فضاءات

الطيارة قبطت.... /كريم حيدر

اضطررت للسفر جوا من اربيل الى بغداد بعد عجزي عن ايجاد رفيق درب يصاحبني طريق بغداد البري المعروف والمحفوف بالمخاطر
قبل ثلاث ساعات من موعد اقلاع الطائرة وصلت مطار أربيل, وحسب التعليمات المثبتة في تذكرة السفر والتي تحث المواطنين الصالحين من امثالي على الالتزام بالوقت والتعليمات.
ومع انتهاء الاجراءات الروتينية في شحن الحقيبة واستلام البورد كارت, توجهت نحو صالة انتظار المغادرين أملاً في أن يمر الوقت المتبقي ( ساعتان ونصف). جلست مستمتعاً مع صديقي الموبايل ومحاولاتي المستميتة معه لربطه بواي فاي المطار.
ورغم ان الواي فاي متاح للجميع دون مقابل, لكن عملية ربطه تحتاج الى معجزة الهية, حيث وبعد محاولات متكررة دامت قرابة الساعة وبعد ان بدأت البطارية في النفاذ وفقت اخيرا في الربط واستخدام خدمة الفايبر وإبلاغ عائلتي بمواعيد الاقلاع والهبوط والوصول وغيرها.
تمكنت من الوصول للشبكة العنكبوتية وشرعت في تقصي أخبار الناس والدنيا ومعرفة اخر الاخبار. وقبل ان استمتع بذلك واذا بشاب وشابة في مقتبل العمر وابتسامة تعلو وجهيهما (يبدو انهم عرسان جدد) يقتربون مني موجهين لي التحية
الشاب - مرحباعمو تحجي عربي
حسين- اي عمو احجي اتفضل امر خدمة
الشاب - والله عمو بلكي اتساعدنه واتشوفلنه هذه البطايق ووين احنه لازم نروح
حسين- تعال عمو وياي يم الشاشة حتى اشرحلك اشلون تكدر تقره المعلومات
الشاب - بس عمو اني امي وما اكدر اقره عربي فاشلون تريدني اقره انكليزي
حسين- لاحول ولا قوة الا بالله .. ابني اشلون انت امي وعمرك يالله يطلع عشرين سنة
الشاب - عمو مو اني وقت سقوط صدام جان عمري 7 سنوات وبعدين ابويه انكتل واني ما دخلت المدرسة حتى اشتغل واساعد اهلي
حسين- عفيه ابني سباع والله يعينك ويعين اهلك على هذه البلوى, مو مشكله تلحك تتعلم بعدك شاب بس لازم اتشد حيلك
الشاب - تسلم عمو انشاء الله اتعلم
حسين- عمو طيارتكم تقلع في الساعة الرابعة عصراً.. يعني بعدي بساعة, واذا تريدون ادخلو لقاعة الترانزيت لان اكو هناك مطعم وسوق حرة وتكدر تفتر الى ان يجي موعد طيارتك
الشاب - لاعمو احنه نكعد اهنا يمك احسن اذا ماكو زحمة عليك
حسين- ابني شراح تستفاد من كعدتك يمي , روح اكعد جوه بالكافتريا ويه خطيبتك او زوجتك وسمعها اشويه حجي حلو لان امبين عليكم عرسان جدد
.... الشابة احمرت من الخجل بعد سماعها كلامي
الشاب - اي عمو صحيح احنه جايين لاربيل شهر عسل وهسه راجعين لاهلنه ابغداد
حسين- الف مبروك الزواج وانشاء الله بالرفاه والبنين , ومثل ما تحبون عمو اكعدو يمي اني ماعندي مشكلة
بعد ان بقى على موعد اقلاع الطائرة ساعة واحدة ودعت العرسان وتوجهت الى البوابة التي كانت فارغة من المسافرين واذا بشخص يحمل اوراقا بيديه يصيح وهو ملتفتا الي " هاي وينك حجي مو الطيارة قبطت" وما بقيت بس انت
حسين- ابني شنو قبطت قابل احنه بكراج علاوي الحلة مو باقي ساعة على الاقلاع
- لا حجي الموضوع مو هيجي احنه نطلع من اتقبط الطيارة
حسين- هذا طلع مو مطار هذا علاوي الحلة
واخذني " السكن " بسيارة مسرعة الى الطائرة التي كانت متوقفة على بعد لربما 150 متر وبعدما صعدت رأيت بام عيني ان الطائرة فعلا " مقبطة ". وبعد ان ربطنا الاحزمة وبدأت الطائرة بالحركة تعالت وسط الركاب صيحات " اللهم صلي على محمد وال محمد" .
بعد امتار معدودة توقفت الطائرة عن الحركة وفتح باب الطائرة وصعد المسؤول " ابو براطم " وهو لابس نظارة سوداء وبرفقة 6 عتاوي , حيث احتلت المجموعة قسم الدرجة الاولى وسارعت المضيفه الى اسدال الستائر تجنبا لمضايقة ابو براطم.
اخيرا تحركت الطائرة قبل موعدها المقرر ب 40 دقيقة وسط صيحات " اللهم صلي على محمد وال محمد" وكاننا ذاهبون الى الديار المقدسة وكنت محظوظا هذه المرة إذ لو انني تاخرت لدقائق معدودة لكانوا تركوني في مطار اربيل اندب حظي " وجان فلوسي هم طارت ( 105 دولارات ) ".
الخلاصة:- عندما تشتري تذكرة طائرة في العراق تاكد من انك تقلع من المطار وليس من علاوي الحلة