فضاءات

تهنئة للحزب الشيوعي العراقي في احتفاليته بذكر ميلاده 82 / ليث عبد الغني

لم تمر تلك الايام عابرة في ذاكرة الناس دون ان يترك الحزب الشيوعي العراقي اثرا جميلا في نفوسها ، كانت مدينتي الشطرة كباقي مدن محافظة ذي قار تستعد كل عام لأحتفالية عيد ميلاد الحزب الشيوعي العراقي والذي كان يتميز بشعبيته وبرامجه الثقافية من شعر ومسابقات وأناشيد وطنية وبرامج ترفيهية تناسب جميع الفئات العمرية للعوائل المشاركة. وهذا بالضبط عكس احتفاليات حزب البعث آنذاك والذي كان يتميز بنصب الخيام في ساحات المدن وأملاء برامجه بالرقص الغجري للراقصات اللواتي نشاهدهن في مناسبات الفرح لبعض الاثرياء ، ولا يترك مسؤولي حزب البعث هذه المناسبة تعبر دون استغلال وجود تلك الغجريات في احتفاليات خاصة بعد العروض العامة.
أما احتفالات الشيوعيين في مدننا الجنوبية فتتميز بطقوس خاصة آنذاك في السبعينات من القرن الماضي حيث يختارون مناطق ترفيهية في الارياف أو البراري الخضراء، فتجتمع العوائل من جميع مدن المحافظة بتنظيم من ادارات فروع الحزب، وغالباً ما يكون سواق الحافلات التي تنقل العوائل مجاناً هم اعضاء في الحزب اضافة الى كل عائلة تجلب معها طعاماً يكفي لها على مدى يوم كامل.
وفي احد الاحتفالات التي رافقت فيها عائلتنا وانا لازلت فتي صغيرا، اجتمع بنا ابن عمي قبل يوم ليشرح لنا ضوابط وقوانين المشاركة في الحفل والتي تؤكد على احترام الضوابط الاجتماعية فيها.
وفي صباح اليوم الثاني استيقظنا مبكرين وذهبنا الى الحافلات المخصصة لمحلتنا، ولا يعرف احد من المشاركين عن مكان الاحتفال، فالبعثيون كانوا يراقبون كل شئ.
انطلقت بنا الحافلات باتجاه مدينة البصرة وبالتحديد قرب منطقة تل اللحم توجهت الحافلات الى البر حيث فصل الربيع واخضرار الأرض هناك.
وبعد فترة زمنية قصيرة بدأنا نشاهد من بعيد مكاناُ مليئاً بالعوائل وأطفالا يلعبون، فعلمنا انه المكان المخصص للاحتفال. وبعد أن وقفت الحافلات استقبلنا الناس مبتهجين وكان احدهم يرفع لافتة مكتوب عليها اهلاً برفاقنا اهل الشطرة. نزلنا هناك حيث الهواء العليل وجمال المكان الساحر. فعلمنا بعدها أن مدينة الشطرة هي اخر المدن التي وصلت الى المكان فبدأ الحفل مباشرة بعد وصولنا. واجمل ما تميز في الحفل هو اني شاهدت لأول مرة الشاعرة الكبيرة بلقيس حميد حسن كعريفة حفل من مدينة سوق الشيوخ وتبادلها عرافة الحفل المذيعة القديرة عهود مكي من مدينة الشطرة. يا لهن من شابتين جميلتين ومليئتين بالعلم والثقافة وإدارة عرافة الحفل باحترافية. اختتم الحفل بأناشيد وطنية، بعدها بدأ برنامج الأكل وتفاجئنا بقرار اللجنة بأن يكون الطعام مشترك فنظم الاهالي اجمل واكبر مائدة طعام شاهدتها في حياتي.
ومنذ ذلك الزمن وانا انتهز الفرصة لأشاركهم احتفالاتهم بعيد الحزب أو ابارك لهم عيد حزبهم من بعيد، فتحية للحزب الشيوعي العراقي بعيده 82 وتحية اجلال واكبار لمناضليه والمجد والخلود لشهدائه الابرار.
النرويج في 31 آذار2016