فضاءات

عشر سنوات على نهب المتحف العراقي / أحمد حسن الياسري

مرت عشر سنوات على نهب المتحف العراقي، في اعقاب دخول القوات الامريكية بغداد واحتلال العراق العام 2003، وما نجم عن ذلك من سرقة اكثر من 15 ألف قطعة أثرية، معظمها من المتحف العراقي في بغداد، فضلاً عن عمليات نبش في مواقع تاريخية غابت عنها الحماية، لتنتشر بعدها قطع الآثار العراقية في مختلف مزادات العالم، ولتبدأ بعثات العراق الدبلوماسية مهمة اقتفاء اثرها، ومتابعة التعاون مع البلدان التي تصلها الاثار، في محاولة لإعادتها الى العراق.
الوكيل الأقدم لوزارة الخارجية، لبيد عباوي، أكد ان "هناك تعاوناً واهتماماً من المجتمع الدولي بالآثار العراقية المسروقة"، مشيرا الى ان "هناك ثقافة عامة في دول العالم وخاصة الدول الأوروبية بأهمية المحافظة على التراث الحضاري الذي يعتبر تراثاً عالمياً".
وقال عباوي في تصريح لـ"طريق الشعب"، يوم أمس، إن" كثيراً من دول العالم سلمت العراق آثاره المسروقة، وبضمنها بعض الدول التي كانت آثار العراق تعرض في مزاداتها العالمية".
وبين ان" هناك دولاً قامت بشراء بعض القطع الأثرية المسروقة مقابل أموال باهظة وسلمتها للعراق"، منوها الى ان "عشرات آلاف القطع الاثرية سلمت للعراق خلال هذه السنوات، وقسم منها قطع مهمة جدا كانت مسروقة قبل عام 2003".
وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت، في وقت سابق، انها تسلمت عشرات الآلاف من القطع الأثرية المهمة من عدد من الدول التي وصلتها هذه الاثار عبر موانئها او حدودها البرية، او تم اكتشافها في بعض المزادات المختصة ببيع الاثار.
وتشير تقارير اختصاصية امريكية الى أن هناك ما يقرب من 170 ألف قطعة أثرية فُقدت من العراق اثناء غزو البلاد في 2003، من بينها 15 ألف قطعة مسجلةً ضمن مقتنيات المتحف العراقي. ويقول رئيس الهيئة العامة للآثار والتراث سابقاً، استاذ الآثار في جامعة لندن حالياً، د.عباس علي عباس ان "المتحف العراقي تعرض في عام 2003 الى كارثة لم يشهد تاريخ البشرية مثلها، حيث سرقت منه اكثر من 15 الف قطعة اثرية".
وأوضح عباس "عندما تسلمت المتحف في العام 2006 وجدت ان ما لحقه من تخريب، يفوق الوصف، فهناك تصدعات في الجدران وممرات مبنية لمنع العراقيين من الدخول، لكي لا تطلع على ما يمارسه المجرمون"، مستطرداً بالقول ان "موجودات المتحف ملأى بالكنوز، واللصوص مروا بجنبها وتركوها، وذهبوا الى قطع محدودة لا تقدر بثمن".
ورجح د.عباس، وهو رئيس قسم الآثار في جامعة القادسية سابقاً أن "المتحف سرق بمفاتيحه وليس كسرا"، مضيفاً ان هيئة الآثار قامت بعد العام 2006 "بعملية مسح آثاري لمعرفة حجم الدمار الحقيقي، حيث نجحنا في تسجيل اكثر من 20 الف موقع أثري".
وتقول دراسة آثارية أجراها المعهد الشرقي الاميركي في ولاية شيكاغو ان هناك دلائل جديدة على استمرار بيع الآثار العراقية في السوق السوداء الدولية، لكنها ذكرت ايضاً ان "معدل بيع القطع الاثارية المسروقة قل في الآونة الاخيرة".
وأشارت إلى أن "السوق اصبحت مشبعةً بها خلال فترة الاضطرابات التي يشهدها الشرق الأوسط عموماً".
وصادقت 189 دولة على اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي في اليونسكو وهي ملزمة بإعادة الآثار المسروقة الى العراق، إلا أن الحكومة العراقية واجهت مشكلة مع بعض الدول التي تبيح امتلاك الآثار والمقتنيات التراثية ضمن قوانينها النافذة.
وتمكنت وزارة السياحة والآثار في السنوات الأخيرة من استعادة آلاف القطع بعضها تضرر بالكامل والبعض الآخر بحالة متوسطة.
ويشير وزير السياحة والآثار لواء سميسم الى انه "بحسب المختصين فان عدد مواقع الاثار في العراق كبير جدا".
واوضح سميسم "نحتاج دعماً كبيراً من الحكومة، بتخصيص الاموال والدرجات الوظيفية لمواجهة هذا التحدي. ثم ان عملية الجذب السياحي تحتاج الى بنى تحتية من فنادق وطرق ووسائل نقل وتسهيلات مصرفية وفتح شوارع، ونحتاج ايضا الى صيانة وترميم المواقع الاثرية من خلال خبرات اجنبية متخصصة".