فضاءات

في ستوكهولم حفل توقيع كتاب، عادات التلقي لدى المهاجرين العرب للقنوات الفضائية العربية / محمد المنصور

في أمسية كاتب وكتاب، استضاف إتحاد الكتاب العراقيين في السويد، السبت (13 / 2 / 2016)، الباحث الدكتور محمد الكحط، في حفل توقيع كتابه الجديد: "عادات التلقي لدى المهاجرين العرب للقنوات الفضائية العربية ـ المهاجرون العرب في السويد أنموذجاً / دراسة ميدانية"، والكتاب هو أطروحة دكتوراه للباحث، نال عليها اللقب بتقدير جيد جداً من الأكاديمية العربية في الدنمارك (2011)، ويظم الكتاب خمسة فصول في أكثر من (220) صفحة، حدد الفصل الأول فيه الإطار المنهجي للبحث، والثاني الإطار النظري ويشمل ثلاثة محاور، والثالث إجراءات البحث، والرابع عادات تلقي المهاجرين العرب في السويد للفضائيات العربية، أما الفصل الخامس والأخير ففيه استنتاجات البحث وتحليل النتائج ثم المقترحات والتوصيات، وقد طبع الكتاب على نفقة الباحث في بغداد هذا العام، وزين الغلاف بلوحة (حوار الألوان) للفنان شاكر عطية، وأهدى الباحث هذا الكتاب: إلى كل مَن قدّم ويقدم بفكره، ويخط بقلمه، ويرسخ بفنه وإبداعه عناوين الحقيقة ليضيء مشعل الحرية.
"سعى البحث لدراسة (عادات التلقي لدى المهاجرين العرب للقنوات الفضائية العربية)، وتم اختيار المهاجرين العرب في السويد أنموذجاً للدراسة، حيث تزداد أعداد أبناء الجاليات العربية في المهجر يوماً بعد يوم، فهناك أجيال عديدة غادرت بلدانها العربية وأصبحت جزءاً من مجتمعات بلدان المهجر، هذه الملاين من المهاجرين، تثير العديد من التساؤلات والإشكاليات، وتحتاج إلى الاهتمام الجدي بها، والسعي لاستمرار تفاعلها مع بلدانها الأم، والفضائيات العربية هي من الوسائل المهمة، التي يمكنها أن تلعب هذا الدور، وتخفف عبء الغربة وهمومها عن المهاجرين، وابتعادهم عن أوطانهم الأصلية، في ظل التطور السريع للثورة المعلوماتية وتقنيات الاتصال، التي انعكست تأثيراتها على مجمل نواحي الحياة، لما وفرته من سهولة وكثافة في الاتصال والتواصل والانفتاح على الآخرين ثقافياً واجتماعياً".
قدم لهذه الأمسية الكاتب كريم السماوي، رئيس إتحاد الكتاب العراقيين في السويد، بالقول: "في هذا البحث الميداني النادر والقيّم، أشار الباحث منذ البداية وفي المقدمة، بتعاظم دور القنوات الفضائية في التأثير على المتلقين أينما كانوا، خاصة بعد التطور التكنولوجي، وسهولة التواصل عبر الكثير من الوسائل، وفي مقدمتها القنوات الفضائية، والذي جعل من كوكبنا يبدو كقرية مترابطة، وحيث التأثير يصبح أكثر للمتلقين المحبين للتواصل مع القنوات المفضلة لهم، والمشاركة فيها بما يحقق لهم ما أسماه الباحث برجع الصدى بالصوت والصورة .. ولكون الكتاب أطروحة دكتوراه، فهذا يعطيه مصداقية البحث والتقصي والمناقشة، وهو هام لنا جميعاً، لأنه يتخذ من السويد أنموذجاً، ويشير إلى أكثر الفضائيات مشاهدة وتأثيراً، ويؤكد على مسؤولية الفضائيات العربية في مواجهة إعلام غربي، غالباً ما يقدم صورة مشوهة عن المهاجرين العرب، فضلاً عن دورها المرتجى في تخفيف عبء وهموم الاغتراب والابتعاد عن الجذور.
الدكتور محمد كحط عبيد الربيعي، مواليد بغداد (1954)، دكتوراه في الإعلام والاتصال، يدرس مادة الإعلام والفنون السمعبصرية في الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك، أصدر في السويد عام (2014)، كتابه الأول: "الدور الثقافي للقنوات الفضائية العربية"، عمل فني تكنيك في البث والإخراج الإذاعي، مراسل ومحرر للعديد من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، ناشط في عدد من منظمات المجتمع المدني العراقية، عضو في نقابات الصحافيين العراقية والسويدية والعالمية، عضو اتحاد الكتـّـاب العراقيين في السويد، وحاصل على العديد من الشهادات التقديرية.
تحدث الدكتور محمد الكحط عن أهمية هذه الدراسة الميدانية، وتناول بالتفصيل بعض الإحصائيات والأرقام والنتائج التي خلصت إليها الدراسة، وأشار إلى الصعوبات التي واجهت الباحث في اختيار عينات البحث، وأكد في حديثه على التساؤلات التي أثارتها الدراسة في هذا الكتاب وهي: "ما مدى مشاهدة ومتابعة المهجرين العرب للقنوات الفضائية العربية ولماذا يشاهدونها؟ ما هي عادات تلقي المهاجرين للقنوات الفضائية العربية، وما هو حجم التعرض وأنماطه، وما هي المواضيع والمضامين الأكثر اهتماماً للمشاهدين؟ ما هي الاحتياجات والإشباعات التي حققتها القنوات الفضائية العربية للمهاجرين العرب؟ ما هو دور القنوات الفضائية العربية كعامل تفاعل إيجابي بين المهاجرين العرب وما تتعرض له بلدانهم الأصلية من مشاكل أو كوارث؟".
أشار الدكتور الكحط إلى الدور الثقافي والترفيهي الذي تلعبه الفضائيات العربية، الذي يخفف من هموم ومشاكل ومتاعب الغربة لدى المهاجرين، لكنه أكد أيضاً على أنها ساهمت على تفكيك البنى الثقافية والاجتماعية والفكرية، المكونة للشخصية العربية والشرق أوسطية في بلدانها بسلبياتها وإيجابياتها، لكنها لم تعيد بنائها على أسس صحيحة، بل بقية مشتتة، وتوقف الدكتور الكحط عند الجوانب السلبية للقنوات الفضائية العربية، بالإشارة إلى ما يراه الكاتب (خليفة السويدي) أن الفضائيات العربية أصبحت: "أشد خطراً على الجيل من القنوات الأجنبية من حيث هجومها الصارخ على القيم والعادات العربية والإسلامية، لأنها تعرض وتنقل صراعات الانحراف الخلقي الغربي إلى العالم العربي بلسان عربي، وأيضاً تساهم بعض هذه القنوات في هدم اللغة العربية باستخدامها اللهجات المحلية السائدة في مجتمعاتها".
وقد تفاعل الحاضرون مع حديث الدكتور الكحط، وما قدمه من عرض جيد عن كتابه، وأهمية الدراسة التي تناولها الباحث في هذه الكتاب، وطرحوا الأسئلة والأفكار والرؤى، التي فضل الكحط الإجابة عليها من خلال الاستنتاجات، التي خرجت بها الدراسة ومنها: أن القنوات الفضائية العربية تلعب دوراً مهماً في حياة المغتربين العرب، وأنها وسيلة تواصل مهمة بينهم وبين بلدانهم ولغتهم وثقافتهم الأم، ووسيلة للتواصل مع أخبار البلد الأم ومتابعة قضاياه، ومشاكله السياسية والاجتماعية والثقافية، وتلعب دوراً مهماً في تفاعل المغتربين العرب مع مجتمعاتهم الجديدة وتخفف عنهم معاناة الغربة، إلا أنها أخفقت في نقل معاناة المغتربين، وأن فئة الشباب تعاني من صعوبة التواصل مع هذه الفضائيات، خصوصاً الذين ولد منهم في المهجر، أو جاؤوا صغاراً إلى هذه البلدان، ولم يتقنوا اللغة العربية، بسبب اندماجهم مع المجتمع الجديد، وضعف اهتمامهم بالتواصل مع ثقافة آبائهم، وأن القنوات الفضائية العربية بحاجة إلى دراسة احتياجات جميع فئات المهاجرين العرب، ووضع برامج تتناسب مع تلك الاحتياجات.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الباحث، قد أفرد في الكتاب فصلاً خاصاً عن الهجرة إلى السويد، البلد الذي لم يخطر ببال المهاجرين العرب والشرق أوسطيين مثل: أمريكا والبرازيل والأرجنتين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها من بلدان المهجر، إلا في العقود الأخيرة من القرن الماضي، وذلك بسبب موقع السويد في شمال القارة الأوربية، وانخفاض درجات الحرارة فيه حد التجمد، وبرودة العلاقات الاجتماعية كبرودة الطقس، ومحدودية اللغة السويدية التي لا تتجاوز جغرافية البلد.