فضاءات

وغدا.. تظاهرات جمعة أخرى / عبدالكريم العبيدي

مع اشراقة كل جمعة يشرق وجه العراق البهي، تتوحد مدنه الحالمة بغد أجمل، ويرفرف علمه خفاقا، فتزهو أنصع صفحات العراق بصوت الحق، صوت الشعب، صوت الحرية.
في مساء كل يوم جمعة، تزهر ساحات التحرير، في بغداد وبقية المدن العراقية بحشود السلام والاصلاح والتغيير، تنبض بلحن عراقي هادر، يصنع سلما للمجد، للبناء، لغد العراقيين المكتوين بالحروب والفساد وجرائم المفسدين.
هما كفتان اذن، كفة تحتضن العراقيين المتظاهرين المحتجين، وأخرى تنوء بحمل الفاسدين اللصوص العابثين بأمن البلد واقتصاده ومقدراته، أولئك الذين عاثوا في البلاد فسادا، وها هي نهايتهم وقد حلَّت، بعد أن غدت فضائحهم وجرائمهم حديث الشارع العراقي، والخبر العاجل في كل نشرة أخبار عراقية أو عربية أو أجنبية.
منذ أكثر من شهرين والعراق يشهد تظاهرات الاصلاح والتغيير، ومحاربة الفساد، وتوفير الخدمات الرئيسة، كالماء والكهرباء، وتأمين فرص العمل، وقد تزامنت معها حزم اصلاحات مازالت فئة واسعة من الشعب تراها ضعيفة، بعيدة عن جوهر المطالب الشعبية المشروعة، ولذا سيغدو احتجاجه أكثر جرأة في محاربة الفساد، ومطالبه أكثر اصرارا على التمسك باصلاحاتٍ حقيقيةٍ لا ترقيعية لمحاسبةِ الفاسدين وسراق المال العام. لا نريد اصلاحات شكلية لا تلامِسُ مطالب المتظاهرين، الشعب يريد اجراءاتٍ فعالة لتنشيط الاداء الحكومي وإحداثِ تنميةٍ حقيقية تـُنقذ البلادَ من محنة وضعها الاقتصادي المتدني بسبب انخفاض أسعار النفط. ويريد استرجاع المليارات المنهوبة من المال العام، ويريد توفير فرص العمل للشباب الذي تزدادُ هجرتـُه بسبب انعدام الامل في حياةٍ أفضل في العراق في ظل الاوضاع الحالية المتردية.
هذه هي مطالب الجماهير المليونية العراقية الهادرة، التي باتت تدرك أن حقوقها تنتزع بالاصرار، بيقين المبدأ، ووحدة الصف، والمضي قدما، حتى حصول الاصلاح، ومحاربة الفساد.