فضاءات

ندوة في اتحاد ادباء البصرة حول الاصلاح الثقافي

عادل عبد الزهرة شبيب
عقدت اخيرا في مقر اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة ندوة حول "ورقة الاصلاح الثقافي" الصادرة عن الحزب الشيوعي العراقي، والتي قدمها وزير الثقافة الأسبق مفيد الجزائري , امام حشد من مثقفي البصرة وأكاديمييها والمهتمين بالشأن الثقافي، وكان بينهم المدير العام لشركة نفط الجنوب السيد حيان السواد.
في البداية تحدث رئيس اتحاد الادباء والكتاب في البصرة الدكتور سلمان كاصد فرحب بالضيف وبالجمهور الذي اقبل على الندوة, واشار الى أن البصريين يتداولون امرا ثقافيا مهما يتعلق بمسألة اختيار البصرة عاصمة للثقافة العربية في السنة المقبلة 2018 ، وقد توزعوا بين مؤيد ومعارض للفكرة. واضاف ان هناك من يرى أن البصرة وثقافتها ليستا الا جزءا من العراق وثقافته، وعليه لا بد من مناقشة قضايا الثقافة العراقية بمجملها ورسم خارطة طريق لها، وهذا ما يمكن لموضوع الندوة "الاصلاح الثقافي في العراق" ان يكون مدخلا اليها.
بعدها تحدث الجزائري فغبط ادباء البصرة وكتابها على المبنى التراثي الجميل الذي اصبح مقرا لاتحادهم، والذي يحسدهم عليه زميلاتهم وزملاؤهم في اتحادات الادباء في عديد من المحافظات الاخرى، الذين لا يجدون ملاذات لهم الا في المقاهي او في الحدائق إن وجدت! وتمنى ان يرى هذا المقر محاطا بحديقة وبيئة نظيفة وليس بما يصدم العين والحواس الاخرى كما هو الحال اليوم.
واضاف ان الندوة تبدأ في اجواء هدوء ودعة في هذا المكان ولكن البلد ابعد ما يكون عن الهدوء، بل هو مثقل بالإشكالات والصراعات. "نعم، هناك نجم يضيء في الموصل حيث يقدم المقاتلون البواسل تضحيات كبرى وهم يتصدون للموت والخراب، للارهاب الذي زرع في ارض العراق . ولكن بعيدا عن شمال البلاد وما يسجل فيه من بطولات, نرى اللوحة لا تبعث ابدا على السرور".
وبيّن الرفيق الجزائري وهو يستبق تناوله موضوع "الاصلاح الثقافي" ان الوضع غير طبيعي وخطير، وتساءل عمن اوصل البلد الى هذا الحال؟ مشيرا الى ان الفاشلين المتشبثين بدفة السلطة لا يريدون أن يتركوها، ويفعلون كل ما يستطيعون لإبعاد اي تغيير او اصلاح.
وقال ان الأوان آن، خاصة بالنسبة للمثقفين الذين هم العقل المفكر للمجتمع، ان ينهضوا بمسؤوليتهم ازاءه وهي كبيرة، وان يطلقوا كلمتهم المسموعة وصوتهم النافذ. وتمنى ان يتحول اتحاد الادباء والكتاب في البصرة وفي مركز كل محافظة وفي المقر الرئيسي ببغداد، الى بؤرة نشاط لا يكل ولا يتوقف بحثا عن مخارج آمنة وسليمة من هذا الوضع، تقود البلاد الى شاطيء السلامة والامان والتنمية المستدامة.
واشارالجزائري الى ان شيئا لم يُنشأ تقريبا في بلادنا خلال الاربع عشرة سنة التي انقضت على انهيار نظام صدام حسين، وهذا ما يظهر جليا في قطاع الثقافة ايضا. وتساءل: ما هو واجب المثقفين تجاه ذلك؟ واجاب قائلا انه لا يمكن السكوت اكثر ويجب رفض هذا الحال، والعمل على تغييره واصلاحه.
واستطرد قائلا ان امام المثقفين مهمات كبرى تنتظر ان ينهضوا بها "وقد طال الانتظار"!. وذكّر بان المؤسسات الرسمية التنفيذية والتشريعية تهمّش المثقفين وتقصيهم "وقد كنت ولا ازال ألوم "الدولة" كثيرا على تعاملها المجحف وغير المسؤول هذا مع المثقفين. الا ان الانصاف يقتضي القول ان المثقفين انفسهم مقصرون ايضا، وكثيرا. في حق انفسهم، وفي حق الدور الذي يتطلع المجتمع الى ان يلعبوه في النهوض به وبالبلاد، والذي ليس بمقدور احد غيرهم القيام به. فمن دون الثقافة والمعرفة ونشرهما لن تقوم للعراق ولا لأي دولة في عالم اليوم قائمة. الا ان اصحاب الثقافة والمعرفة ومن ينتجونهما عندنا يستكينون للاسف الى التهميش والاقصاء الحكوميين ويرضخون، ولا يتصدون لهما ويرفضونها ويطالبون بحقهم في خدمة شعبهم وشق الطريق امام تطوره وارتقائه".
واعاد الرفيق مفيد الجزائري الى الاذهان واقع ان المثقف الحقيقي يتمتع بحساسية عالية ونفور غير محدود من الظلم وامتهان الانسان والاستهتار به وبمستقبل الوطن ومصيره. واضاف ان على المثقف ان يرفع اليوم صوته ضد مثل هذه المظاهر وهي لم تعد مما يمكن السكوت عليه، وان ينتزع حقه وواجبه في الاسهام في وقف التدهور العام وفي النهوض بالبلاد ثقافيا وفي سائر المجالات.
ووضع الجزائري "ورقة الاصلاح الثقافي" تحت تصرف المثقفين في البصرة، متمنيا عليهم مناقشتها واغناءها والمشاركة في تطويرها وانضاجها.
جدير بالذكر انه سبق لـ "طريق الشعب" ان نشرت نص الورقة في السنة الماضية، وهي تتوجه الى اعادة نشره بناء على الطلبات التي تصلها من القراء في الآونة الاخيرة.