فضاءات

لن نسكت بعد الآن / علاء الماجد

يبدو لي أن التغيير ممكن، ان حاسبنا الفاسدين وتخلصنا من المحاصصة المقيتة. فمنذ أول جمعة تظاهرات شعبية حاشدة عمت مدن العراق، هبت الجموع مطالبة بإصلاح ما فسد في عمل الحكومة العراقية في مختلف المؤسسات، من الكهرباء والماء والخدمات البلدية ومحاربة الفساد ومحاكمة المفسدين. لقد كان حصاد العراقيين بعد التغيير مزيدا من المآسي والنكبات، اذ لا تزال صورة المستقبل ضبابية وداكنة لدى العراقيين، خاصة وانهم كانوا ينتظرون تغييرا يوازي تضحياتهم الكبيرة في زمن الطاغية وحكمه الدكتاتوري.
ان التحولات التي طرأت على أوضاع العراق تمثلت في سن دستور جديد، واجراء انتخابات برلمانية، وفصل في السلطات، وتداول سلمي للسلطة، فكل أركان الدولة تعرضت للانهيار ولا تزال تعاني من أمراض الطائفية والفئوية والتخلف الاداري الذي يعيق عملية البناء. وقد مر الشعب العراقي بعد التغيير في 2003 بمراحل قاسية بسبب ما خلفه الاحتلال من آثار مدمرة، وكذلك ما أفرزته المحاصصة المقيتة من تدهور كبير في كل مجالات الحياة، وفساد ذمم المسؤولين، ونهب المال العام عن طريق الرشاوى والابتزاز والصفقات المشبوهة. ونتيجة ذلك دفع الشعب العراق? ثمنا غاليا من أمنه واستقراره بسبب الارهاب والتخريب والتطرف والطائفية والتهجير وأعمال العنف، واستشراء الفساد الذي طال كل مشؤسسات الدولة، من دون أن تتحرك الحكومات المتعاقبة على السلطة في كبح جماحه، ومحاسبة حيتانه.
التظاهرات ليست "آخر الدواء "، فالتظاهرات ستقصم ظهر الفساد، لكنها ستتطور الى ما هو أشد وأقوى للقضاء عليه نهائيا. فالشعب العراقي شعب حي وشجاع، وهو حليم وصبور كذلك، وهؤلاء الفاسدون توهموا غير ذلك، فمدوا رؤوسهم في "المعلف" دون تحسب.
ان التظاهرات حق دستوري للشعب، كما أن للمنظمات المدنية حق الاعتراض السلمي على أداء الحكومة كقوى ضاغطة لحفظ التوازن، ولا يصح ان توصف هذه التظاهرات بأنها غير شرعية أو أنها "أمر دبر بليل" أو أن وراءها البعثيون وأعداء العملية السياسية. اننا نقول لهؤلاء الذين ترعبهم أصوات الحرية والعدالة التي تنطلق من افواه أبناء الشعب، انكم سرقتم أموالنا ودمرتم مستقبلنا بمحاصصتكم المقيتة طوال 12 عاما.. فهل تريدوننا ان نسكت بعد ذلك؟