فضاءات

الدكتور كاظم حبيب في ندوة عامة في لندن..

نظم التيار الديمقراطي في بريطانيا ندوة، بتاريخ 20 تشرين الثاني، استضاف فيها الشخصية الوطنية المعروفة، الدكتور كاظم حبيب للحديث في محورين:
1 - قراءة في كتاب يهود العراق والمواطنة المنتزعة
2 - محاولة لقراءة أوضاع العراق ما بعد داعش
قدم الضيف العزيز عرضا مكثفا الأهم ما عالجه الكتاب مشيرا لأهمية تجربة الطائفة اليهودية في العراق وخاصة في اعوام ما بعد قيام الدولة العراقية عام 1921، حيث ان تلك التجربة المريرة وما حصل لليهود العراقيين من مضايقة واضطهاد وقتل وسلب للممتلكات والاموال ( ما سمي بالفرهود) والذي اضطر اليهود العراقيين لترك العراق والهجرة الي اسرائيل ، وكيف ان العراق خسر بهجرتهم، جزءا اصيلا من مكونات شعبه، حيث كان لليهود العراقيين دور فعال في حياة البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما خلفته تلكم الهجرة من اثر عميق ومن خطورة علي حاضرة ومستقبله، وكيف ان تلك المرحلة قد اسست لما جاء بعدها من احداث مماثلة ، مما يستدعي قراءتها جيدا، لتلافي ما سيحدث للقوميات والطوائف الصغيرة الأخرى و التي تعرض اكثرها للإبادة وفي مقدمتها الايزيديين من الاعتداء والتهجير والقتل علي ايدي داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية والمليشيات الطائفية. وهذه القوميات والطوائف هي من مكونات الشعب الاصيلة التي عاشت في العراق لالاف السنين، لابل هي بقايا سكانه الاصليين، من صابئة مندائيين ومسيحيين وازيدية وشبك وتركمان واكراد وعرب، وغيرهم، وهذه حقيقة لا خلاف عليها. لذا لابد من اخذ العبرة للحفاظ على النسيج العراقي التي تشكل هذه الطوائف والقوميات جزئه الاصيل الذي يمنحه هويته التعددية الخاصة ومنع حصول ما حصل لليهود العراقيين، واجبار هذه القلة الباقية من القوميات والطوائف على ترك موطنها العراق والهجرة الى الخارج.
لكن ذلك يبقى غير ممكن في ظل نظام سياسي، قائم على المحاصصة الطائفية والاثنية، فمثل هذا النظام يبق عاجزا على تحقيق الامن وحماية مواطنيه، لذا فلابد من العمل بجد ودأب لإصلاحه وتغييره جذريا واستبداله بنظام مدني علماني يحقق امال شعبه وطموحاته.
بعدها تناول الضيف الكريم، الموضوع الآخر للندوة، اي العراق ما بعد داعش، وقد كان دقيقا في تشخيصه للأسباب التي ادت الي احتلال الموصل من قبل داعش، محملا الحكومة السابقة ممثلة بشخص رئيسها المسؤولية الاولي في هذه الكارثة وما حصل بعدها من سيطرة واحتلال لمدن عراقية اخرى مثل تكريت والرمادي وديالي والتي شكلت مساحتها ما يقارب ثلث مساحة العراق. وأشار الى ان المشكلة تكمن في النظام السياسي الطائفي الهش والمبني على المحاصصة والفساد مما قاد الى تغذية الإرهاب مبينا ان نظام المحاصصة الفاسد والإرهاب هما وجهان لعملة واحدة مبديا مخاوفه من قيام صراعات دموية ما بين أطراف تقوم بمحاربة داعش حاليا الا انها ستعمد الي العمل على المطالبة في حصتها في الحكم والنفوذ والهيمنة بعد هزيمة داعش. وذلك لكون بعضها يعمل بالارتباط بقوى خارجية متنافسة لتحقيق مصالحها السياسية الاستراتيجية في العراق والمنطقة والتي تسعي الي تقويض مواقع منافسيها على ارض العراق من خلال وكلاء داخليين تقوم بتحريكهم وهم بدورهم يعتمدون في تحقيق مصالحهم الطائفية بالاستعانة بالقوى والدول الخارجية وتتمثل في إيران من جهة والسعودية وتركيا من جهة اخري وكذلك من يعمل بالارتباط بأمريكا وغيرها من الدول الاجنبية. كل ذلك بسبب ضعف النظام القائم وارضيته الهشة سهلة الاختراق. ان احتمال الاصطدام بين القوى المختلفة والمتضاربة المصالح في الداخل يبقى قائما، اذ لم يتعقل الجميع ويلجؤوا الي تغليب الحكمة، ويعود كل الي مواقعه ما قبل داعش في الموصل، والحفاظ على تعهداته في العودة لمواقعه ما بعد القضاء على داعش. يعقب هذا محاولة اعادة النازحين واعمار الموصل وترك المحافظة على امن المدينة الداخلي للجيش والامن، ورسم خارطة طريق لتامين ذلك، وتنفيذها بأمانة.
ان التعاون بين حكومة كردستان والحكومة الاتحادية ضروري لاحتواء الازمات وهي لصالح الطرفين بالتأكيد، مع وقف التدخلات الخارجية، واعطاء الحكومة الفرصة لإدارة البلاد وعدم التدخل في شؤونه الداخلية والقضاء على الفساد واعطاء الفرصة للقوى المدنية والعلمانية كي تلعب دورها في المساهمة في الادارة وصنع القرار، وهذه كلها شروط لتلافي مخاطر ما بعد داعش، لكن ذلك يبقى غير ممكن التحقيق، في ظل الظروف الحالية ، وضعف الدولة والحكومة ، لذا لابد للقوى المؤيدة للنظام العلماني من وطنية ديموقراطية ويسارية تقدمية ومجتمع مدني الي تنظيم نفسها والعمل على تغير موازين القوى لصالحها .
يرى الدكتور كاظم حبيب بان هذه القوى غير قادرة حاليا على تغير الواقع العراقي، ولكن ذلك ليس شرطا ثابتا، والمطلوب تغيير موازين القوي لصالح القوي المدنية والوطنية الديموقراطية. فالتغير في موازين القوى لا يحدث من تلقاء نفسه، وانما يتطلب جهود استثنائية ودأب ومثابرة وعلينا ان نعمل لأجل تحقيق ذلك مبينا انه لايرى تغيرا واضحا في الحاضر او على المدى المنظور وانما على المدى الابعد ولكن ذلك لا يمنع التفاؤل بحدوث التغير المدني العلماني اخيرا .
بعدها، فتح باب الاسئلة والمداخلات وكانت تدور حول تأسيس داعش، ودور البعث في ذلك، ودور التدخلات الخارجية ومساهمتها في تغذية الخلافات والصراعات المستمرة، والتي يتوجب على للعراقيين التخلي عنها وتوحيد صفوفهم لبناء بلدهم، وتأسيس دولتهم المدنية العلمانية.