فضاءات

عبد اللطيف الرحبي .. فارس شيوعي خذله جواده

محمد فخري حسن /حاتم الملا عبد اللطيف علي
تاريخ الحركة الشيوعية في العراق والوطن العربي من السعة والشمول والتنوع بحيث يصعب على الذين كتبوا ودرسوا تاريخها ان يجزموا بانهم وصلوا الى درجة من الكمال و( او) الانصاف لها بانهم تمكنوا من تدوين مسيرتها النضالية على مدى العقود المنصرمة منذ العقد الثاني من القرن المنصرم وحتى اليوم ..فقد وجدت صفحات ومسيرة للشيوعيين لم تكتب حتى الآن وبعضها ضاع او في طريقه إلى ذلك للمحن والصعوبات التي لحقت بالأحزاب الشيوعية ومناضليها، وهي كثيرة خصوصا في المشرق العربي ومنه العراق .
وفي محافظة ديالى ومنها بلدة بهرز (قلعة الشيوعية الصلدة) كان للمناضلين الشيوعيين صفحات مشرفة من تاريخ نضالي قل وجوده بين الاحزاب الاخرى في الساحة العراقية وحتى في بهرز ومنها ماسطره احد ابنائها البررة الذي تمكن ان يحفر اسمه في التاريخ العراقي والشيوعي والبهرزي الا وهو المرحوم الشيوعي المحامي عبد اللطيف الرحبي ( ابو ظافر ) الذي سنحاول تسليط الضوء على مسيرته القصيرة في عمرها الزمني الكبيرة جدا في نضالها وشجاعتها واخلاقيتها .
الولادة
ولد عبد اللطيف الرحبي عام 1930في بيت آل الرحبي لأسرة من الملاكين المتوسطين في بهرز . والده المرحوم الحاج عبد الله الخليل محمد الرحبي من اعيان البلدة ووجهائها وكان شخصا مهابا وبليغا وكريما ...... ووالدته المرحومة .نعيمة محمد عبد الله الرحبي........ وهو الابن الثاني من سبعة اخوة ثلاثة ذكور واربع اناث منهم المناضلان المرحوم محمد جميل الرحبي والشهيد قيس الرحبي ( ابو ازدهار ) . عرف عنه منذ نعومة اظفاره الذكاء وقوة الملاحظة مع ميل إلى الحوار والتفكر، شخصية جذابة تدخل القلوب قبل العقول متفاعلا مع محيطه الاجتماعي ومنظومة قيمه الاخلاقية التي حكمت ومازالت سلوك البهرزيين في مابينهم ومع الاخرين ايضا، يعززها الاقتصاد الزراعي للبلدة القائم على التكاتف والتصاهر وتوزيع شبه مشاعي للموارد الزراعية .
تعليمه
دخل الرحبي في التعليم التقليدي (الملا ) حيث لم تكن قد افتتحت مدرسة في بهرز بعد فكان مع صديقه ورفيق دربه المرحوم محمد اسحاق الصافي يمتطي كل منهما جواده قاصدين بعقوبة مركز محافظة ديالى لاتمام الدراسة فيها (1)( والتي يبدو ان امتطاء صهوة الجواد قد عزز نزوعا قويا إلى الحرية ورغبة عارمة في امتطاء الصعاب عند الرحبي كما سنلاحظ لاحقا ) .
الانتماء إلى الحزب الشيوعي
لم نتمكن من العثور على تاريخ محدد لانتماء عبد اللطيف الرحبي إلى الحزب الشيوعي بل ان الجميع يجمع على ان ذلك قد تم من خلال المرحوم عبد الوهاب الرحبي الشخصية الوطنية والمعروفة والشيوعي الكبير الذي هو خال عبد اللطيف وهو زارع بذور الماركسية في بهرز والتي اذا وضعنا لها تاريخا بشكل تقريبي فيكون في منتصف الاربعينيات اي عام 1945عام تاسيس جمعية اصدقاء الفلاح في بهرز والتي يكون عبد اللطيف الرحبي يومها قد بلغ السادسة عشرة من العمر(2).
دراسته
اتم عبد اللطيف الرحبي دراسته في بعقوبة ومنها الدراسة الاعدادية والتي اتمها في ثانوية بعقوبة ( الجواهري حاليا ) عام 1947وتم قبوله في كلية الحقوق للعام الدراسي 1948- 1949والتي شكلت الانطلاقة النوعية الكبرى في مسيرة حياته النظالية والاجتماعية كما سنرى
وثبة كانون 1948
شكلت وثبة كانون الاختبار الاول لعبد اللطيف الرحبي في مسيرته النضالية مع الحزب الشيوعي حيث خرجت التظاهرات في بهرز في ذلك الوقت وتهيأت بهرز وشيوعيوها للمشاركة مع الجماهير العراقية في الوثبة وذهبت الجموع الى بغداد وكان على رأس الشباب الشيوعي من اهالي بهرز عبد اللطيف الرحبي .فنال شرف المشاركة في وثبة كانون التي هي احدى ملاحم النضال الوطني العراقي ضد الاستعمار البريطاني .(3)
التنظيم الطلابي
في عام 1950 اعاد الحزب الشيوعي تكوين اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية في الكليات والمعاهد بصورة سرية (الذي تعرض للتجميد بعد اعدام فهد ورفيقيه ) واقتصر على العناصر الشيوعية النشطة ومن الثقاة حيث كان عبد اللطيف الرحبي هو الطالب الوحيد من الشوعيين الذي حاز على ثقة رفاقه وقيادته ممثلا لكلية الحقوق . الى جانب المناضل المعروف عبد الرزاق الصافي (4)....و رفاق آخرين من كليات اخرى منهم حمدي ايوب العاني وجمال خليل من كلية الاداب وكاظم جواد من التجارة والاقتصاد وشامل النهر وعز الدين مصطفى رسول واخرين ...ولقد كان لهذه المجموعة ونشاطها المتزايد ضد النظام الملكي والسياسة السعيدية ..والذي توج باضراب كلية الصيدلة والكيمياء يوم 26-10-1952احتجاجا على قانون اصدره العميد يحيى الصافي ضد الحركة الوطنية واستمرت التظاهرات قرابة 26يوما توجت بانتفاضة 1952والتي شنت السلطات بعدها حملة شعواء ضد الطلبة المشاركين فيها. كان عبد اللطيف الرحبي احدهم حيث سيقوا الى سجن بغداد – الموقف العام .
في سجن بغداد
اعتقل عبد اللطيف مع رفاقه الطلبة ونقل الى سجن بغداد ليجد هناك خاله المرحوم عبد الوهاب الرحبي الذي حوكم مع فهد ورفاقه في القضية المعروفة عام 1947حيث دبرت السلطات الحاكمة يومها مجزرة للشيوعيين واوكلت مهمة تنفيذها إلى احد ابرز اعداء الشوعيين هو عبد الجبار ايوب وكان ذلك يوم 18-6-1953وقد اصيب الرحبي بطلق ناري في كتفه اثناء الاشتباك مع حراس السجن والشرطة التي وجهت نيرانها إليهم بعد ان نجح في انقاذ حياة خاله عبد الوهاب الرحبي الذي كسرت يده يومها .. حيث كان احد الشرطة يهم بتصويب البندقية لقتله فبادره عبد اللطيف بضربة اسقطت السلاح من يده فباغته شرطي اخر باطلاقة اخترقت كتفه ...ونشر الصحفي الراحل صادق البصام خبرا قال فيه: ان من الذين قتلوا في المجزرة عبد اللطيف الرحبي فهلع الاهل واسرعوا الى بغداد لاستعلام الخبر فظهر لهم ان المقصود هو عبد اللطيف العاني وليس الرحبي مما دفع المرحوم عبد الله الخليل الى معاتبة البصام بشدة على خطئه (غير المقصود) ..... وقد عالج الرحبي من جرحه الطبيب عبد الرحمن التكريتي والذي قام باخراج الرصاصة من الكتف المصابة .(5)
سجن بعقوبة
بعد مجزرة سجن بغداد وما توصلت اليه الحكومة يومها من ان بقاء الشيوعيين في بغداد يسبب لها عبئا كبيرا لما يثيرونه من مشاكل وازعاجات متكررة ولعزلهم عن الجماهير تقرر نقلهم الى بعقوبة التي كان عدد نفوسها لايتجاوز يومها العشرين الفا فضلا عن وقوع السجن بجوار معسكر للجيش (معسكر سعد ) فكان عبد اللطيف الرحبي احد هؤلاء السجناء الذي حل ضيفا على السجن البعقوبي الى جانب خيرة مناضلي الحزب الشيوعي منهم عزيز محمد وزكي خيري وآرا خاجادور و كريم احمد الداود وعمر علي الشيخ وغيرهم ...والذي سيشهد واحدة من اروع قصص نضالات الشيوعيين وتوقهم إلى الحرية والتحرر من جلاديهم وجلادي الشعب العراقي .
لقد بني سجن بعقوبة باشراف برنامج النقطة الرابعة الامريكية وبطريقة تستهدف حرمان السجناء من الامكانات التي من شانها تطوير السجناء ثقافيا وتعزيز ارادتهم الثورية . ووضع على رأس ادارته احد اشرس مديري السجون في العراق ومن الذين يحملون حقدا كبيرا جدا على الشيوعيين هو الضابط علي زين العابدين .
كان سجن بعقوبة عبارة عن قسمين تفصلهما ساحة مساحتها تضاهي ساحة كرة سلة ويحوي القسم حوالي 20غرفة صغيرة (3x4م) فيها تواليت ( مرفق صحي ) صغير ومغسلة ويحشر فيها 4سجناء يفترشون الارض , تقع هذه الغرف في صفين متقابلين يفصلهما ممر عرضه مترين تقريبا ويتوسط القسم هول يستخدم لغسل الملابس ولصنع الشاي .
لقد اتبعت ادارة السجن اسلوب عزل السجناء الخطرين عن باقي السجناء وقد كان عبد اللطيف الرحبي من ضمن السجناء المصنفين خطرين، والذي منع مع رفاقه من الخروج من غرفة سجنه الى المطبخ او الفرن ولم يكن لهم خيار في مشاركة رفاقهم في لجان السجن سوى غسل الملابس والتي تتم داخل القسم والذي كان الرحبي عضوا فيها .وقد كان الرحبي من المتعففين في حياة السجن فلم يكن مدخنا او متشكيا من قلة ونوعية الطعام ...الخ بل كانت عائلته تجلب له كميات منه لاعطائها إلى الرفاق المدخنين اضافة الى السجائر التي يقوم مسؤولو اللجان السجنية بتوزيعها على الرفاق .(*)
الهروب الكبير
جرت عملية الهروب من سجن بعقوبة عام 1954وقد كلف المرحوم عبد اللطيف الرحبي بالاتصال بالحزب في الخارج وتنظيم عملية ايصال الرفاق الذين سيهربون الى بر الامان وقد تم ذلك فعلا حيث كان عبد اللطيف يطلب من شقيقته الحاجة (ام نصير ) ان تاتيه في كل زيارة بملابس عربية تقليدية وبعض الادوات التي توضع تحت ملابس النساء او في لفة الراس ( اليشماغ ) او لفة البطن (لفة الاكراد) فضلا عن اخباراحد رفاقه واصدقائه الثقاة وهو الحاج مصطاف التويل (ابو صفاء) بانهم سيخرجون قريبا.
بدات عملية حفر نفق الهروب من خلال غرفة صغيرة كانت مخصصة لخزن المواد الغذائية ..وكانت عملية خطرة جدا حيث يزدحم في السجن اكثر من مائتين وخمسين سجينا يدورون في ساحة مبلطة بالكونكريت لاتزيد مساحتها عن الالف متر مربع والحراس يطلون من فوق وتنيرها المصابيح الكهربائية القوية .
بدأ الشيوعيون بحفر النفق (المعجزة) في منطقة من التعقيد الشديد بحيث يستحيل نجاح العملية فالحفر عميقا يعني حفر قناة لتمتلىء بالمياه الجوفية حالا ..اما الحفر عاليا فكان يعرضه إلى الانهيار لكثرة المشاة فوقه وكان الحفر صعبا ايضا لان التربة كانت مكتظة بعروق اشجار التوت والسدر وكانت المسافة اطول بكثير من مسافة نفق سجن الكوت (الهروب الاول للشيوعيين من السجن عام 1952) كما ان حفر نفق واسع كان خطرا يهدد السقف وفوق كل ذلك صعوبة التخلص من التراب المحفور فضلا عن مشكلة تزويد الحفارين بالاوكسجين.
فكان النفق غير منتظم بطول (40-50م) بل مشوه اذ كان بشكل حلزوني ويجري بمستوى معين واتجاه معين حتى يصطدم بعروق شجرة ما فيتغير الاتجاه والمستوى ...وهكذا
وقد كان لعملية الهروب ان تتاخر لمدة ثلاثة ايام لتأخر الحفر مما اربك العلاقة مع الحزب في الخارج فخرج الرفاق كل من زكي خيري و آرا خاجادور وعمر علي الشيخ وعزيز الحاج و مهدي حميد ومسؤول منظمة السجن وجاسم يحيى وجاسم نصيف وحيدر حاتم وطالب عبد الجبار وعبد اللطيف الرحبي وهم من ذوي الاحكام الثقيلة .
الاخفاق
خرج الشيوعيون الهاربون في ليل ذلك اليوم الرمضاني دون معرفة في اي اتجاه يذهبون في مدينة ساهرة حتى اواخر الليل فمروا من احدى القناطر التي نصبت على نهر خريسان الذي يقطع المدينة نصفين فوشى بهم للشرطة احد ابناء قرية شفته (نتحفظ عن ذكر الاسم)
ومما زاد من صعوبة الهروب ان كان مقررا ان يتخذ الهاربون طريق بساتين قرية شفته وكان نهر ديالى قد ارتفعت مناسيبه مسسببة فيضانا معروفا في تلك السنة 1954مما اعاق كثيرا مسيرهم و سهل على الشرطة القاء القبض عليهم واعادتهم إلى السجن مجددا لكن الى نقرة السلمان الرهيب عقابا لهم .بعد ان اضيفت سنتان عقوبة لهم على فعلتهم.
أهذه بهرز؟.. لقد احرقوها
تمكن عبد اللطيف الرحبي من الهروب من الشرطة حيث استمر بالركض السريع بمحاذاة ساحل نهر ديالى تستره اشجار الغرب والحلفاء العالية حتى وصل الى بزايز بهرز (منطقة الطرفة ) وهي منطقة منعزلة ومقطوعة والحياة فيها صعبة للغاية لانسان هارب ومن عائلة ميسورة .... فعاش اياما صعبة وعصيبة ....وقد كان يزوره بين الحين والاخر صديقة (ابو صفاء ) للاطمئنان عليه وتزويده ببعض الطعام واللوازم ..
جن جنون الحكومة لما حدث اذ لم يكن احد يتوقع ابدا عملا كهذا فارسلت وزير داخليتها سعيد قزاز الى بهرز للوقوف على الامر حيث كانت الاوامر من السفارة البريطانية قاطعة باعادة جميع الشيوعيين الهاربين الى السجن ثانية وتشديد العقوبة عليهم ومنهم عبد اللطيف الرحبي حتما. فوقف قزاز عند سكة حديد بعقوبة(كانت بهرز وبساتينها تلوح يومها من هناك ) وكانت احدى الدبابات قد وجهت فوهتها باتجاه بهرز حيث خاطب الشرطة ومرافقيه قائلا بلغة ملؤها الحقد والتحدي والقسوة ..اهذه بهرز؟.. احرقوها.
جرت عملية اعتقال لاشقاء الفقيد حيث اعتقل محمد جميل الرحبي واودع السجن فضلا عن تهديدات عديدة ومتكررة لوالده المرحوم عبد الله الخليل الرحبي منها امهاله ثلاثة ايام او تهديم البيت على رأسه ....كما قال قزاز . وتهديد باعتقال خال عبد اللطيف الضابط قاسم الرحبي اذا لم يسلم لطيف نفسه . والمداهمات المتكررة من قبل الشرطة لدور الاهالي في بهرز بحثا عن عبد اللطيف الرحبي ولكن جهودهم ذهبت عبثاً.
وازاء تعقد الوضع وعدم وجود خطة للحزب محكمة للتعامل مع الرفاق بعد الهروب فقد اصطحب المرحوم عبد الله الخليل الرحبي مفوضا من الشرطة السجنية يلقب ( بالشيشاني ) الى منطقة الطرفة حيث عبد اللطيف واقنعوه بان لاجدوى من استمرار الهرب فكل الطرق مقطوعة والشرطة في كل مكان والعائلة والولاية (بهرز) تحولت إلى ثكنة عسكرية ومما اثر اكثر على عبد اللطيف الحياة الصعبة طريدا شريدا في منطقة معزولة الا من الضواري فطالت لحيته واصبح مظهره صعبا للغاية فضلا عن الجوع والوحشة ......فما كان منه الا ان سلم نفسه إلى الشيشاني وابيه وعاد الى سجنه.
الخروج من السجن
بعد قيام ثورة 14تموز عام 1958تم الافراج عن المعتقلين السياسين وخرجوا من السجون ليبدأوا حياتهم من جديد في سوح النضال والحياة فكان من عبد اللطيف الرحبي ان عاد الى دراسته في كلية الحقوق لاتمامها وقد تخرج منها في نفس العام الدراسي 1958- 1959وليتولى مسؤلية مهمة وكبيرة في يومها هي توليه مسؤلية اول خلية نسوية في بهرز مؤلفة من اربع من الشيوعيات النشطات واللواتي كن نواة التنظيم الذي سيتحول لاحقا الى واحد من اقوى التنظيمات النسوية في محافظة ديالى للشيوعيات ان لم يكن اقواها ، بعدها تم تعيينه في دائرة الاصلاح الزراعي في بعقوبة وبعد ان عرفوا بشيوعيته نقل الى السليمانية ورغم الضغوط الكبيرة التي تعرض لها هناك من قبل الملاكين والاقطاعيين الا انه كان صلبا لايهادن ووفيا لمبادئه التي آمن بها كشيوعي مما جعله يكسب بسرعة رضا ومحبة واحترام وتقدير الناس في السليمانية خصوصا الفقراء من العمال والفلاحين والشيوعيين والتقدميين.
زواجه
تزوج الرحبي بعد خروجه من السجن من احدى النساء الفاضلات من منطقة باب الشيخ في بغداد هي السيدة رسمية ميرزا حسن من الاكراد الفيلية وسكن في بهرز في منطقة ( مال نصري ) وانجب منها ولدا اسماه ظافرا .وقد عانت العائلة الكثير بعد ان هجروا خارج العراق بحجة التبعية الايرانية فعاشوا في عسر كبير في ايران الى ان استقر بظافر ووالدته الحال في السويد وهو الان عضو في المجلس البلدي لمدينة مالمو الان.
وفاته
لم يستمر زواجه اكثر من سنة ونيف من الاشهر حيث توفي في عام 1960 نتيجة خطأ احد المضمدين **في السليمانية ذهب الفقيد اليه ليزرقه ابرة بنسلين من حمى المت به فاذا بالرحبي يسقط ارضا من على جواد الزمن بعد دقائق قليلة مرتعشا لافظا انفاسه الزكية بسبب ان لديه حساسية تجاه البنسلين مودعا حيا ة قصيرة في مقياس الزمن طويلة بانجازاتها مليئة بما يستحق ان يفتخر به اهالي بهرز وعائلته وحزبه الشيوعي بل العراقيون جميعا .(6)
وقد اقيم تشييع مهيب قلما شهدت بهرز مثله حيث اخرج الجثمان من جامع (الملا روزي) بعد ان اقيمت صلاة الجنازة عليه فبلغ الحشد في اوله مقبرة بهرز (ما ل وش) بينما كان اخره لايزال في باب المسجد واكثر المشيعيين كانوا من اهالي السليمانية بملابسهم الكردية الى جانب اهالي بهرز ورفاقه من الشيوعيين ووري جسده الطاهر الثرى حيث يرقد الان على بعد امتار من قبر خاله الشيوعي المعروف عبد الوهاب الرحبي .
رحم الله الفقيد واسكنه فسيح جناته ....وستبقى بهرز وفية لابطالها تجد دائما من يكتب عنهم ولهم ولو بعد ستة عقود من وفاتهم .(7)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
1- دخلت اول سيارة الى بهرز عام 1945وكان مالكها حسقيل اليهودي .
2- يجمع اهالي بهرز على ان اول شيوعي من اهالي بهرز هو المرحوم هاتف عبيد المكي وكان نائب ضابط في مدرسة الصنائع العسكرية في بغداد واعتقل وحكم بالاعدام عام 1936وافرج عنه بعد تشفع والدته المرحومة (نغماشة) لدى الملك فيصل ومقابلتها له حيث ادعت انه ولدها الوحيد ....فاعطاها الملك ورقة واطلق سراحه .
3- للاستزادة حول دور البهرزيين في وثبة كانون 1948ينظر ...جريدة طريق الشعب العدد180. 27-4-2015.مقال للكاتبان .
4- للاسف لم نتمكن من الاتصال حتى الان مع الاستاذ عبد الرزاق الصافي صديق المرحوم ورفيقه في التنظيم الطلابي .
5- من الذين فضحوا هذه الجريمة البشعه الشهيد عبد الجبار وهبي في كتابه «من اعماق السجون» الذي احدث دويا هائلا يومها .
6- رغم ذلك كان قسم كبير من اهالي بهرز مصرا على ان ماجرى لعبد اللطيف هو عملية اغتيال دبرتها الحكومة لشيوعي يشكل خطرا عليها ومنهم جدتي رحمها الله التي كانت تزوره مع والدته في سجنه .
7- اخبرنا الاستاذان اكرم قدوري الحاج واحمد غايب بان الكثيرين يقولون ان جريدة كفاح الشعب لسان حال الحزب الشيوعي العراقي يومها خرجت عقب وفاة الرحبي بعنوان عريض (مات لينين العراق ) في اشارة الى الشبه بين لينين وعبد اللطيف الرحبي ...ولم نتمكن من تاكيد ذلك حتى الان .
*-تعرض سجن بعقوبة للنهب والتدمير بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003وازيلت بنايته واصبح اثرا بعد عين وهو الان ساحة لوقوف السيارات!
**- اخبرنا الدكتور عماد مجيد وهو من كبار الشيوعيين في بهرز ان هذا المضمد قام بعد مدة من وفاة عبد اللطيف الرحبي بزرق والدته بابرة تحت اللسان ادت الى وفاتها على الفور! وعندما سئل في التحقيق عن سبب فعلته هذه اجاب بان للعلم ضحاياه!
ــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1-زكي خيري - صدى السنين في ذاكرة شيوعي عراقي مخضرم، اعداد سعاد خيري .
2-جاسم الحلوائي ..الحقيقة كما عشتها - موقع ينابيع العراق .
3-لقاءات متعددة مع اصدقاء الراحل واقاربه منهم ..الاستاذ اكرم قدوري الحاج- الدكتور عماد مجيد- الاستاذ جميل زيدان –الحاجة ام نصير شقيقة الفقيد –منيع الرحبي ابن اخ الفقيد –مصطاف التويل (ابو صفاء) .الاستاذ احمد غايب (ابو قائز ) . الاستاذ فخري حسن لطيف .
4-عزيز سباهي – عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي –دمشق-2003ط1ج2
5-حكمت خليل محمد – دور الرفيق فهد والحزب الشيوعي العراقي في ارساء قواعد الحركة الطلابية في العراق –دار للعباد للطباعة والنشر-2008ط1
6- مراسلات مع اثنين من رفاق الفقيد في سجن بعقوبة منهم الاستاذ جاسم الحلوائي عبر شبكة التواصل الاجتماعي (فيسبوك) .