فضاءات

سالم حسين يبقى إرثا موسيقيا خالدا / كاظم السيد علي

نعى الوسط الثقافي والفني العراقي، الموسيقار الرائد سالم حسين، الذي توفي السبت الماضي في بلجيكا عن عمر ناهز 92 عاما، إثر تعرضه لأزمة صحية عصيبة، ليفقد العراق بذلك واحدا من أهم أعمدته الفنية.
لا يختلف اثنان من المتخصصين في الموسيقى، على أن سالم حسين من الموسيقيين المتميزين الأوائل الذين ساهموا في تطوير الحركة الموسيقية، ومن هذا المنطلق كانت له اليد الطولى والأولى بنقل التراث الغنائي والموسيقي العراقي الى البلدان العربية والعالمية في الأربعينيات، من خلال ثقافته ومواهبه المتعددة والمتميزة. فهو العازف الماهر على آلة القانون، والمؤلف والباحث والمؤرخ والشاعر.
والموسيقار حسين المولود عام 1923 في مدينة سوق الشيوخ بمحافظة ذي قار، تأثر منذ صغره بمطربي الريف من أبناء بيئته الجنوبية، أمثال ناصر حكيم وداخل حسن وحضيري أبو عزيز وغيرهم، وقد عشق الموسيقى، فدرس آلتي القانون والبيانو في أول دورة لمعهد الفنون الجميلة في بغداد، بعد تأسيسه.
وخلال عمله في مجال الموسيقى، أسس فرقا فنية عدة، منها "فرقة كلكامش" عام 1948 ، و"فرقة معهد الفنون الجميلة" عام 1956 ، و"فرقة بغداد" عام 1962 ، و"فرقة الرشيد" عام 1965 ، والفرقة الموسيقية التي رافقت الفنان الرائد ناظم الغزالي في سفره خارج البلاد، و"فرقة خماسي وتري" عام 1976 ، و"فرقة أنوار" 1982 ، و"فرقة رباعي وتري" عام 1990 ، وأخرها كانت "فرقة ألف ليلة وليلة" عام 1998.
تجدر الإشارة إلى ان سالم حسين نظم الشعر ولحنه وهو في الحادية عشرة من العمر، حتى تحولت أحدى قصائده إلى نشيد يومي لمدرسته آنذاك ، واستمر بهذا المضمار، ولحن لكبار المطربات والمطربين العراقيين والعرب أمثال سليمة مراد، نرجس شوقي، ناصر حكيم، مائدة نزهت، لميعة توفيق، غادة سالم، هناء، خالدة، وفاء بغدادي، داود العاني، أحمد سالم، صالح الجوهر، فؤاد سالم، فضلا عن الفنانين العرب أمثال سعاد محمد، نور الهدى، شهرزاد، فايدة كامل، فيروز، سعاد هاشم، أحلام رزق، دلال شمالي، سلامة، وديع الصافي، وإسماعيل شبانه.
كذلك ساهم سالم حسين في رفد المكتبة الموسيقية بالعديد من النتاجات كالبشارف والسماعيات، وألف الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية. ولم تقتصر موهبته على الموسيقى فقط، فقد مارس التأليف والبحث في مجال الموسيقى، وأصدر عددا من الكتب والبحوث، بضمنها "دراسة آلة القانون"، "قياسات النغم عند الفارابي"، "دليل سلالم المقامات العربية"، "الموسيقى والغناء في بلاد الرافدين"، "الموسيقى والموشحات الدينية"، "مئة عام وعام بين المقام والأنغام"، وغيرها.
برحيل الموسيقار سالم حسين، خسر المشهد الموسيقي العراقي والعربي رافدا مهما من روافده، ولكن إرثه الموسيقي الثر سيبقى خالدا على مر السنين.