فضاءات

حول حقوق عوائل الشهداء والسجناء السياسيين / ناصر حسين

قبل ايام قلائل شرع البرلمان العراقي قانونا جديدا حول حقوق عوائل الشهداء، الغي بموجبه القانون رقم 3 للعام 2006 وقد شكل القانون الجديد نقلة جديدة إلى الأمام بالقياس الى القانون السابق فقد نص على شمول من استشهد في العام 1963 خلال فترة سلطة البعث للفترة من 8 شباط حتى 18 تشرين الثاني 1963 في حين لم ينص القانون رقم 3 على ذلك، كما نص القانون الجديد، أسوة بما نص عليه التعديل الاخير للقانون رقم 4 والخاص بحقوق السجناء السياسيين، على جمع عائلة الشهيد التي تستلم راتبا آخر غير الراتب الذي قرره القانون، للراتبين ولمدة 25 عاما بعد ان كان القانون رقم 3 يحدد للجمع بين الراتبين مدة عشر سنوات فقط وقد رفع من القانون الجديد قيام المؤسسة بتسديد سلفة البناء والتي تستلمها عائلة الشهيد في المصرف العقاري او صندوق الاسكان النص (( في المستقبل )) الذي ورد في القانون رقم 3 اذ ان هذا النص في المستقبل جعل العوائل ملزمة بتسديد اقساط السلف التي تستلمها من المصرف او الصندوق بانتظار الوقت الذي تبدأ فيه المؤسسة بالدفع واعادة ما دفع من اقساط. اما بعد ان رفع هذا النص بموجب القانون الجديد فمن المفترض ان لا تطالب العوائل المستلفة بتسديد الاقساط بل المؤسسة لا غير، وبذلك يرفع عن كاهل العوائل عبء تسديد الاقساط الى امد غير محدود، ولربما تنتهي العوائل من تسديد كامل اقساط السلفة والمؤسسة لم تباشر بالدفع بعد لان النص (( في المستقبل )) الذي كان واردا في القانون رقم 3 يسمح بذلك.
كما نص القانون الجديد والذي تنتظر عوائل الشهداء المصادقة عليه من قبل رئاسة الجمهورية ونشره في جريدة الوقائع العراقية ليأخذ طريقه الى التطبيق العملي على ان ينفذ القانون الجديد استثناء من ضوابط عمل المصارف وبذلك تمت معالجة الاشكال الذي كانت تواجهه عوائل الشهداء اذ ان ضوابط عمل المصارف لا تسمح بتسليف طالب التسليف اذا كان السند العقاري ينص على ان مالك العقار اكثر من طرف – اكثر من شخص في حين نجد ان هناك سندات تنص على ان العرصة ملك مشاع لورثة الشهيد الذين يتجاوز عددهم الخمسة اشخاص في بعض الاحيان، وبذلك تحرم العائلة من استلام السلفة.
وانا هنا اشير الى هذا التقدم الى الامام بتشريع القانون الموحد الجديد لا اغفل ابدا الاشكال الدستوري الموجود بين القانونين رقم 3 ورقم 4 سواء كان قبل التعديلات الاخيرة او بعدها وبين الدستور لقد نص الدستور على ان العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات بينما ينص القانونان على شمول من استشهد من العراقيين او اعتقل او سجن في الفترة من 8 شباط 1963 لغاية 18 تشرين الثاني من العام نفسه والفترة الزمنية من 17 تموز 1968 ولغاية 9/4/2003 وكذلك ضحايا الارهاب ما بعد 2003 وجماعة رفحا وضحايا الانفال وشهداء الحشد الشعبي الذين يقاتلون الان ضد (( داعش )) وبذلك تم استثناء من استشهد او اعتقل او سجن في الفترة التي سبقت عام 1963 وما بعده أي الفترة التي امتدت من 18 تشرين الثاني 1963 حتى السابع عشر من تموز من العام 1968. وهنا بالتحديد موضع الاشكال الدستوري حيث لم يضمن القانونان رقم 3 ورقم 4 وتعديلاتهما الاخيرة وقانون الشهداء الجديد البديل عن القانون رقم 3 المساواة وفي الحقيقة ميز بين الشهداء او المعتقلين والسجناء وهم جميعا عراقيون حيث منح البعض حقوقا وامتيازات وحرم آخرين من أي حقوق كان ينبغي ان لا يحرموا منها عملا بروح الدستور وما نص عليه بخصوص المساواة بين العراقيين.
لقد اعدم النظام الملكي كما هو معروف اربعة ضباط جيش كرد دفعة واحدة وكذلك قادة الحزب الشيوعي العراقي – يوسف سلمان يوسف "فهد" وحسين محمد الشبيبي وزكي محمد بسيم – يومي 14 و 15 شباط عام 1949 مثلما اعدم نهاية عام 1956 في مدينة الحي الشهيدين علي الشيخ حمود وعطا مهدي الدباس وكان ذنبهما انهما قادا في ذلك العام انتفاضة ابناء الحي الباسلة تضامنا مع الشعب المصري الشقيق الذي كان يتعرض للعدوان الثلاثي الاسرائيلي البريطاني الفرنسي المشترك.
كما استشهد مواطنون عراقيون برصاص شرطة نوري السعيد وسجانيه سواء كان في تظاهرات الشعب في الشوارع في وثبة عام 1948 وانتفاضة تشرين عام 1952 وانتفاضة تشرين عام 1956 وغيرها او مجازر سجني بغداد والكوت المعروفة.
واستشهد من العراقيين برصاص الاجهزة الامنية في الاغتيالات السياسية التي كانت تنفذها بنفسها او تحث عليها عصابات تمارس القتل بدم بارد خدمة لمن يدفع لها ويملأ جيوبها من اموال خزينة الدولة العراقية واذكر هنا بعض الامثلة :
- الضابط الوطني الغيور حسيب الربيعي الذي اغتيل أيام النظام الملكي،وقرابة ستمائة في الموصل لوحدها اغتيلوا غدرا وغيلة في النصف الثاني من العام 1959وخلال اسبوعين فقط منهم من كانوا من الشيوعيين واصدقاء الحزب ومنهم من كانوا من الحزبين الوطني الديمقراطي والديمقراطي الكردستاني (لقد كان الشهيد كامل قزانجي الذي استشهد في الموصل، اذار 1959 قائدا من قادة الحزب الوطني الديمقراطي– والكثير منهم لم تكن له اية علاقة بالسياسة.
- تركي الحاج صلال الموح في ناحية سومر بقضاء عفك في محافظة الديوانية / تموز 1959.
- الحاج سعدون الحاج حمود التكريتي الذي اغتيل مساء يوم 24 تشرين الثاني 1958 من قبل المقبور صدام حسين بتحريض من قبل خاله خير الله طلفاح.
- التربوي ممدوح الالوسي الذي اغتيل في بغداد اوائل عام 1960.
- الشاب صبيح فائق السعيدي الذي استشهد في شارع السعدون امام مقر نقابة الاعمال التجارية لدى اطلاق النار على الشهيد خليل ابو الهوب ربيع عام 1960.
- الاستاذ عبد الرزاق مسلم – استاذ الفلسفة في جامعة البصرة – الذي اغتيل من قبل مفوض امن من جهاز امن عبد السلام عارف في البصرة.
- القائد الشيوعي حميد صادق الدجيلي الذي اغتيل في ساحة الطيران ببغداد عام 1965 بأطلاق النار عليه وهو يسير في الساحة من قبل امن عبد السلام عارف وطاهر يحيى التكريتي.
- المناضل هادي كاظم درويش الذي اغتيل ربيع عام 1966 جنوب مدينة الشامية.
- كما دخلت السجون والمعتقلات افواج من مناضلي الشعب سواء كان قبل ثورة الرابع عشر من تموز او بعدها، واشير هنا الى بعض الامثلة.
- اعتقل الاستاذ كامل الجادرجي لمعارضته للنظام الملكي وحكم عليه بالسجن ثلاث سنين.
- عام 1949 اعتقلت المناضلة زكية خليفة وادخلت السجن لعدة سنين.
- اواخر عام 1960 اعتقل من عمال السكائر فقط وبليلة واحدة ستمائة عامل كانوا مضربين عن العمل ونقلوا الى معتقل خلف السدة في بغداد.
- في ناحية الميمونة بمحافظة ميسان اعتقلت عام 1960 مجموعة من الفلاحات واعتدي على شرفهن من قبل الشرطة وداخل مركز الشرطة الامر الذي اثار حفيظة الشاعر محمد مهدي الجواهري عندما علم بالأمر فكتب على صفحات جريدته الرأي العام مقالته الغاضبة التي حملت العنوان (( ماذا جرى في الميمونة ؟ وقد اكد البيان الذي اصدره الحاكم العسكري العام آنذاك وبعد بضعة اشهر على وقوع الجريمة داخل مركز الشرطة.
- عام 1961 بلغ عدد من دخلوا المعتقلات والسجون من الشيوعيين العراقيين والديمقراطيين واحدا وعشرين الفا وهذا ما اكده الشهيد سلام عادل في رسالته الموجهة الى قيادة الحزب الشيوعي السوري عام 1962. واذكر هنا وعلى سبيل المثال وليس الحصر اسماء معتقلين وسجناء سياسيين تعرفت عليهم عندما كنت معتقلا في معتقل خلف السدة ببغداد او سجينا في سجن الكوت عام 1961.
- المهندس ابو لبنى ناقد الحكيم – من ديالى- ابو تانيا عدنان عباس العلوان شاكر عبيد، ابتسام عبد العزيز – والاثنان من الطلبة الجامعيين ومن قادة الاتحاد العام للطلبة آنذاك، العامل النقابي سليم زيا داود، الشاعر رشدي العامل، الشاعر الشعبي جاسم الربيعي، المربي المعلم حافظ تركي – من الرمادي – الكاتب عزيز سباهي، الشهيد نافع النائب ضابط في القوة الجوية العراقية وبطل الشرق الاوسط في الملاكمة بوزن الريشة وهذا كان في المعتقل، اما في السجن فكان :
- سكرتير نقابة عمال السكائر كاظم معن، سكرتير نقابة عمال النفط كاسب ناصر – من البصرة- رئيس نقابة الكيل والحمالة عبد الله متي وهو من مدينة تلكيف، رئيس نقابة المخابز والافران ابو سلام محمد حبيب فاضل وهو الذي نسق صحبة الشهيد جبار عنيد منصور مع الشهيد حسن سريع لتفجير انتفاضة معسكر الرشيد في 3 تموز /1963، محمد حبيب احمد مختار الفاو آنذاك -، محمد حبيب سلطان من المدحتية في بابل المربي الفاضل ظاهر الشاوي شقيق اللواء الركن مزهر الشاوي مدير الموانئ منذ عام 1957 ، فخري عبد الهادي الظاهر من مدينة الهندية، المعلم زكي الطرفي والتاجر محسن هويش من مدينة الحي -، عبد المهدي الحاج حسون – ابو اسلم – ونعمة الحاج سطاي – من عين التمر – خورشيد عزيز – تركماني من طوزخورماتو، حسن محمد علي – تاجر من مدينة بغداد – الشهيد عطا جميل – تركماني من مدينة كركوك، المعلم عبد الستار ظاهر شريف- كردي من مدينة كركوك وهو من الحزب الديمقراطي الكردستاني آنذاك.
- عام 1965 وعلى اثر اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الذي دعا في البلاغ الذي صدر عن الاجتماع الى (( اسقاط طغمة عارف – يحيى الدكتاتورية الرجعية)) جرى اعتقال عدد من اعضاء قيادة الحزب – عمر علي الشيخ، جاسم حلوائي، سليم اسماعيل، توفيق احمد، وصالح الرزاقي.
- عام 1965 كذلك اعتقلت مجموعة من العسكريين ضباطا وضباط صف و جنود، منهم القاضي المعروف زهير كاظم عبود – من مدينة الديوانية والمحامي عبيد خضير جبر من مدينة الحمزة الشرقي.
- وفي العام 1965 اعتقل من قبل امن النجف المناضل المعروف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي حسين سلطان صبي وبمعيته كل من المناضل شهاب حمد الكوماني – من المدحتية – والمناضل نجم عبد ابو اللول وزوجته – من ناحية العباسية/ قضاء الكوفة.
- وفي مدينة الحلة اعتقل من قبل امنها عام 1966 المناضل الشيوعي الرفيق ابو داود – حميد مجيد موسى – سكرتير اللجنة المركزية للحزب حاليا وشملت حملة الاعتقالات تلك كلا من الشيوعيين حمدان – من الحمزة الشرقي، حمد الله مرتضى وساجد حمادة من مدينة الديوانية وآخرين والمناضل ابو عباس تركي الهاشم من البوسلطان في محافظة بابل ومحمد حبيب سلطان من المدحتية واخرين .
- وفي مدينة النجف اعتقل ربيع عام 1968 القائد الشيوعي البارز ابو هشام – محمد حسن مبارك – ومعه كل من المناضل جابر الحكيم والمناضل ابراهيم محمد علي سكرانة.
- وفي 20 حزيران 1968اعتقلت في ناحية المهناوية ونقلت الى امن الشامية المناضلة ام ماجد – نجية عبد مطلك – ومعها المناضل ابو صاحب – صالح مهدي طاهر الحاج عباس من ناحية العباسية قضاء الكوفة.
- وفي العام 1964 قامت المجالس العرفية في بغداد بإصدار الاحكام الثقيلة على المناضلين : الشاعر مظفر النواب، الشهيد علي محمد النوري – من كربلاء – والشهيد ابو زيتون – محمد جواد طعمة البطاط – من مدينة البصرة الذين التجأوا الى ايران ايام الانقلاب الفاشي في العراق عام 1963 وتم تسليمهم الى الحكومة العراقية سنة 1964. وانا استعرض هذه الامثلة من الشهداء والسجناء العراقيين الذين لم يشملوا بالقانونين رقم 3 ورقم 4 والقانون البديل عن القانون رقم 3 بسبب الحدود الزمنية التي قررت لمن يشمل من الشهداء او السجناء اجدني اقترح على مجلس الوزراء الموقر والبرلمان العراقي تبني تعديلات على القانونين : قانون السجناء رقم 4 والقانون البديل عن القانون رقم 3 ينفتح بموجبها كل منهما لشمول من استشهدوا قبل وبعد عام 1963 ومن اعتقلوا او سجنوا قبل العام 1963 او بعده تحقيقا للمساواة بين العراقيين التي ينص عليها الدستور العراقي. كما اجدني صاحب مقترح اطرحه على المؤتمر العاشر لحزبنا الشيوعي العراقي لإجراء تعديل على برنامج الحزب الذي اقره المؤتمر التاسع للحزب في الفقرة التي تتعلق بحقوق السجناء والتي تطالب بشمول جماعة 1963 بالقانون رقم 4 الخاص بالسجناء السياسيين وجعلها تطالب بشمول من استشهدوا او اعتقلوا او سجنوا قبل عام 1963 وبعده بقانوني الشهداء والسجناء، فهم رفاقنا وابناء شعبنا ومن حقهم علينا ان نطالب بشمولهم بالقانونين حالهم حال من شملوا.