- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الجمعة, 24 شباط/فبراير 2017 09:36
برلين/ طريق الشعب
أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية بتاريخ 18 شباط 2017 جلسة أستذكارية – تأبينية في برلين للرفيق الفقيد الكاتب والروائي والمناضل د. زهدي الداوودي ،حضرها جمع مميز من رفاقه واصدقائه ومحبيه ،أفتتحت الجلسة من قبل عريف الحفل الرفيق عادل حكمت بعد الترحيب بالحضور، بالوقوف دقيقة صمت حداد واستذكارا للراحلين من الرفاق وكل شهداء الوطن، بعدها قدمت السيدتان (ماريكا) و(سوفيا ) عزفا على الجلو و الكمان معزوفة (بعيدا عن الخشبة) من تأليف الملحن المبدع طه حسين رهك ، تلتها كلمة منظمة الحزب في المانيا القاها الرفيق سامي جواد كاظم، تناولت بعض خصال الرفيق زهدي وسيرته النضالية العطرة ومنجزه الروائي والثقافي الذي ترك بصماته في الثقافة العراقية، أشارت الكلمة لأحدى اماني الراحل التي لم تتحقق في ان يرى التيار الديمقراطي موحدا قويا ملتحما بهموم الناس قريبا منهم يحتل موقعه المميز في الواقع السياسي العراقي ، وأكدت الكلمة بالعمل على التقارب والتعاون والتحاور واللقاء ولملمة الصفوف وتجاوز حالة الفرقة والتبعثر والخلاف، وفاء لما تمناه الرفيق الفقيد ، كما جاء في الكلمة"ان تحقيق شعار "التغيير..دولة مدنية اتحادية وعدالة اجتماعية" الذي أقره المؤتمر الوطني العاشر للحزب يتطلب تقارب القوى والشخصيات المدنية والديمقراطية وتفعيل دورها نحو تشكيل الكتلة الوطنية الحاملة لمشروع البديل الوطني الديمقراطي،والعاملة من اجل تغيير موازين القوى".
تلتها خاطرة لرفيق الفقيد وصديقه معروف كوي حيث سرد بعضا من ذكرياته مع زهدي في بداية السبعينيات من القرن الماضي اثناء عمله في جريدة الفكر الجديد (بيرى نوى) وقال" عندما تقرأ روایاتە و قصصە و کتاباتە تشعر بانسانیة زهدي و معاناتە علی ما یعیشە شعبە، کان یتمنی و یناضل ان یری شعبە فی سعادة و أمان و عیش رغید، لکن و للاسف رحل زهدی و لم یر ما ناضل من أجلە."
بعدها قامت السيدة وفاء الربيعي بالقاء كلمة اللجنة التنسيقية للتيار الديمقراطي في المانيا وجاء فيها
( كان زهدي واحداً من المثقفين النوعيين والباحثين المتميزين والروائيين الذين يشار اليهم بالبنان، ولم يفارقه (حلمه) الكبير بالعودة الى وطنه ومدينته وعائلته وناسه الطيبين الذين فارقهم قسراً في زمن القسوة والاضطهاد، وكان سقوط الدكتاتورية بارقة الامل الكبرى للفقيد لتحقيق حلمه الازلي، قبل ان يطفئ جذوتها الطائفيون وتجارالسياسة الذين بددوا (حلم زهدي) واحلام العراقيين بعراق جديد، يحتضن ابناءه الموجوعين في الداخل والخارج .
اذا كان فقدان (الحلم) ثقيلاً على بسطاء الناس، فكيف به على المهمومين بالوطن والناس من امثال فقيدنا الراحل زهدي الداوودي ؟؟!
)
أما كلمة نادي الرافدين الثقافي في برلين القاها د. قيس القيسي ومجد فيها الروح النضالية الوثابة للفقيد زهدي حيث لم يبخل بالجود والعطاء من اجل وطنه العراق وتحمل عسف السلطات وسجونها اسوة ببقية رفاقه من المناضلين الاشداء.
تلتها خاطرة للرفيق د.صادق البلادي عن زهدي والتي جاء فيها (لقد تعرفت على زهدي في منتصف الستينيات عندما جاء لألمانيا لغرض الدراسة حيث كلفت في وقتها للاتصال به من قبل جمعية الطلبة العراقيين وبعد لقائي الاول به والحديث معه تولد لدي انطباع انه رفيق له خصال مميزة،استمرت اللقاءات وتعمقت العلاقة ،وتعددت الاسئلة والنقاشات فيما يخص احوال الوطن. ) . ثم قرأ الرفيق صادق البلادي كلمة للدكتور صادق اطيمش الرفيق والصديق الحميم لزهدي كتب فيها ( لم يفقدك رفاقك واصدقاؤك ومحبو ادبك وعاشقو رواياتك ومتتبعو ما تنشره من فكر نير لدروب النضال الوطني فحسب، بل فقدك الوطن الذي تجاوز عشقك له عشق العاشق الولهان بالحياة بكل ما يستحق العشق فيها. لقد جعلت من ارتباطك بالوطن واهله قبلتك التي تحج اليها بعد ان ابعد الطغاة جسدك عنها ، فالقمتهم الحجر تلو الحجر حينما وقفت على ارض الوطن المعطاء مرات ومرات وكلما خالجك شعور الحاجة إلى ارض الوطن لتقتلع منها اداة إهانة الطغاة. ) واقترح الدكتور صادق اطيمش تشكيل منتدى يحمل اسم زهدي الداوودي يهتم بمنتجه الثقافي .
بعدها عزفت السيدتان (ماريكا ) و (سوفيا) مقطوعة (الرحيل) للفنان طه حسين رهك وسادت القاعة اجواء السكون والحزن،ثم دعا عريف الحفل رفاق واصدقاء الفقيد وهم الشخصية السياسية المعروفة د.كاظم حبيب، والشاعرد.حميد الخاقاني،والشاعر والباحث فرياد فاضل للتفضل بتقديم مساهماتهم في تناول المنجزالثقافي والانساني للرفيق زهدي. استهل د. كاظم حبيب الحديث عن الرفقة التي ربطته بزهدي من خلال العمل الحزبي في منظمة المانيا الديمقراطية حينها، والتي تطورت فيما بعد الى علاقة صداقية وانسانية وطيدة، اتجهت الى حوارات ونقاشات نظرية وعملية توجت بعمل مشترك معه عن الرفيق فهد. وتطرق د. كاظم حبيب الى الروح الانسانية والاممية التي تحلى بها الرفيق زهدي وجسدها في اعماله الادبية وكتاباته ومواقفه السياسية التي كانت تنحاز للوطن والانسانية جمعاء بعيدا عن الانتماءات الدينية والطائفية والقومية الضيقة التي عصفت بالوطن واهله، وبقدر ما كان زهدي محباً ومناضلاً في سبيل شعبه الكردي، كان مدافعاً وأميناً على مصالح الشعب العراقي بكل قومياته. واقترح على منظمة الحزب ان تقوم بمفاتحة المعنيين بالشأن الثقافي من رفاق واصدقاء زهدي لتشكيل لجنة تعنى بجمع نتاجات الفقيد وتقديم الدراسات النقدية لأعماله الادبية واقامة فعالية بمناسبة مرور عام على وفاته.
هنا جاء دور الشاعر والباحث الاكاديمي فرياد فاضل عمر، وتحدث عن علاقته الحميمة بزهدي وشغف وحب الراحل للشعر، وذكر ان صديقه زهدي قام بترجمة ديوانه (قصائد الغربة) من الكردية الى العربية ،وابدع الشاعر بالقائه الجميل لبعض من تلك القصائد بالكردية والعربية حيث لاقت الاصغاء واستحسان الحضور وهذه احدى قصائده التي القاها:
شجرةٌُ ما
عصفت بها الريحُ، واصابها البردُ والصقيع
شجرةُُ ما ..قَلَعتها السيول
تلك الشجرة
وقد بقيَ فيها رمقٌ من الحياة
لاأشك قطْ
بأن ربيعاً ما
في زمنٍ ما سوف يأتي
تمد جذورَها من جديد
لتعلو أغصانهَا براعمٌ طريةٌٌ خضراء
هنا كانت مساهمة الرفيق الشاعر د.حميد الخاقاني التي تناول فيها الفقدانات التي مرت مابين رحيل مؤيد الراوي وزهدي الداوودي حيث فقدنا احبة كثيرين مثل فايق بطي،عزيز سباهي،صبري هاشم،حسين الموزاني،ان هذه الفقدانات في اطار الزمن العراقي الحالي الذي وصفه بالزمن الغير قادر على تعويض هذه الخسارات ،لأن هؤلاء الراحلين من فخار آخر مليء بالعنفوان والآمال الكبيرة، خارجٌ على الهويات المغلقة والضيقة لايعرفوا الحياة الا في الفضاء الوطني الواسع والافاق الانسانية الرحبة، بعد ذلك انتقل برفيقه زهدي الداوودي حيث التقى فيه اول مرة عبر كتاباته ( الاعصار) و(رجل في كل مكان ) والتقيا مباشرة بعد صدور ( الزنابق التي لاتموت ) كان هذا اللقاء في عام 1978 في اجواء الملاحقة والاعتقالات التي طالت الشيوعيين واصدقاءهم، في ذلك الحين نشرت صفحة ثقافة في طريق الشعب مقالا عن (الزنابق) كتبه القاص الراحل غانم الدباغ، منذ ذلك الحين بدأت علاقة رفقة وصداقة بين الاثنين توطدت وتعمقت في المغترب الالماني ،واختتم الرفيق الخاقاني مساهمته بالاشارة الى تطور لغة السرد والبناء الروائي في ثلاثية (وادي كفران) التي جسدت مقاطع هامة من تاريخ الكرد العراقيين عبر تناولها لحياة عائلة فلاحية ومصائر افرادها خلال سبعة عقود من القرن الماضي،حيث تختلط عناصر السيرة الذاتية للكاتب بالتيار العام لحركة الروائية تاريخيا واجتماعيا وثقافيا،واشار الدكتور حميد الخاقاني الى ان هذه الثلاثية تذّكر باعمال ادبية عالمية وعربية ترى الى تاريخ المراحل الاجتماعية عبر عائلة بعينها ،وذكر في هذا السياق ثلاثية نجيب محفوظ ، في ختام حديثه اشار الخاقاني الى ان الفقيد يحيى في كتاباته وان اجيالا من القراء ستعرف نفسها او بعض نفسها في هذه الكتابات ، وتصطحب كاتبها لتحاوره فيما اكتشفه في اعماله.
ثم اعتلى المنصة نجل الراحل، سوران (ساشا) وارتجل كلمة مؤثرة بحق والده ،وعبر عن شكر وامتنان عائلته ، للاهتمام الكبير الذي ابداه حزبه ورفاقه واصدقاؤه ومحبوه من خلال المواساة وتقديم التعازي وتنظيم هذا الحفل المهيب الذي اكد حرص الجميع في الحفاظ على ارث الفقيد الثقافي، واشار الى الروح الانسانية العالية التي إتصف بها والده الراحل، والابتسامه الشفيفة التي لم تفارق محياه رغم صعوبة الظروف التي عانى منها، وختم كلمته بالاشارة بأن الظرف السياسي الحالي في العراق للاسف لا يسمح للمناضلين الحقيقيين ،والسياسين الصادقين ان يتبوؤا موقعهم الحقيقي لخدمة وطنهم العراق.
وفي الختام القى رفيق وصديق الراحل زهدي الاستاذ مجيد حسين سكرتير الهيئة الادارية للملتقى العراقي في لايبزغ كلمة اشارفيها لعلاقته مع رفيقه زهدي التي امتدت لاكثر من خمسة عقود‘ منذ سنوات عنفوان النضال الوطني في نهاية الخمسينيات . لم يستطع الاستاذ مجيد من اكمال كلمته لشدة حزنه وتأثره بفقدان رفيقه وصديقه الحميم والذي رافقه لغاية لحظاته الاخيرة.
وتضمت فقرات الاستذكارية قراءة برقية الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق التي ارسلها أمينه العام الاستاذ إبراهيم الخياط ،وكذلك مقاطع نثرية كتبها الرفيق الراحل القاها عريف الحفل الرفيق عادل حكمت، كما عرض فلم قصير عن الرفيق زهدي اعدّه الرفيق سامي جواد كاظم، وبعد تقديم الشكر والامتنان باسم منظمة الحزب لجميع الرفاق والاصدقاء الاعزاء ممن شاركوا وساهموا في انجاح هذه الاستذكارية ،كان الاختتام بمقطوعة موسيقية بعنوان ( حكاية بغدادية ) من تأليف الملحن المبدع طه حسين رهك .