فضاءات

في وزارتنا.. فاسدون! / د. سلام يوسف

في وزارة الصحة وكما في باقي الوزارات يوجد فاسدون، ولاؤهم للكتل المتحاصصة وليس للوطن، بل ولّد هذا الولاء ولاءً أخر هو الولاء للذات الأناني فتحول عندهم الشرف والضمير نحو الدينار والدولار! وهم متأكدون من أنهم سيجتازون "محنة" المحاسبة .. فالمسؤولون المباشرون عن مراقبة الأداء ومتابعة بؤر الفساد ومحاصرة المفسدين هم من كتلتهم، لذلك فهم مطمئنون ما دام محمود ..موجود!
أداة استفهام صغيرة عن عناوين كبيرة.. تؤشر الى الفساد والمفسدين:
لماذا لم يتم تشييد مستشفى كبير رغم وجود عقود إنشائه؟ ومن هو المسؤول؟!
لماذا لم يشيّد مستشفىً تخصصي آخر، أو مستشفى طوارئ آخر، ونحن نعيش الطوارئ بصورة دائمة؟ وأين نحن من تطور الإسعاف الفوري؟
ولماذا شبّت النيران في طابق الشركة العامة لاستيراد وتوزيع الأدوية أكثر من مرة، ومن المسؤول؟!
لماذا يتم استقدام كوادر صحية وطبية وسطية من دول أخرى وبأجور باهظة؟ لماذا لا نعتمد على إمكاناتنا الذاتية وتأخذ المرأة دورها في خدمة وطنها ومرضاه؟
لماذا لا تقدم الخدمات الطبية والصحية بشكل متقدم ولا نقول راقٍ؟ ولماذا ينتظر المواطن دوره في طابورٍ طويل؟ لماذا الأجهزة التشخيصية قليلة؟ ولماذا القطط تعبث بين ردهات المستشفيات؟
لماذا تراجع إنتاج معامل أدوية سامراء؟ بل أين حل الدهر بخطوطها الإنتاجية؟ ولماذا المستشفيات تشتري الأدوية والعلاجات من المصادر الأهلية، واليوم أغلب المستشفيات مدينة للدائنين؟
لماذا انكمشت الرقابة الصحية وتراجع أداؤها؟
فلو سطّرنا عشرات بل مئات الـ (لماذا) .. سيكون الجواب واحد .. إن السبب هو الفساد والفاسدين والمفسدين .. اللعنة عليهم أجمعين!
وبعد أن نهب (الرَبُعْ) ميزانية الدولة، هبت على العراق وعموم العراقيين ريح التقشف الصفراء، والحجة أن أسعار النفط قد هبطت، فقصم ظهر حصة وزارة الصحة من الميزانية الاتحادية.
وبالمقابل وعلى وجه السرعة واستناداً الى المادة 25 من قانون الميزانية الاتحادية لعام 2016 وجدت وزارة الصحة الحل السحري بزيادة أجور المراجعات والكشفيات والتحليلات والرقود في المستشفيات وغيرها من التفاصيل، لتغطي بهذه الإجراءات جانباً مما نهبه الفاسدون. والسؤال هو: لماذا يتحمل الفقراء وذوو الدخل المحدود وزر ما أقترفه المتحاصصون الفاسدون؟ كما أوجه سؤالي الى كل من يدافع عن هذه الإجراءات التي جاءت لتزيد الطين بِلّة: لماذا لم ترتقِ مستشفياتنا ومراكزنا الصحية الى المستوى المُرْضي، حينما كانت أسعار النفط مرتفعة وممتازة قياساً بخطها البياني على مدى سنوات طويلة؟
ما زال البلد يعج بالكفاءات النزيهة القادرة على إدارة وزارة الصحة وفي ابعد مرفق من مرافقها عن المركز. وقرار تسليمهم عهدة الوزارة يعتمد بالكامل على موقف التحرر من رق المحاصصة ومن قيودها والانطلاق نحو فضاء الحرية، فضاء الانتماء إلى الوطن.
أن حزمة قرارات وزارة الصحة الأخيرة ليست هي الحل الذي سينقل مستوى الأداء الى مصاف المستويات المتقدمة، وإنما الحل يكمن في ابعاد الفاسدين وتمزيق خيوطهم وشبكاتهم العنكبوتية، فهذا هو الحل الأمثل أمام قمة هرم الوزارة والذي من الواجب أن تتخذه بجرأة تحتمها الوطنية الخالصة.