فضاءات

وداعا سردار دهوكي / حجي حسو حسين

صعب علي قولها يا ابا آڤا وداعٱ ايها البطل
ليس كونك فارقتنا ولكن هذه هي الحقيقة.
قبل أيام قليلة اتصلت بك وسألت عن صحتك رغم معرفتي بمعاناتك كانت معنوياتك عالية كما عهدناك .اتذكر اول لقاء لي معك كان ذلك في القامشلي في البيت الكبير كما كنتم تسموه.
في تلك الظروف الصعبة كانت الإبتسامة لا تفارق محياك، وكنت انا في ذلك الوقت بمهمة الى القامشلي، وكان علي أن انفذ بعض الواجبات التي كلفت بها ووقتها التقيت بالرفيق ابو محمود، جلال الدباغ وكان انذاك مسؤول مكتب الحزب في القامشلي، وطلبت منه ان يكلف بعض الرفاق لمساعدتي لتنفيذ تلك المهمة فقال لدينا رفيق جيد كتوم وشجاع ويعتمد عليه ،فقلت له من هو هذا الرفيق فقال ملازم كرزان الذي استشهد فيما بعد فقلت له لا، وقلت ليس لدي ملاحظات على الرفيق كارزان وكنت اعرفه منذ فترة ليست بقصيرة ،فقال لماذا فقلت له نسيت شيئٱ مهمٱ قال ماذا قلت ألا تعلم ان الرفيق لايجيد لغة اهل المنطقة ولا بد أن نلتقي ببعض الناس وخصوصا كان هناك المئات من الهاربين في الجبل . فقال لي أختر الرفيق الذي تراه مناسبٱ من هؤلاء الشباب وهم كلهم انصار ابطال وهم علاوة على ذلك خريجي الكلية العسكرية فقلت له اريد الرفيق سردار دهوكي فهو يجيد لهجة أهل المنطقة وايضٱ لايجلب الشبهات والأهم من كل هذا هو خلوق ويؤتمن جانبه وتعتمد عليه ولا تخشى منه أن يكون بين العوائل وفعلا فيما بعد كانت العوائل تتعامل معه كأنه أحد أفرادها وخاصة عائلتي وكان خفيف الظل كما يقال، كالبلسم الشافي كان يحترم نفسه ويفرض إحترامه على الآخرين،فقال أبو محمود نعم الإختيار سأتحدث معه وأعطيك الجواب وخلال دقائق معدودة جاءني الرفيق وقال سيرافقك الرفيق سردار ولكن علينا أن نذهب الى دمشق ونلتقي بالرفاق هناك وذهبنا برفقة أبو محمود الى دمشق والتقينا بالرفاق هناك وعدنا الى القامشلي وبدأت مرحلة العمل مع فقيدنا البطل ورفاق آخرين اشتركوا معنا في هذه المهمة وهم ابطال لا يهابون المهمات الصعبة كانوا يعملون دون ان يتباهوا مثل الآخرين انهم أبطال بمعنى الكلمة ومنهم على سبيل المثال حكمت توما توماس أنه بطل كما يقال فرخ البط عوام والذي رافقنا بشكل مستمر في هذه المهمة والرفيق ابو نادية والذي عرف بأبو نادية القامشلي وذلك لوجود اكثر من رفيق يكنى بأبو نادية وابو نادية هو حاكم عطية، وحسب علمي هو خريج قسم الجيولوجيا وفي إحدى الأيام أراد أن يطبق علينا دراسته عندما كنا نحاول عبور الحدود العراقية السورية وكان الليل مظلمٱ لا نرى شيئٱ حتى بالنواظير فقلنا ربما ضيعنا فقال أبو نادية هذه توصلنا الى الأراضي السورية وانا اعرف طوبوغرافية الأرض لأنه إختصاصي ولكن بعد برهة انقشع الظلام ورأينا أنفسنا قرب ربيئة الجيش ولحسن حظنا لم يشعروا بنا وعدنا الى الخلف ونزلنا في الوادي وكنا قد أختبرنا المنطقة من قبل وعرفنا إننا خرجنا من منطقة الخطر فقمنا أنا والفقيد سردار نعلق على الرفيق ابو نادية في مجالسنا وأين ستوصلنا دراسته وهو بدوره يضحك ويقول لو بيكم خير لما كنتم تعتمدوا علي فأنت يا خليل إبن المنطقة والرفيق سرداركردي وإبن الجبل وتعتمدون على إبن الوسط الذي لا يعرف شيئٱ عن الجبال نقول له أختصاصك جيولوجيا وتقول لاأعرف، كانت أيام حلوة وصعبة في آن واحد تعرفنا على اناس طيبين وشجعان لا يمل الإنسان من مجالستهم وكنا الفقيد وأبو نادية وانا في مخابئنا وبسبب طول الوقت نتلهى بأي شئ وفي بعض الأحيان نلعب لعبة الكذاب بالورق واحدنا يقول للآخر كذاب ونعود ونقول عيب رجال وتقول كذاب .وفي إحدى المرات كنا انا والفقيد وكانت ام خضر رزقت ببنت وكانت امنيتنا ان تكون لنا ابنة فرفعها الفقيد وقال لي ماذا تسميها فمهرها لي فقلت له رفيق شفو وكان هذا اسمه المحبب لي وللرفيق ابو نادية ليست سلعة وهي ليست للبيع سوف لن اخذ مهرها حتى لو لم أمتلك قرشٱواحدٱ وساسميها روناك تيمنٱ بإسم نصيرة كانت معنا في ناوزه نگان وهي الرفيقة الرفيقة صنوبر وهي حسب علمي من أهالي السليمانية فقال الفقيد بخيل وتتخلى عن مهر ابنتك و مرت الأيام وفي إحدى المرات وعند زيارتي الى دهوك دعاني الى البيت وقال لي فعلتها يا ابو خضر وقال بصراحة لم ارى عندك الا الصراحة ولكن انذاك كنت أتصور إنك تكذب علي وأبتسم بإبتسامته المعهودة وقال بين الأحباب تسقط الأداب كما يقال بالعامية العراقية. فقدناك قبل الأوان أيها البطل لم يكن وقت رحيلك أيها الغالي، لم أكتب هذا لأنك غادرتنا وامدحك لكونك رحلت عنا حتى الذين رحلوا عنا اقول عن هفواتهم ومهما كانت مواقعهم وقربهم مني ومن حزبي الذي ضحيت بكل شئ من أجله وسوف اواصل هذا المصير الى آخر لحظة من حياتي وذلك لوجود المئات من امثالك في هذا الحزب رغم كل ملاحظاتنا وإنتقاداتنا لعدد كبير من قادة حزبنا ولكن إذا قارناهم بالآخرين كأننا نقارن الملائكة بالبشر وهي جريمة أن نقارن رفاقنا بألآخرين ننتقد قادتنا بشكل مباشر دون أن يظهر عليهم علامات الضجر وقادة الأحزاب الأخرى جريمة إنتقادهم وهذا ما وصل اليه العراق الآن.
مرة اخرى وداعٱ ايها البطل يا من خبرت الجبل والدشت يا من دخلت قلوب كل من تعامل معك ستبقى ذكراك مدى الحياة .
وفي الختام لاأدري هل نعزي أنفسنا برحيلك أم نعزي ذويك كلنا ذويك يا أبا آڤا تعازينا للإخوة علي وشڤان ولعائلتك ولك طيب الذكر.
حجي حسو حسين الملقب ب خليل أبو شوارب
كولون في 5/11/2015