فضاءات

لكنها باريس! / ابراهيم الحريري

كانت ترتدي تنورة اقصر مما كنت رايتها ترتديها اول مرة قبل ثلاثين عاما .تبين اكثر مما تخفي، و مع انها لم تكن تكثر من المكياج، لكنها لم تفقد نضارتها، بل ازدادت نضارة و ازدهت فتوة، لم اكن اقتربت منها بعد ‘عندما خُيل لي انها تغمز لي من بعيد... انا؟ لا بد انك واهمة، فلم اعذ ذلك الرجل الضاج بالحيوية، المتألق بالحلم و الأماني و الرغبات..
اقتربت منها اكثر، بدا لي انها الفاتنة ذاتها، غمازتاها تنضحان بالنداء المثير ذاته، و عيناها تومضان بالفرح، تعدان بالمزيد منه...
كيف؟ يا سيدتي، كيف؟
...لكنها باريس!
الخيمة
------
لم يكن طريقنا الى خيمة "طريق الشعب"" في قرية اللومانتيه" التي تنصب سنويا، هينا. كان علينا ان نترجل من مسافة بعيدة، ان نمشي ما يزيد على الكيلومترين، ذلك ان الطريق الى العيد، عيد اللومانتيه السنوي، يغص بالناس و السيارات، من الأسهل و الأسرع ان تصله راجلا على ان تظل محبوسا بصندوق معدني تتصبب عرقا.
على بوابة جانبية، كان ثمة هرجة و اصوات نسوية و رجالية، و نقاشات: كيف؟ و شلون؟ اين عدنان؟ (، لم يكن عدنان ، احد منظمي الخيمة العراقية، بعيداً، كان قيد خطوة، اين عادل؟ انهم المشاركون و المشاركات في العيد، تحت ظل خيمة "طريق الشعب"، من اماكن بعيدة، السويد، كوبنهاغن، من لندن، من بغداد الخ،،،
كان ثمة واحد حار كيف يقدم نفسه، من اين؟ من العراق؟ من لبنان؟ من كندا؟ من كل ذلك؟
:ابراهيم الحريري، الباقي حيا من هيئة تحرير" طريق الشعب" مدمن العمل ، منذ ذلك الوقت، في صحافة الحزب، العلنية و السرية...
مصافحات، قبلات، عناق، لم يستطع ان يكتم ارتياحه، هو، ابن الثمانين، او يكاد، فقط! من انزلاق خدود ناعمة، بينها ما هو فتي، على صفحة خده!
اجتماع!
اعتلى الرفيق جاسم الحلفي المنصة، قدمه الرفيق خالد الصالحي، ممثل منظمة الحزب في فرنسا، استهل التقديم، بالأشارة الى تاريخ مشاركة الحزب و صحيفته، منذ اربعين عاما او يزيد، في اعياد اللومانتيه، صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي.
اجتماع! لهنا لاحكَينا؟ ما يكفينا اجتماعات؟ لعلي سمعت هذا من حاضر يهمس به لجاره؟ و لعلي كنت انا!
لكن الرفيق حاسم الحلفي، وهو يتحدث عن الحراك الشعبي، طبيعته، تطوره، تطور اهدافه، القوى المشاركة فيه، آفاقه، مرونة تحالفاته، استطاع، و النقاشات الحارة التي اعقبته، ان يحول " الأجتماع" الى مادة حيوية، تختلف عن تلك الأجتماعات التقليدية التي تبعث على التثاؤب. لعها اكتسبت حيويتها من حيوية و نبض الشارع الذي يخوض المعارك منذ اكثر من عام.
عشاء عراقي، بسيط ، لكنه طيب، طيبة الذين و اللواتي اعدوه...
ثم... الى الغد!
باريس
صباح 9 ايلول 2016
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ