فضاءات

الناصرية فاكهة المهرجان المسرحي الأول ضد الإرهاب / طه رشيد

استطاعت "فرقة لكش" من قضاء الشطرة، التي مثلت محافظة ذي قار في المهرجان المسرحي الأول ضد الإرهاب 2015، الذي أقيم أخيرا على خشبة المسرح الوطني في بغداد، الاستحواذ على انتباه الجمهور من خلال مسرحيتها الساخرة "شاورما".
المسرحية من تأليف عمار نعمة، وقد أخرجها ومثل الدور الرئيس فيها زيدون الداخل، إلى جانب مجموعة من الفنانين الذين أجاد كل منهم في تجسيد دوره المسند إليه، وهم كل من علي هاشم وضياء حسن ومرتضى علي ومحمد عبد الحسين وانوار طالب وعبد جاسم وأحمد بسيل وكرار فلاح وشاكر هاشم وغسان فرحان. فيما أدار المسرحية الفنان طالب خيون.
مخرج العمل زيدون الداخل، أوضح مهمته من خلال كلمته التي كتبها على فولدر المسرحية، ومما جاء فيها: "عندما كان الجمال ولم يزل سلاحا لقهر القبح، اخترنا "شاورما" لننتخب فرسانا من عمق سومر امتدادا للكش، ليمدوا النصر ويصغوا للفرح المرتجل..".
لا أعتقد أن هناك مدينة في العراق تستطيع أن تضاهي الناصرية من ناحية تعلقها بالغناء وإنتاجها له نصا ولحنا واداء، ومن هنا لا بد لك ان تتوقع الغناء في أي عمل درامي ناصري، مسرحيا كان أم تلفزيونيا.
كان المشهد الاستهلالي للمسرحية يتعلق بالصراع من أجل الحفاظ على آلة عود من الضياع أو الوقوع بأيدي القوى التكفيرية التي تحرّم الموسيقى، ورويدا رويدا يفلت العود من أيادي أصحابه ويبقى معلقا في الفضاء إلى ان تحين فرصة الانتصار على تلك القوى الظلامية في نهاية المسرحية، وتجري استعادته من جديد.
المشهدان الاستهلالي والختامي فيهما دلالات على تعلق الناس بالحياة من خلال عشقهم الغناء والموسيقى، ليغني الجمهور مع الممثلين في الختام الأغنية الشعبية الشهيرة "للناصرية.. تعطش واشربك ماي بجفوف اديه".
وكان المؤلف عمار نعمة موفقا في اختياره اللهجة الشعبية في كتابته "شاورما"، لأنها أداة توصيل ناجحة ومؤثرة وقريبة من قلب المتلقي، ويدركها الجميع.
وتتلخص موضوعة مسرحية "شاورما"، بوقوع مجموعة من المواطنين في أيدي عصابة داعشية. ولم يظهر المخرج أفراد العصابة بلباس داعش التقليدي، بل البسهم زي طباخين، وأبقى على أسماء المخاطبة المتداولة بينهم وأهمها "الامير". وبنقاش ساخر بين المجموعة المختطفة وبين الأمير ومساعده، استطاعت المجموعة تأخير تنفيذ حكم الاعدام بأفرادها، إلى أن تتم مداهمة الوكر من قبل القوات المسلحة، ويحرر أفراد المجموعة ويجري القضاء على الأمير ومساعده، ولكن دون أن نرى جنديا واحدا على المسرح، أي أن المخرج ابتعد عن المباشرة في تنفيذ هذا المشهد.
بعد ذلك تتم استعادة العود لكي يبدأ الفرح المؤجل والمرتجل الذي تمناه المخرج. وقد خرج الجمهور من المسرح والدموع تترقرق في عينيه. لم تكن دموع حزن ولا كمد، بل ضحك على قصة حبكت بطريقة ناجحة.
الناصرية امتعتنا واضحكتنا وأعادت لنا شيئا من فرح طال انتظاره.