فضاءات

أوراق من ذلك الزمن ( كتاب أنصاري جديد ) / داود أمين

صدر مؤخراً، عن دار الرواد المزدهرة، كتاب أنصاري جديد للرفيق النصير علي محمد( أبو سعد إعلام )، تحت عنوان( أوراق من ذلك الزمن – الحركة الأنصارية )، ويقع الكتاب في 384 صفحة من القطع المتوسط، ويضم 125 عنواناً فرعياً لمحتوياته، بالإضافة ل(74 ) صورة فوتغرافية مشتركة وفردية لعدد من الأنصار، وكذلك صور لصحف ومنشورات أنصارية.
الكتاب بمحتواه، إضافة نوعية ومتقدمة، للجهد الذي بذله من سبقه من الأنصار، الذين بادروا( وهم قلة! ) للخوض في هذا الميدان الهام من حياتنا الحزبية والأنصارية، فالرفيق أبو سعد يتناول بالتفصيل عمله في السرية الرابعة( المفرزة 47 ) بحياتها الداخلية، ونشاطاتها الثقافية، وعملياتها العسكرية، ثم يتحدث عن عمله في إعلام قاطع بهدينان، وصحيفتي( النصير ) و(طريق النصر)، وعن عمله( الخاص ) مع تنظيم الداخل، ثم يتناول الإجتياح التركي لمقراتنا في آيار 1983، وإنتقالنا لمقر زيوة في العمق، كما يتناول القصف الكيمياوي للمقر، وإستشهاد الرفيقين ابو فؤاد وأبو رزكار، ثم يتحدث عن الأنفال وما حدث بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية، من هجوم شرس للسلطة على مقرات الأنصار والبيشمركة، وعلى جماهير الريف الكردستاني، ويتناول أيضاً تفاصيل التوجه لتركيا ثم إيران، ثم ينتهي بالسفر إلى سوريا.
الكتاب، كما أسلفت، إضافة نوعية لمجموعة قليلة من الكتب والكراسات، التي تناول مؤلفوها جوانب من حياتنا الأنصارية، التي لا تزال تحتاج، من الكثيرين من الأنصار( خصوصاً الذين لديهم القدرة على الكتابة ) أن يضيئوا جوانبها، ويسلطوا الضوء على بعض تفاصيلها، وكنت آمل من الرفيق( أبو سعد ) أن يشحذ ذاكرته جيداً، وأن لا ينسى( أو يتناسى! ) بعض الحقائق، التي تشبه البديهيات!عندما أجده يتجنب رواية حوادث وحقائق معروفة، ولا يزال أصحابها أحياء( عند ربهم يرزقون!)، أو يروي حوادث بعكس ما وقعت بالفعل، وينسب لنفسه أدواراً ليست حقيقية! وسأحاول الإشارة لبعض الحقائق، التي غابت( أو غُيبت! ) من كتاب الرفيق( أبو سعد ) مستعيناً بذاكرتي الجيدة، وبدفاتر ذكرياتي اليومية عن تلك الفترة، والتي احتفظ بها للآن، والتي يعرف الرفيق ابو سعد وكثير من الأنصار، أنني كنت ممن يدونونها يومياً.
في الصفحة 100 من كتاب الرفيق( أبو سعد ) وهو يتحدث عن النزول الأول للسرية الرابعة( المفرزة 47 )، والواضح من الإسم، أنها نزلت للداخل في آواخرآذار أو بداية نيسان، من عام 1981، لأنها سميت بمناسبة ميلاد الحزب السابع والأربعين، يورد الرفيق النص التالي( قبل يوم من تحرك المفرزة زارنا وفد من مكتب القاطع بقيادة الرفيق أبو يوسف، ومعهم الفنان المبدع حمودي شربة، صديق أبو كمير وإبن مدينته الحلة، بعد كلمة الرفيق ابو يوسف التشجيعية، والتي قال إن مفرزتنا تشكلت بمناسبة الذكرى 47 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، وإننا سنتوجه مع مفرزة الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقيادة حميد خاستي، أحد البيشمركة المتميزين، ويكون تجوالنا وعملنا في منطقة زاخو، التي لم تتجول فيها أي مفرزة منذ إنهيار الحركة الكردية.. الخ ومن هنا إكتسبت مفرزتنا إسم( المفرزة 47 ). أسعدنا حمودي بأمسية تفوق الوصف، وكانت جل نكاته تخص صلوحي والد أبو كمير) هذا ما ورد بالنص في الصفحة 100 من كتاب الرفيق( أبو سعد ) ويؤسفني أن أقول لأبي سعد أن الرفيق حمودي شربة، لم يسعدك بنكاته، ولم يتناول صلوحي والد إبو كمير، ولم يرافق( ابو يوسف ) في زيارته، التي تتحدث عنها! لسبب بسيط، وهو إن الرفيق حمودي شربه كان وقتها لا يزال في القامشلي، ولم يلتحق بعد بقوات الأنصار، ولم يصل كردستان إلا في 19 تموز 1981، أي معي، وفي المجموعة التي كنت أقودها، والتي إلتحمت، بعد أيام من المسير داخل تركيا، مع مجموعة أخرى يقودها الرفيق أبو ربيع، وكونتا مجموعة واحدة، دخلت في اليوم الذي ذكرته، أي 19 تموز 1981، ويمكن الإستفسار حول صحة ما اقوله، من الرفاق ابو ربيع وابو زاهر وأبو فاتن، وشيركو، والرفيق حمودي شربه نفسه، والرفيقات هدى وأمل وأم ليلى ، والكثيرين غيرهم، بالإضافة للرفيق الدليل أبو الوسن! الذي اعرف أنه يتذكر موضوع مجموعتنا بالتفصيل، وبالمناسبة فقد كتبت موضوعاً عن هذه الرحلة بعنوان( لوحة للعبور ) وقد نُشر في مجلة( الثقافة الجديدة ) أوائل عام 1982، وأعيد نشره قبل أشهر في ( طريق الشعب ) ! وفيه إشارة واضحة للرفيق حمودي شربة، الذي كان ضمن مجموعتنا!.
في الصفحة 115 يورد الرفيق ابو سعد، أن الرفيق ابو ربيع، الذي أصبح المسؤول السياسي الجديد للسرية الرابعة، إلتقاه وأخبره، كما ورد في الصفحة المذكورة بالنص( بأنه شكل لجنة ثقافية مني ومن أبو نهران والدكتور أبو ظفر وأبو رزكار. وفعلاً جرى لقاء بيننا وتدارسنا الأمور الثقافية والترفيهية، التي يمكن إقامتها في المفرزة ) هذا ما يورده الرفيق في كتابه بالنص، وأسال الرفيق( أبو سعد ) ألم يكن لهذه الهيئة، التي سميتها لجنة ثقافية، وكان إسمها( مكتب العمل الأيديولوجي ) ألم يكن لها من مسؤول!؟ ولماذا لم تتذكر إسم هذا المسؤول، وأنت توثق التأريخ؟ والمفروض ان تكون عادلا ومنصفاً ومحايداً!!! وسيكون ردي على هذه النقطة بتصوير فوتغرافي، لصفحة من دفتر ذكرياتي، ليطلع الرفيق ابو سعد باليوم والشهر والسنة، وبالتقويمين الهجري والميلادي، عمن أنيطت به مسؤولية هذا المكتب! علماً أن كل رفاق سرية زاخو، يعرفون هذه الحقيقة التي يتجاهلها الرفيق ابو سعدعن قصد( لا أعرف أسبابه؟!)، وأقول عن قصد، لأن الأمر سيتكرر لاحقاً بشكل أكثر غرابة!!.
في الصفحة 117 وتحت عنوان( عملية فاشلة ) يتحدث الرفيق ابو سعد عن دخول المفرزة لمزرعة اشجار خوخ، ويقول( ومنذ البدء حذرنا الدكتور أبو فراس من الإكثار لأنه لا يمتلك ولا حبة واحدة للإسهال، وحين شاهدناه يأكل بنهم قلنا له أنت تحذرنا ولا تلتزم، فقال وهو يضحك التحذير أنا مشمول به، ولكني لا استطيع الإلتزام به! ) وأقول للرفيق ( أبو سعد ) إن الدكتور أبو فراس لم يكن معنا في هذه الفترة، فقد بقي في القاعدة، وإلتحق الرفيق الدكتور أبو ظفر بديلاً عنه! وانا أتذكر هذا البستان جيداً، والجملة الشهيرة للرفيق( أبو برافدا ) فيه، والتي بقينا نضحك لها فترة طويلة، عندما قال( لا تكطعون فواكه هذا بستان يتامى ! ).
في الصفحة 121 يورد الرفيق ابو سعد أن بين الشهداء الذين قتلهم عيسى سوار، الشهيد( بيا صليوة ) في حين يعرف الجميع، ان الشهيد بيا صليوة إستشهد في موقع ووقت آخر، ولم يكن بين الطلبة الشيوعيين الذين إغتالهم عيسى سوار.
في الصفحات 162 و163، وتحت عنوان( عملية كريمة ) يتحدث الرفيق عن تفاصيل إقتحام قرية للجحوش، يسميها قرية( كريمة ) التي كان قد إستشهد فيها قبل حوالي عام، من التأريخ الذي يذكره، الرفيق ابو سرمد! والحقيقة ان القرية وعملية الإقتحام، التي يتحدث عنها الرفيق ( أبو سعد )هي قرية ( كوفلي ) وليست قرية( كريمة )، وكنت ضمن المساهمين بإقتحامها، ولي مع الرفيق( علاء ) طرائف نتذكرها دائماً عن هذا الإقتحام، وكان للرفيق( أبو هدى ) آمر السرية دور هام في العملية.
في الصفحة 176 وتحت عنوان فرعي هو( حطب المدفأة ) يكتب الرفيق( أبو سعد )بعد أن نُسب للعمل في مكتب إعلام قاطع بهدينان، يكتب بالنص( أقطع الشجرة وأجردها من الأغصان الصغيرة، التي لا تنفع كحطب، ومن ثم أقطعها مرة اخرى لتكون سهلة الحمل. حين اعود لمجموعتنا أجدهم لا زالوا في قيلولتهم فأنهضهم ليجلبوا الشجرة. وتأتي المشكلة الثانية وهي ان ليس بينهم من يحسن إستخدام الطبر في تقطيع الجذع، مما يضطرني أن أقوم بهذه المهمة في اغلب الأحيان أيضاً ) وهؤلاء الكسالى التنابل الذين يوقظهم الرفيق( أبو سعد )من قيلولتهم، بعد أن أنجز لهم قطع الشجرة وتشذيبها، ليصنع حطباً لتدفئتهم، والذين ليس بينهم من يُحسن إستخدام الطبر! هم ابو دجلة وابو حاتم وابو هشام وأنا!! وأقول للعزيز( ابو سعد ) إتق الله فيما تقول! فنحن لم نزل أحياء، وكنا في الوقت الذي تتحدث عنه( أي قبل أكثر من 33 سنة ) بكامل قوتنا ورجولتنا! وإذا صح ما تقوله، وهو غير صحيح بالمطلق، فكان يفترض أن تكتب إنك نُسبت لمكتب معوقين، وليس لمكتب إعلام!!
في الصفحة 180 وتحت عنوان( الإعلام والجريدة ) يورد الرفيق( أبو سعد ) بالنص( ولم يشخص مكتب القاطع مسؤولاً للإعلام إلا في أواخر عام 1983، عندما إنتقل مقر القاطع إلى مقر زيوه شكان ) وفي الصفحة 203 وتحت عنوان( الإعلام في زيوه شكان )يكمل الرفيق ابو سعد روايته الغريبة وغير المفهومة فيكتب( أخبرتنا قيادة القاطع بأنها شخصت الرفيق أبو جواد مسؤولاً للإعلام.....ويعتبر الرفيق ابو جواد أول مسؤول للإعلام في قاطع بهدينان ) !! وهذه المرة اقول للرفيق( أبو سعد ) بأنه ليس من الأمانة والمنطق أن تتجاوز على الحقيقة بهذه الخفة والسهولة! ففي يوم 10/ 11/ 1982، وفي إجتماع مكتب إعلام بهدينان، وبحضور المشرف الرفيق كاظم حبيب، مورست أول وآخر إنتخابات سرية ديمقراطية، لإختيار مسؤول لمكتب الإعلام في قاطع بهدينان، وقد فزتُ في هذه الإنتخابات بالإجماع، أي بضمنها صوتك عزيزي ابو سعد، الذي منحتني إياه!!!! فهل خانتك الذاكرة، لتنسى حدث هام كهذا؟ وإذا كنت قد نسيت أو تناسيت( لأسباب لا ازال أجهلها !) فهل ينسى الرفاق ابو دجلة وابو حاتم وكاظم حبيب، ورفاق قاطع بهدينان جميعاً من كان مسؤول إعلام قاطع بهدينان، خلال الفترة التي تتحدث عنها؟ وهذه صورة فوتغرافية، لما كتبته في دفتر ذكرياتي عن ذلك اليوم، لكي يتذكر الرفيق( أبو سعد )، إن كان الأمر يتعلق بالذاكرة وليس في أمر آخر أجهله !!
وبالمناسبة بعد هذه الإنتخابات بثلاثة أيام، أي في 13/11/1982، رافقت الرفيق كاظم حبيب، في جولة إستمرت لمدة شهر، زرنا خلالها جميع سرايا ومواقع قاطع بهدينان، وكنت خلالها أمارس دوري في الإجتماع مع مكاتبها الإعلامية، بإعتباري مسؤولاً لإعلام القاطع! ويمكن أن أطلع الرفيق ( أبو سعد )، في أول زيارة له لأربيل، على دفاتر ذكرياتي، ليقرأ ما كتبته، في ذلك الوقت، عن تفاصيل هذه الرحلة! وقبل ذهابنا في هذه الرحلة، أي في اليوم التالي لإنتخابات مكتب الإعلام، شكل الرفيق كاظم حبيب هيئة سماها( هيئة الإعلام والعمل الفكري ) تضم ثلاثة رفاق هم( أبو هندرين للعمل الفكري، وأبو ذكرى مسؤول المدرسة الحزبية، وأنا مسؤول الإعلام ) والرفاق جميعاً أحياء ويمكن سؤالهم!!
الغريب إن الرفيق( أبو سعد ) وفي نفس الصفحة وتحت نفس العنوان يستمر في كتابته قائلاً( وبعد سنة أو أكثر بقليل، جرى نقل الرفيق أبو جواد للعمل ضمن تشكيلات التنظيم المحلي التابع للمكتب السياسي للحزب، بعد أن إنتقل بعض قادة الحزب والمكتب السياسي إلى مقر زيوة وإقامة مقر خاص بهم والذي سُمي للتمويه ب( الفصيل المستقل ) وجرى تشخيص الرفيق أبو عبير مسؤولاً جديداً للإعلام. وبعد فترة أخرى من الزمن وبناءاً على رغبته، تمت الموافقة على ذهابه للعمل في تنظيمات الحزب في الداخل. وجرى تشخيص الرفيق أبو هندرين كمسؤول جديد للإعلام. وتميز نشاطه في إلقاء المحاضرات في الجانبين الفكري والسياسي اكثر من الجانب الإعلامي )، وهنا أيضاً يورد الرفيق( أبو سعد ) أسماء الذين تولوا مسؤولية الإعلام بالتتالي وهم( الرفاق أبو جواد وأبو عبير وأبو هندرين )، أما أنا فربما يعتقد الرفيق أبو سعد بأني لا أزال للأن أمضي إجازتي في اليمن ، وربما أيضاً أساهم في قيادة إحدى جبهات المقاومة مع( عبد الله الحوثي ) في صنعاء!!! والحقيقة التي يعرفها الجميع( ويفترض أن يكون الرفيق أبو سعد في مقدمتهم !!!) هي إنني ذهبت في إجازة يوم10/10/1983، ضمن مفرزة شهيرة يقودها الرفيق( أبو حسنة )، ومن بين من فيها أذكر الرفيق عبد الرزاق الصافي وأخي أمير والروائي جنان جاسم حلاوي وأم أسماء وأبو كمير وأبو وليد وغيرهم، وعندما عدت من إجازتي في اليمن، في حزيران 1984، أي بعد أقل من ثمانية أشهر، وجدت الرفيق أبو عبير مسؤولاً للإعلام، فعملت معه بنفس همتي وإندفاعي، وكعضو في الإعلام، إذ يعرف الكثيرون أنه لا تهمني المواقع الحزبية، لا في السابق ولا الآن، ولكن ما يهمني هنا هو ذكر الحقيقة، وتدوين التأريخ بشكل صادق وموضوعي! وبعد فترة قليلة من إلتحاقي كعضو في الإعلام، نُسب الرفيق أبو عبير للعمل في الداخل، فأنيطت بي مجدداً مسؤولية مكتب الإعلام، كما كانت قبل سفري في الإجازة، وبقيت هكذا حتى تم نقلي إلى الإعلام المركزي، بعد مشاركتي في المؤتمر الوطني الرابع للحزب، حيث نُقلت للعمل في صحيفة( نهج الأنصار )، نهاية عام 1985 ، أما بعد نقلي إلى الإعلام المركزي، فربما تم تنسيب الرفيق أبو هندرين مسؤولاً للإعلام، إذ لا علم لي بذلك، وإذا حدث ذلك فبعد نقلي وليس قبله!! أي في نهاية عام 1985، وما أعرفه ويفترض أن يعرفه الرفيق ( أبو سعد ) وكل أنصار قاطع بهدينان، هو ما أوردته من حقائق، وليس ما ورد في كتاب الرفيق( أبو سعد )!
في الصفحة 232 يكتب الرفيق( أبو سعد ) ما يلي( في مقر كوماته الأول ولدت أول طفلة وهي ماريا إبنة أبو داود ) والحقيقة إن أول طفلة ولدت في المقر كانت( زينة ) إبنة الرفيقين أم وأبو إزدهار ! وقد كتبت حينها عموداً عن الحدث نُشر في جريدة النصير.
في الصفحة 188 وتحت عنوان( تقدم الجيش التركي ) يتحدث الرفيق( أبو سعد ) عن المسؤوليات العسكرية التي أضيفت إليه ليكون كما جاء بالنص(إضافة إلى الإعلام مسؤولاً عسكرياً عن الطبابة والسجن والإدارة)! ولأني لا أعرف تفاصيل هذه الأمور، رغم إنني كنت مسؤول الإعلام،( أي مسؤول الرفيق أبو سعد ) فالأمر متروك للرفيقين أبو تحسين وأبو عماد، اللذين يورد الرفيق إسميهما بإعتبارهما آمر ومعاون آمر سرية المقر! لكي يدققا هذه المعلومات، لكن ما يثير الدهشة في الصفحة التالية 189 أن يورد الرفيق بالنص ما يلي( تم نقل جميع مستلزمات الإعلام وساهم بذلك كل من الرفيقين أبو حاتم وأبو هشام بشكل كبير وقد تم دفنها في حفرة في الوادي الجديد بإشراف الرفيق أبو عماد ) وأسأل الرفيق ( أبو سعد ) وأنا أين كنت! وأنتم تتجشمون عناء نقل المستلزمات؟! ولإيضاح الحقيقة التي يغيبها الرفيق( أبو سعد ) سأضطر لإيراد نص ما جاء في دفتر ذكرياتي، ليوم 30/5/1983، وتصويره أيضاً، لكي يتأكد الرفيق( أبو سعد ) أين كنت وماذا فعلت في الفترة التي يتحدث عنها! تقول مذكراتي لليوم المذكور بالنص( أمس لم يكن يوماً إستثنائياً، كانت طلعات الطائرات التركية والعراقية مستمرة منذ أيام، فوق مقراتنا، طيران حربي وهليوكبتر، قررنا الإنسحاب بإتجاه الداخل، كانت الحيوانات القليلة التي لدينا مستمرة في نقل العتاد وبقية الأسلحة الفائضة وأهم الإحتياجات، خرجت مع الرفاق لمرافقة الحيوانات، إلى المقر المؤقت في هرور، وعدت عصراً منهكاً، لكن الأخبار التي وردت، هي أن الجندرمة التركية، إحتلت القمة العالية فوق هوركي، وهم يتقدمون لإحتلال القمم الأخرى، كان لابد من إيقافهم، ذهب عدد قليل من الرفاق لإرتقاء القمة المواجهة، وبدأت مع الغروب أولى الطلقات، التي نشطت بعد حين، لكنها لم تصل إلى معركة شديدة، إذ إنسحب رفاق حدك، وكان أشد الأخبارألماً، تلك التي وصلتنا، هي إستشهاد الرفيق فكرت، وجرح رفيق آخر، سقط من قطع جبلي حاد، حدث بعض الإرتباك، وكانت التوجيهات تقضي بالإنسحاب، ونقل أهم ما نستطيع نقله من أمتعة وحاجات، نقلتُ بطانيتين والراديو مسجل وحقيبة كبيرة فوق ظهري وإنسحبت، كان الطريق منهكاً والصعود لا يطاق، خصوصاً والحمل غير منظم. وصلنا القمة فوق منطقة هرور، فإنهارت قواي، كنت تعباً ومرهقاً ومعروقاً، لذلك شعرت بالبرد والجوع والعطش، أكلت بعض الخبز والجبن، ودثرت نفسي ببعض البطانيات التي تكومت، وبدأ الرفاق يتوافدون ونحن نستقبلهم، وكان علي أن أعود مع الحيوانات، بعد أن هدأ القصف المدفعي، الذي رافق عملية تقدم الجندرمة، كان قصفاً شديداً ومن أسلحة متنوعة، لكنه لم يصب أحداً بسوء، حتى لم يسقط شيء فوق المقرات بشكل مباشر. وصلت المقر من جديد في حدود الثانية عشر ليلاً، وحين حَمًلت الحيوان بقية العتاد، عدت وحيداً، وفي طريق العودة إلتقيت ببعض الرفاق المنسحبين. في المقر وصلت أخبار عن سحب الجريح الرفيق باسم، وذهب عدد من الرفاق لمساعدة حامليه. كان هناك خبر مقلق هو فقدان الرفيق نعمان ورفيق آخر من كوك، وملأنا الحزن لهذا الخبر، لكن الرفيق نعمان وزميله وصلا صباح هذا اليوم ليرويا قصة إنسحابهما البطولية.) هذا ما ورد بالنص في دفتر ذكرياتي عزيزي( أبو سعد ) وكان هذا هو دوري الذي شطبت عليه لسبب لا زال يحيرني! فهل كنت أكذب وأنا أسجل اليوميات في حينها!!؟ أم كنت افكر، وأنا أكتبها، أنك ستصدر كتاباً، سيشطب دوري، ويجب أن استعد للرد عليه بعد أكثر من ثلاثين سنة؟! لذلك أطلب من الرفيق( أبو سعد )، أو أي نصير غيره، أن يوافيني في أي وقت، لكي يطلع على دفاتر ذكرياتي بنفسه!
في الصفحة نفسها يروي الرفيق( أبو سعد ) معركة تصدينا للجيش التركي بطريقة مغايرة للحقيقة، فيقول ( في الصباح فوجيء الرفيق أبو فكرت( رحيم كوكو العيداني ) الحرس الليلي الأخير بطلائع الجيش التركي وهي تصعد إلى القمة فما كان منه إلا وأن أطلق النار عليها فقد كان في موقف لا يمكنه الإنسحاب أو التخفي. وفتح الجندرمة النار عليه أيضاً وسقط شهيداً، بعد أن أصاب عدداً من القوة المهاجمة ) والحقيقة هي أن قوة أنصارية تطوعت للتصدي للتقدم التركي، وأذكر من بينهم الرفيق( معروف ) الذي كان ينوي ترك الأنصار ومغادرة كردستان، فقد تطوع وحمل رشاشاً وساهم في التصدي، وهو( أي معروف ) من أخبر قيادة القاطع بسقوط الرفيق( ملازم باسم ) من القطع الصخري، وأخبرهم بأنه يعرف مكان سقوطه، وهو أيضاً من تطوع لمرافقة مفرزة، في اليوم التالي، لكي يدلهم على موقع سقوط( ملازم باسم )، وهذا ما حدث بالفعل، والرفيق( معروف ) حي يرزق ويعيش في أربيل، ويمكن الإستفسار منه ومن( ملازم باسم ) عن تفاصيل هذا الحدث.
في الصفحة 192 وتحت عنوان( مشادة ) يكتب الرفيق أبو سعد بالنص( بعد وصولنا إلى الموقع المؤقت وإستراحتنا جاءني الرفيق أبو سامي منتقداً بشكل غير ودي متهمني بترك أرشيف الإعلام والوثائق والصور في بلمير. وقبل قدومه المفاجيء ذاك سألت الرفيق أبو عماد عن المكان الذي وضعت فيه حمولات الإعلام، فدلني على المكان الذي دُفنت فيه بعد تغليفها بالنايلون بشكل جيد. أخبرت الرفيق أبو سامي بأننا في الإعلام لم نترك أي شيء من مستلزماتنا في بلمير. فرد عليً بأنه لا يصدق ذلك وإنه واثق من كلامه. وحين طلبت منه أن يخبرني عمن أعطاه تلك المعلومة الخاطئة، قال آمر السرية) ويستمر الرفيق أبو سعد في عدة أسطر أخرى في رواية، كيف حفر مع الرفيق( أبو عماد ) الأرض وكيف أخرجا الأرشيف .. الخ، واقول للرفيق( أبو سعد ) بالعباس إبو فاضل ومعه الحسين أبا عبد الله، هذه التي سميتها( مشادة ) مع الرفيق كاظم حبيب، حدثت معي وليست معك! وربما أكون قد رويتها للرفيق( أبو سعد ) أو إنه شهدها بنفسه، عندما عدنا للمرة الثانية من بلمبير! وربما يتذكر الرفيق كاظم حبيب( أبو سامي ) الموضوع أيضاً، إذ إن المنطق يقول، أنه يفترض بمسؤول القاطع السياسي، وهو الرفيق( أبو سامي ) أن يخاطب أو يحاسب مسؤول الإعلام على هذا التقصير، وأنا من كنت مسؤول الإعلام، وموجود أمامه بشحمي ولحمي! فلماذا يحاسب الرفيق( أبو سعد )؟! ولكن يبدو أن فكرة إلغائي قد إستحكمت في رأس الرفيق( أبو سعد ) فتقمص هو هذا الدور أيضاً! إذ أنه حرمني حتى من المساهمة في نقل مستلزمات الإعلام، بل الحقيقة إنه لا وجود لي في كل هذا المشهد، في كتاب الرفيق( أبو سعد )! حتى إنني بدأت أشك إنني ربما لم أكن حتى نصيراً في كردستان!
أما تفاصيل الحدث، فهي أن الرفيق كاظم حبيب، وصلته معلومة تقول أن جماعة الإعلام، تركوا أرشيف الصور الأنصارية والنكتف، في الموقع السابق، وهو أمر بالطبع خطير، وبدل أن يستفسر الرفيق كاظم حبيب مني بهدوء عن الموضوع، بادرني وأنا منهك بعد جولتين متتاليتين، من حمل مستلزمات الإعلام والبطانيات، بين بلمبير وهرور، بادرني بعصبية قائلاً: كيف تتركون إرشيف الإعلام والصور؟ أنتم تتركون للعدو أهم وثائقنا!..الخ، فقلت له بحسم: من قال لك إننا تركنا الإرشيف؟ فأشار للرفيق( أبو لينا ديوانية )، فصحت على الرفيق ( أبو لينا ) بحدة : من قال لك إننا تركنا الإرشيف؟ فإرتبك الرفيق أبو لينا وهو يرى حدتي، فقال: ما أدري قالوا لي! فإلتفت للرفيق كاظم حبيب وقلت له بحسم، الأرشيف موجود وهو أول من نقلناه! ثم تركت الرفيق، وبعد فترة قصيرة تبعني وتحدث معي بلهجة مرنة وهادئة، ولكنها تخلوا من الإعتذار المباشر! هذا ما حدث بالضبط، ولا علاقة لآمر السرية ولا لمعاونه بالأمر! وليس هناك حفرة ولا دفن، فنحن في موقع مؤقت غادرناه في اليوم التالي!! هذا ما حدث معي بالضبط، والمنطق والعقل يقول، أنه لا يمكن أن يكرر الرفيق كاظم حبيب طرح نفس الموضوع، الذي عرف تفاصيله مني، أن يعيد طرحه مع الرفيق أبو سعد مرة أخرى!! وأذكر إنني بعد إنتهاء الأحداث، وعودتنا لمقر الفوج الثالث، طلبت من الرفيق( أبو جميل ) لقاءاً لكي أشكو له سلوك الرفيق كاظم حبيب مع الإعلام، وفي اللقاء الذي حضره أبو طالب أيضاً، كان الرفيق كاظم حبيب قد إنتقل إلى لولان، في 19/6/1983، فقلت للرفيق( أبو جميل ) ما دام الرفيق الذي كنت أريد الحديث عنه ليس موجوداً، لذلك ليس من العدل أن أطرح الموضوع بغيابه وسأتركه، ولكني شكوت في هذا اللقاء من( أبو طالب ) وبحضوره، وسط دهشته وإستغرابه!
في الصفحة 196 وحول الحادثة الشهيرة لسقوط الرفيق( أبو سرور ) مع البغل في الوادي، أثناء العبور من قرية( قمرية ) يورد الرفيق( أبو سعد ) وقائع غير دقيقة، بل ومتناقضة، فهو يورد نقلاً عن مذكرات الرفيق( توما توماس ) نصاً صحيحاً، يشير فيه الرفيق( أبو جميل ) لعبور حوالي 300 نصير وبيشمركة من قمرية للجهة الثانية فيقول( بكل هدوء تمكن الجميع من إجتياز منطقة الخطر والتوجه إلى قرية كركا في الجانب الآخر من الشارع)، ودون أي إشارة لموضوع سقوط الرفيق( أبو سرور )، في حين يكتب الرفيق( أبو سعد ) بعد إيراده لنص الرفيق( أبو جميل ) مباشرة مايلي بالنص( بعد إستكمال الإستعدادات للتحرك ومساعدة الرفيق أبو سرور على ركوب أحد البغال الهادئة، جرى ربطه إلى ظهر البغل خشية حدوث أمر غير متوقع حين المرور من المنطقة التي تشرف عليها الربيئة الموجودة على قمة الجبل المواجه. وقد كانت عملية قسرية مؤلمة ما كان يجب القيام بها. تحركت القافلة الكبيرة قبل الغروب وكانت تضم قيادة القاطع مع من بقي من الأنصار وكان برفقتهم عدد من البغال المحملة وهذا ما يصعًب المسيرة ويعرضها إلى خطر كبير، فالضوضاء التي تحدثها البغال ووقع حوافرها خاصة وإن المنطقة الخطرة يجري تجاوزها عبر صعود الجبل المقابل للربيئة، إضافة إلى أن القمر رغم أنه لم يكن بدراً سيضيء المنطقة. وعند المنطقة الخطرة وبسبب محاولة إجبار البغل الذي يحمل الرفيق ابو سرور على الإسراع، إنتفض البغل وزلت قدمه ليهوي متدحرجاُ بما حمل إلى الوادي، وأحدث ضوضاء كبيرة. بعد فترة إنتظار قصيرة نزل آمر السرية ومعه بعض الأنصار إلى الوادي فلم يعثروا على البغل أو الرفيق أبو سرور. وصعدوا ليلتحقوا بالمفرزة. وصل الخبر للرفيق أبو جميل وطلب منهم العودة للبحث عن الرفيق أبو سرور وكانت المفرزة قد تجاوزت الجهة المواجهة للربيئة وعليها الإسراع لعبور الشارع قبل الفجر. أكد آمر السرية أنه بحث عنه جيداً دون جدوى) هذا ما ورد بالنص في كتاب( أبو سعد ) والواضح أنه يتناقض تماماً مع ما أورده هو نفسه من مذكرات الرفيق( توما توماس )، الذي قال إنهم عبروا بهدوء ولم يشر في مذكراته لطلبه البحث عن الرفيق ابو سرور، لسبب بسيط، هو إن الرفيق أبو جميل و300 بيشمركة ونصير، من حدك ومن رفاقنا، كانوا قد عبروا قبل يوم من حادثة سقوط بغل( أبو سرور )!! وسأضطر لرواية الحادثة رغم طولها وتعقيدها، لأن الرفيق( أبو سرور ) وبغله فلتا من بين يديً، إذ أنا من كنت أقود بغله، وقد أخذ الحبل الذي كنت أمسك به البغل لحم راحة يدي، وجرحني جرحاً بليغاً، عندما حاولت منعه من الإنزلاق، وأذكر إنني عندما إلتقيت بابي سرور في دمشق، بعد حوالي ستة أشهر من الحادث، وكان قد تعافى إلى حد ما، سألني هل حقاً أن الرفيق( أبو تحسين ) هو من دفع ببغله للوادي!؟ إذ هكذا أخبره البعض!!! فقلت له إذا كان هناك من دفع بغلك فيفترض أن أكون أنا، لأني أنا من كنت أقوده! وشرحت له كل الحادثة وكيف جرت، وصححت له ما روجه الكارهون للرفيق( أبو تحسين )! والرفيق أبو سرور حي يرزق ويتذكر ما اقوله!
بإختصار اقول للرفيق( أبو سعد ) إننا لم نستطع العبور معكم في اليوم الأول، وهو 1/6/1983 وصدر قرار بإبقاءنا مع( أبو سرور ) وجريحين آخرين هما( طه_ زوج عشتار ) و( ملازم باسم ) وأذكر من بين الذين بقوا معنا في هذه المجموعة، الدكتور أبو الياس ولطيف( الذي كان سجيناً عندنا ) وأبو تحسين، ويوسف الخطاط، وأعتقد أبو زاهدة، وفي دفتر ذكرياتي تفاصيل، في ثلاث صفحات، تغطي الموضوع، وقد كُتبت بعد يومين من الحادثة، أي في 4/6، والحادثة وقعت في 2/6، ويمكن أن أطلع الرفيق( أبو سعد ) أو أي نصير عليها متى شاء! وملخصها إننا ربطنا الرفيق( أبو سرور ) بالحبل على البغل، وأغلقنا فمه أيضاً، وركب خلفه الرفيق أبو تحسين وإحتضنه لحمايته، وعندما أصبحنا أمام الربيئة بدأت إطلاقات دوشكا وتنوير، فأنزلنا الجرحى، وكان الرفيق باسم، وبسبب آلامه والكسور التي في جسده، ينام فوق البغل، على فراش عجيب من القش والكواني، صنعه الرفيق( يوسف الخطاط )، وإستغرق في خياطته طوال نهار بقاءنا في قمرية، أنزلنا الرفيق( ملازم باسم ) وفراشه على الأرض، ونزل أبو تحسين من خلف الرفيق( أبو سرور ) وكنتُ اقود بغلهما، الذي كان يسير خلف بغل الرفيق باسم، فأصر البغل الذي كنت اقوده على المرور، بمعنى أنه كان سيدوس الرفيق( ملازم باسم )! فحاولت منعه بكل جهدي، ولكن البغل كان جريحاً في ظهره، ويريد الصعود، فإنزلقت أقدامه الخلفية، ومضى بأبي سرور نحو الوادي، بعد أن إقتلع الحبل، الذي تمسكت به لحم راحة يدي، وكان للضجة التي أحدثها سقوط البغل أثرها على الربيئة التي بدأت قصف مدافعها ورشاشاتها، وعندما هدأ القصف نزل الرفيق أبو تحسين لمكان سقوط البغل فلم يجد أحداً، فعاد وإستشارني في ما نفعل، فقلت له لا يمكن أن نضحي بمجموعة كاملة ومعنا جريحان، والفجر يوشك أن ينبلج، وهكذا واصلنا العبور.
هذه هي الأحداث التي شهدتها، أرويها كما حدثت دون مبالغة ولا إدعاء، مستنداً لذاكرة جيدة ولدفاتر ذكريات تحمل صدق لحظتها، أما ما حدث في الإعلام، وفي عموم قاطع بهدينان، بعد نقلي للإعلام المركزي، نهاية عام 1985، فأتركه لمن عاصروا تلك الأحداث ليدققوا فيما اورده الرفيق( أبو سعد ).
بقي أن أقول إن ما كان يربطني بالرفيق( أبو سعد ) طوال عملنا المشترك ولسنوات، وبعد إنتهاء الحركة الأنصارية أيضاً، هو الود والصداقة، ولا أذكر إننا إختلفنا يوماً! ليكون موقفه معي هكذا!! ومع ذلك سأحاول أن أحتفظ له بنفس الصورة القديمة التي في ذاكرتي.