فضاءات

أسئلة العمل الصحفي العراقي في دولة المحاصصة / عبد جعفر

الصحافة في العراق بين الأمس واليوم. العمل الصحفي والبنية التحتية لإعلام دولة المحاصصة. هو عنوان الندوة الشيقة التي أقامتها لجنة التيار الديمقراطي العراقي في المملكة المتحدة يوم 16 –أيلول (سبتمبر) 2016على قاعة كنيسة ريفركوت في همرسمث غرب لندن، وأستضافت فيها الأستاذين إبراهيم الحريري وعبد المنعم الأعسم.
الندوة أثارت نقاشا وجدلا واسعا، وكشفت الأراء الصحفية للضيفين في تجاربهم في فترات مختلفة، ومحنة العمل اليوم في ظل دولة المحاصصة، والمخاطر التي لحقت بالبنية التحية للإعلام وتاريخه.
وأوضح الأستاذ فيصل عبدالله في تقديمه، أن تاريخ الصحافة قديم ومتنوع، بدأ من منذ صدور صحيفة الزوراء في 16-8-1869 من قبل والي بغداد المصلح مدحت باشا، ثم تلاها صدور صحف أخرى في الموصل وبغداد. وبعد ذلك أزدادت الصحف بشكل مضطرد. وقد لعبت بعض الصحف دورا مهما في محاربة النعرات الطائفية وفي إلغاء معاهدة بورتسموث عام 1948، وفي دعم الجمهورية بعد ثورة 14 تمور 1958.
كما تناول دور الصحافة الحزبية ومنها صحافة الحزب الشيوعي العراقي وتأثيرها المهم في رفع وعي الناس وتحريضهم للمطالبة بحقوقهم.
وفي مداخلته توقف الإستاذ الحريري الى الإشكاليات التي يتعرض لها الصحفي ليس مع السطات فقط، بل أيضا مع المؤسسة التي يعمل فيها، وتتلخص هذه الإشكاليات بين ما يريد أن يقوله وما يحب أن يقوله. مؤكدا على أهمية الديمقراطية ليس للحركة السياسية بل أيضا للمحرر الصحفي في التعبير عن أفكاره.
وتناول الفرق ما بين الصحافة الحزبية والليبرالية، مشيرا الى دور العامل المادي اليوم في تأسيس الصحافة والترويج لها على حساب العامل الإيديولوجي.
وحول مستقبل الصحافة الورقية في العراق، أوضح أن دورها في تكوين علاقة بين المؤسسة السياسية التي تصدرها وجمهورها، ضعف كثيرا بسبب الإنخفاض في التوزيع، وإهتمام الجمهور بالإنترنيت والإعلام المرئي.
أما الإستاذ عبد المنعم الإعسم فقد اشار الى أن البنية التحتية لإعلام دولة المحاصصة مفهوم بدأ يتبلور ويتكامل أخيرا لسببين الأول: سياسي، وتشريعي وقانوني والثاني: جانب مؤسساتي.
موضحا أن العملية السياسية رعت المحاصصة التي تجاوزت الشراكة في سلطة القرار وفي إدارة الحكم الى توزيع المناصب والمواقع ما دون الوزارات الى هذه الكتل وفق حساب وصفقات انتهت الى إغراق دوائر الدولة بإتباع الإحزاب المتنفذة، وإغلاق الفرص أمام الكفاءات والخبرات غير الموالية لهذه الإحزاب.
وأعتبر الأعسم أن إعلام الدولة واحد من ميادين و (رهائن) المحاصصة وهو يتكون من:
- شبكة الإعلام العراقية
-هيئة الإعلام والإتصال
- مكاتب الإعلام في مجلس الوزراء والوزارات ومجالس المحافظات.
وحتى مجلس أمناء الشبكة ومجلس الإعلام والإتصال موزعان بحسابات المحاصصة وقواعدها، أن لم يكونوا تابعين فهم مرشحون منها ويرتهنون لها.
ورغم قوانين الشبكة و الإعلام جيدة، ولكن دولة المحاصصة واداءها وطريقتها في العمل حولتها الى هراوة ضد الأخرين.
ورغم كل هذا فأعلام دولة المحاصصة غير منسق ويعاني من تناقضات وصراعات عديدة. وخصوصا صراعات الحزب الحاكم الشرسة لضمان مصالحهم الشخصية.
وفي الأجابة على مدخلات وأسئلة الجمهور التي أثارتها الندوة. أوضح ضيفا التيار :
*إن الإعلام الحكومي يعتبر الفاسدين الكبار خطا أحمر، لا يجب تناولهم بالنقد، خصوصا بعد أن تحولت المظاهرات والإعتصامات من المطالبة بالخدمات الى إدانة الرؤوس الكبيرة الحاكمة من داعمي الفساد.
*إن الديمقراطيين والشيوعيين خصوصا لهم دور متميز في المشاركة في حركة الإحتجاجات وقد نعكس هذا في صحيفة طريق الشعب والصحف التقدمية الأخرى.
*حرية الصحافة موجودة في العراق ولكن ما يهدد حرية التعبير هو ليست السلطة وإنما السلطات الموازية من ميليشيات وقوى إرهابية ومؤسسات دينية وأخرى غير معروفة. ولكن مع ذلك فهنالك صراع شرس بين القوى المدافعة عن الحريات والقوى التي تريد أن تجهضها. ومستقبل الإعلام هو إيجابي بحكم التراكم الكمي والنوعي والأساليب الجديدة في الإحتيال على المحرمات.
*صحف المحافظات أكثرها صحف ملفقة ولا دور لها في حقيقة الأمر.
*الصحف الورقية لا تطبع ألا بضعة مئات من النسخ، وحتى الصباح –الجريدة الحكومية- رغم الدعم التي تحظى به، فأقصى ما وصل توزيعها هو الى 20 الف نسخة يوميا.
*محاربة الطائفية وإستغلال الدين للتغطية على الفاسدين مرتبطة بوعي الناس، وقد كان الشارع أسرع في نقد هذه الظاهرة قبل الصحافة. وكذلك السخرية منها عبر الفيس بوك ووسائل الإتصال الأخرى.