فضاءات

الى الامام.. لتحرير كركوك !/ سعدون

منذ منتصف اذار 1991، وبعد تحرير اغلب مناطق ومدن كردستنا، وانهيار مقاومة جيش الدكتاتور امام انتفاضة الشعب، بدأت كل الجهود تتوجه نحو مدينة كركوك ، حيث تمركزت قوات السلطة المهزومة واعتقلت مايقرب من 40 الفاً من رجالها الاكراد ونقلتهم الى تكريت وقامت بتصفية بعضهم، معتقدة انها بذلك ستوقف الانتفاضة في المدينة. لكن قوى الانتفاضة توافدت عليها من كل مدن كردستان المحررة، حيث كان هاجس البيشمركه والجماهير المنتفضة..»الى الامام لتحرير كركو!»
ليلة 15/16 آذار، تحركت قوى الانتفاضة من محور اربيل لمهاجمة ربايا منشآت ومدينة الدبس والمواقع الامامية للحزام العسكري لحماية كركوك، بالترابط مع الهجوم على قصة «قره هنجير» من محور السليمانية، والضربات من جانب المنتفضين في طوزخورماتو الذين عملوا على قطع طريق بغداد – كركوك واربكوا حركة قوات علي كيمياوي الذي يقود مع عزة الدوري محاولة وقف عمليات تحرير كركوك.
ونجحنا في محور اربيل في اختراق المواقع العسكرية حول ناحية شوان وحاصرة الافواج العسكرية على مترفعات نقطة السيطرة عند مدخل كركوك. رغم القص المدفعي الكثيف. وبقيت الدبس بيد مرتزقة مجاهدي خلق. ومع الاسف، لم نقدر خطورة ذلك حينها. فمن تلك المواقع انطلقت قوات الدكتاتور لاحقا لاختراق خطوطنا ومهاجمة التون كوبري واحتلالها في هجومها المضاد على الانتفاضة نهاية آذار.
على مشارف بابا كركر
في 17 آذار تسللت مفارز البيشمركه الى داخل مدينة كركوك، وبالتعاون مه الجماهير وتنظيمات الاحزاب سيطرت على بعض احياء المدينة (رحيم آوا والشورجة وإمام قاسم وآزادي والكرمة) وعلى قسم من منشآت شركة النفط، ورداً على ذلك استعانت السلطة بالطائرات العمودية والمدفعية لقصف هذه المناطق عشوائياً.
وفي صباح 18 آذار استسلم فوج حماية السيطرة عند مدخل كركوك من جهة اربيل وانهارت مقاومة بقية مواقع الحزام العسكري. وعصراً التقت جموع المقاتلين تقدر بالالاف عند نقطة السيطرة المذكورة حيث حصلنا على اسلحة كثيرة ضمنها مدافع ورشاشات ثقيلة. واصبحنا نطل على المدينة المفجوعة بأبنائها المغّيبين.
ومع الغروب كانت قوات الانتفاضة تدخل المدينة من جهات مختلفة تحت وابل القصف المدفعي.
الليلة الاولى
هبط الليل وكان الاف المنتفضين المقاتلين يدخلون كركوك من مختلف المحاور والاتجاهات. والمواطنون يستقبلونهم بمزيج من مشاعر الخوف والفرح. فقوات النظام كانت لاتزال تقاوم داخل المدينة. ولم تكن هناك صلات بين قوات المحاور المختلفة التي اقتحمت المدينة، والمعارك تدور في كل مكان، وكان من الصعب التمييز بين الحليف والعدو.
منذ صباح 20 اذار الباكر بدأنا نلاحق فول الفاشيين . ونهاجم المواقع التي بقيت بايديهم . حيث كانت تدور المعارك من شارع الى آخر. وركزنا هجوما خلال النهار على موقع قيادة الفيلق الاول. والمطار، وقاطع الجيش الشعبي، ومقر المخابرات ومنظومة الاستخبارات ، ومواقع متفرقة اخرى..
وكانت تنهار وحدا تلو لاخر امام هجمات قوى الشعب النتفض.
مقر لجنة محلية كركوك
كان القتال لايزال متواصلا عندما سيطرت الرفيقة بروين مع رفاقها من تنظيم المدينة على بناية نقابات العمال لتكون مقرأ لنا. وبينما راح عدد من رفيقاتنا ينظفن البناية ويرتينها ، كانت لجنة حزبنا المحلية تعقد اول اجتماع لها في المقر، وتبحث توزيع المهام وترتيب تشكيل قوات حزبنا في كركوك الاستكمال تحرير المدينة، حيث كان المئات يتوافدون للالتحاق بقواتنا.
وعند المساء. بينما أضاءت نيران واطلاقات الفرح ليلة نوروز 1991، عقد اول اجتماع للجنة الجبهة الكردستانية في كركوك في حديقة ببناية المحافظة. وفي ذلك الاجتماع اكد رفاقنا ضرورة العمل على تطهير المدينة، وتنظيم القوات داخلها لوقف حالة الفوضى، وضرورة إدامة زخم انتصارنا بمواصلة الزحف جنوباً، وعدم التوقف والدفاع. لان موت الانتفاضة يكمن في توقفها، ولان لا انتصار الا باسقاط نظام الدكتاتوري. وقد زكت الأيام اللاحقة صحة رأينا، وظهرت حجم خسارتنا عندما ضيعنا فرصة استمرار زحف الانتفاضة، ومنحن الدكتاتور المنهار فرصة التقاط الانفاس والتحول للهجوم المضاد على شعبنا وانتفاضته!