فضاءات

ياسين النصير متحدثا عن "تشكيل الأقاليم في العالم"

غالي العطواني، صبيحة شبر
ضيّف الاتحاد العام للأدباء والكتاب، أمس الأربعاء، الناقد ياسين النصير، الذي ألقى محاضرة بعنوان "تشكيل الأقاليم في العالم.. ومشكل تشكيل الأقاليم في العراق"، أمام حشد من المثقفين والأدباء والناشطين المدنيين.
أدار المحاضرة التي أقيمت على قاعة الجواهري في مبنى الاتحاد، الناقد علي الفواز، الذي أوضح في مستهل حديثه إلى ان من بين المشكلات التي يواجهها العراق حاليا، هي مشكلة تشكيل الأقاليم.
بعد ذلك تحدث النصير مشيرا إلى ان الدستور العراقي "كتب بعقلية براغماتية، وانه مليء بالألغام والفقرات ذات الأوجه المتعددة، التي تفصل على مقاسات أصحاب المصالح"، ثم تطرق إلى التجارب العالمية في تشكيل الأقاليم، ومن بينها تجربة الولايات المتحدة الأمريكية، وقال ان الأمريكان أطلقوا تسمية "الإقليم الموعود الأمريكي" على مشروعهم الإقليمي، الذي نفذ بفترة أمدها 25 عاما، شهدت حروبا ودمارا وقتالا مع سكان المنطقة الأصليين.
واضاف النصير قائلا: "بني الإقليم الأمريكي على القوة والمال والدم، وأسموه في المرة الثانية بـ "المشروع الرسالي"، الذي يسعى لاحتلال مكان الكنيسة الكاثوليكية"، ذاكرا قول الرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت: "هدفنا أن نجعل العالم كله أمريكيا"، مبينا ان ذلك يعني أمركة العالم، وهو يتماشى مع المشروع الرأسمالي.
وتحدث النصير عن التجربة الفرنسية في تشكيل الأقاليم عام 1792، والتي استغرقت سنتين، وشكلت وقتها 81 مقاطعة، يسيطر عليها كل من الملاكين والاقطاعيين، إلى حين تأسيس الدولة الفرنسية الجمهورية، ليصبح بعد ذلك شعار الأقاليم الفرنسية هو "المساواة، المواطنة، الهوية".
وأشار النصير إلى ان فرنسا أسست للجغرافية مفهوم "رؤيا العالم"، مستندة إلى ثلاثة مصادر وهي: الجغرافيين الموسليين، والجغرافيين اليابانيين، والخرائط الصينية، لافتا إلى ان في عهد الجمهورية الفرنسية جرى تطبيق الكثير من الشعارات، مثل عودة الأراضي للفلاحين، سحب الثروات الطبيعية من أيادي الرأسمال والملاك، لا مركزية للسلطة، التعددية الايديولوجية، والانفتاح على العالم خصوصا في مجال التعليم الجامعي.
وتطرق النصير أيضا إلى التجربة الألمانية في تشكيل الأقاليم، موضحا ان المشروع الألماني سمي بـ "الاقليم الحيوي" وقد استغرق تنفيذه 60 عاما، لأن ألمانيا تتمتع بامتداد جغرافي كبير، وتحيط بها دول عديدة.
ولفت النصير إلى ان أكثر الدول استقرارا هي الجزر، مثل بريطانيا واليابان، "فهي بلا حدود مع دول مجاورة، لذلك هي بلا خلافات، ونراها أكثر تماسكا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، لكنها تكون عرضة للهيمنة الاستعمارية من قبل القوى التي تحاول تمزيق هذا التماسك عبر الاقاليم الرأسمالية". وتطرق النصير إلى موضوعة الجغرافية، مشيرا إلى ان هناك جغرافية مادية، وهي عبارة عن ملك للسلطان أو الأمير أو الاقطاعي، وجغرافية روحية أو جغرافية السماء المستمدة من الفلسفة الاغريقية المثالية التي تهيمن على الانسان وعلاقاته الانتاجية بواسطة ال?هنة، فضلا عن الجغرافية الطبيعية التي يسيطر عليها الاقطاع والتجار والرأسمال، والأمراء والملوك.
وبيّن النصير انه في القرن السادس عشر بدأت مفاهيم رسم الخرائط في انكلترا، وكان ذلك تحديدا عام 1693، وقد أسست هذه الخرائط لفكرة البحث عن التمليك للفرد الانكليزي، وحينها شعر المواطن الانكليزي بروح المواطنة، واستطاع أن يملك أرضا أو مزرعة.
أما عن تشكيل الأقاليم في العراق، خصوصا في محافظات الأنبار والموصل والبصرة، فقد تساءل النصير عن وجود الأرضية القانونية لتشكيل هذه الأقاليم، وعن الأسس التي سوف تشكل عليها، مبينا ان دعوات تشكيلها ليس لها مفهوم قانوني أو إيديولوجي أو سياسي.