمل فيه مسؤولية اكبر واخطر ، قصدته مع حلول الظلام في تلك المهمة وطرقت الباب فوجئ بمجيئي وهو يراني امام الباب وبعد الترحاب والاطمئنان على بعضنا قلت له انا جئت بمهمة صعبة ولا بد من تنفيذها ..استمر يصغي اليّ فاسترسلت في الحديث قائلا وباختصار ووضوح لدينا منظمة حزبية مخترقة وفيها من التسيب ما يكفي لتجميدها ان لم يكن حلها وتشكيل منظمة جديدة قوية ،متينة ،حديدية منضبطة وعليه فانا احمل الصلاحيات المطلوبة لتنفيذ ذلك، فهل انت مستعد؟ ، اجابني بكل تأكيد وبدأنا المباشرة بالعمل بعد ان شرحت له كلما يلزم عمله...لا اريد الخوض بالتفاصيل اكثر من ذلك ولكن ما هو مهم اننا نجحنا في نهاية المطاف نجاحا باهرا واسسنا لمنظمة حزبية قوية رصينة يمكن الاعتماد عليها في قضاء الفاو، ولهذا القضاء اهمية استثنائية فعلى ارضه شيدت الموانئ وشركات النفط الخ ...هكذا هم الرفاق في الملمات والشدائد وهكذا تعلمنا في صفوف الحزب.. الصبر ، والتصميم والصمود والتحدي ...واخيرا غادرنا رفيقنا فتحي عبد عثمان قبل الاوان ،مهموما ،ملتاعا ينازع قدره المحتوم قبل ان يكمل مسيرته النضالية المجيدة.