فضاءات

في اليوم الثاني لمهرجان اللومانتيه .. ابتسم الفرح في عيون الجميع

طريق الشعب
في اليوم الثاني من مهرجان اللومانتيه، ورغم الأمطار المتواصلة، فقد تنوعت فعاليات خيمة "طريق الشعب" التي جعلت الفرح يرقص منتشيا داخل الخيمة، ومع الفرح تصاعدت حركة الأجساد الراقصة لتنقل إلى الجمهور الأوربي حقيقة حب العراقيين للفرح والحياة، لهذا كان الفرح يبتسم في عيون الجميع.
وأولى تلك الفقرات كانت أغاني قدمتها فرقة الخشابة البصرية. فبالرغم من مشقة السفر التي تحملها أعضاء الفرقة، فقد كانت أصوات الفنانين الذين حضروا من البصرة ممتلئة بفرح طفولي، فقد اعتلت الفرقة خشبة مسرح الخيمة بملابسها الشعبية وليصدح صوتها بأغنية (أحيا وأموت عا البصرة..خلت بگلبی حسرة) ومن ثم توالت أغانيها الراقصة التي جعلت الطريق أمام الخيمة يمتلئ بالمارة.
كانت لفرقة الخشابة في اليوم الثاني لمهرجان اللومانتيه وصلتان غنائيتان، الأولى في منتصف النهار والثانية بعد التاسعة مساء، وفي الوصلتين طشت سحرها على الجمهور الأوربي حتى ضاق تنفس خيمة طريق الشعب،
فرقة الرقص الفلسطينية
وبعد ظهر اليوم الثاني ايضاً، اعتلت فرقة الرقص الفلكلوري الفلسطينية خشبة مسرح الخيمة، والمتكونة من أربعة أشخاص ( راقصتين وراقصين) فقد ارتجفت خشبة المسرح تحت وقع أقدامهم وهم يؤدون (الدبكات) الفلسطينية بكل حماس وحب الشباب. وفي أحدى الرقصات كانت قائدة الرقصة تحمل العلم الفلسطيني بيدها وفجأة تعالت الزغاريد داخل الخيمة وكأننا في عرس شعبي حين حملت مع العلم الفلسطيني علم العراق. قدمت الفرقة رقصات متنوعة وجميعها من الفلكلوري الفلسطيني خلال النصف الساعة التي استغرقتها وهي على خشبة المسرح.
السيدة عبير وهي الراقصة الأولى ومدربة الفرقة قالت لموفد "طريق الشعب": هذه ليس المرة الأولى التي نشارك بها في مهرجان الإنسانية (اللومانتيه) وبالذات في خيمة طريق الشعب، ومشاركتنا تعبير عن تضامننا الأخوي مع الشعب العراقي، ونعبر بمشاركتنا عن اعتزازنا بالعراق، هذا البلد الأصيل في حضارته وثقافته، وأكرر لنا الشرف الكبير أن نسهم في احتفالية خيمة طريق الشعب كل عام وذلك للمواقف التاريخية التي وقفها الشعب العراقي مع شعبنا الفلسطيني.
عرض الأزياء العراقية
قد لا تثير في النفس مشاهدة عرض للأزياء العراقية لمن يشاهده وهو في بغداد أو أية مدينة عراقية أخرى، ولكن أن ترى هذه الأزياء في مكان يبعد أكثر من ثلاثة الآف كيلو متر عن وطنك الأم، فان ذلك أمر أخر، فقد جاءت من بغداد السيدة المصممة العراقية المعروفة وفاء الشذر لتقدم تصاميم أزيائها على خشبة مسرح خيمة طريق الشعب، ورغم أن الفتيات اللواتي قدمنَّ العرض لم يكنَّ عارضات أزياء، إلا أن الملابس العراقية التي ارتدين جعلت منهن عارضات من الدرجة الأولى في عين المشاهد العراقي المغترب.
(أتذكر السياب، يصرخ في الخليج سدى،
عراق، عراق ليس سوى العراق،
ولا يرد سوى الصدى،
أتذكر السياب في هذا الفضاء السومري،
تغلبت أنثى على عقم السديم،
وأورثتنا الأرض والمنفى معا)
مع صوت الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش تمايلت في مشيتها شابة عراقية وهي ترتدي فستانا تطرزت عليه قصيدة (أنشودة المطر) وفتاة أخرى ارتدت فستانا تطرزت عليه قصيدة الجواهري العظيم (يا دجلة الخير) وأخريات يرتدين فساتين تعبر عن حضارة وادي الرافدين من سومر وآشور، وكانت المفاجأة حين ظهرت على المسرح فتاة بقوامها الجميل كقامة العراق وهي ترتدي العلم العراقي فستانا ومع مشيتها على المسرح أرتفع صوت المغني بأغنية
(هذا العراق يظل شمس ...ما يطفه نوره
لازم يعود بحيل أمس..ويعلي سوره
ترجع الدنيه معجبه....وتريد بس تصاحبه
بعيونهه تبوسه تجي ..وتاخذله صوره)
لا أحد يعرف عمق حب العراقيين المغتربين لوطنهم، إلا حين ترى الدمع ينهمر من عيونهم لآي مشهد يذكرهم به.
الشعر أول فقرات البرنامج
كيف يكون المهرجان من دون الشعر؟ سؤال ربما يحمل من الكثير من الغرابة، ولكن الذي عرف الشيوعيين العراقيين يعرف بشكل جيد علاقتهم بالشعر، لهذا كانت الفقرة الأولى في اليوم الثاني لخيمة طريق الشعب في مهرجان "طريق الشعب" هي اللقاء مع الشاعر العراقي المغترب صلاح الحمداني، وقد بدأ حديثه عن سيرته الذاتية قائلا:
(أنا من مواليد 1951 في محلة شعبية من محلات بغداد، قضيت من عمري أربع سنوات في الجيش، ونتيجة لانتمائي السياسي رمتني السلطة في سجن رقم واحد، وهناك كان معي شخص يتكلم مع نفسه في الليل، ورغم الظلام الذي يغلف السجن إلا أنني كنت أشعر كأنني أرى وجهه، وعندما سألته في اليوم الثاني ماذا يقول، قال كنت أقول شعرا. ومن هناك تذوق الشعر وبدأ بكتابته، ولكنه في عام 1975 هاجر إلى منفاه الدائم، وقد درس المسرح في جامعة باريس وقدم أكثر من عرض مسرحي،
له أكثر من أربعين عملا أدبيا موزعة بين الشعر والرواية ، القصة والسرد، وجميع كتبه مترجمة إلى اللغة الفرنسية، ويكتب الشعر باللغتين العربية والفرنسية، ودخلت قصائده ضمن عدد من الأنطلوجيات العربية والفرنسية والدولية،
أخر أعماله الأم وهو كتاب شعري فني، وصدى الضوء، كتاب فوتوغرافي شعري، أحلم فيك، كتاب شعري، ومن الجدير بالذكر أن هذه الكتب ظهرت أيضا باللغة الفرنسية هذا العام 2015. ثم قرأ الشاعر بعضا من قصائد باللغتين العربية والفرنسية منها:
(الأيامُ
التي نَضَجَتْ على ضِفافِ صباحاتِنا
قَطَفتُها لك
يوماً تِلو أخرَ
ولمْ أعدُ أعرفُ ما سأفعلُهُ الآنَ).
ومن قصيدة مشاغل ليس بالحسبان
(ها إنني قربَ سِياجِكِ
بأمتعتي القديمَةِ
وذكرياتي المهزومَةِ
ها إنّي أعودُ إليكِ
مثلَ جُندياً لَمْ يَخُضِ الحَربَ
فلا تسأليني عنْ أسماءِ الذينَ سَقَطوا في المَعارِكِ)