فضاءات

في "ملتقى الدكتور علي إبراهيم" جبار الكواز عن أزمة الثقافة والمثقف في العراق

محمد علي محيي الدين
تحت شعار "المثقف العراقي إلى أين؟" ضيّف ملتقى الدكتور علي إبراهيم في محافظة بابل، أخيرا، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، الشاعر جبار الكواز، الذي تحدث عن أزمة الثقافة والمثقف في ظل الواقع العراقي.
حضر الجلسة التي التأمت على قاعة الملتقى في مدينة الحلة، جمع من الأكاديميين والمثقفين والأدباء والمعنيين بالشأن الثقافي، وأدارها الشاعر حامد كعيد الجبوري.
وقبيل افتتاح الجلسة وزعت على الحاضرين أوراق تعريفية بالمثقف، قسم فيها المثقفون إلى أصناف، بعضها نمطي يتشابه فيه المثقف العراقي مع مثقفي الشعوب الأخرى، والصنف الآخر يحدد المثقف العراقي الذي حتمت ظروف وازمنة وماض، صيرورته الحاضرة على ضوء تراكمات المتابعة، مثل المثقف الماركسي، ومثقف السلطة، والاغترابي والشعبي والانفصامي والليبرالي والاكاديمي والموسوعي والشعبي والقومي والسلفي والداعية والوصولي.
وعرّف الكواز في معرض حديثه بمصطلح المثقف، وتاريخ ظهوره خلال القرن الخامس عشر في أوربا كرد فعل على مصطلح "رجل الدين"، وأشار إلى ان المثقف ينتمي الى المؤسسة المدنية التي كافحت ببسالة لإنهاء التاريخ الوسيط والقرون المظلمة التي صنعتها المؤسسة الدينية الغربية، ودجنت خلالها شخصية الفرد الغربي الذي كان يكافح من اجل تشكيل هويته الثقافية، مبينا ان المثقف كان له دور تنويري يسعى من خلاله إلى تكريس القانون المدني الدستوري والرؤية العلمية للعالم.
وركز الضيف في حديثه على دور المثقفين الفاعل في النهضة الفكرية الأوربية امثال فرانسيس بيكون وجان جاك روسو وفولتير ودنيس ديدرو وجان بول سارتر وميشال فوكو وغيرهم، متابعا حديثه بالقول "لكننا في عالمنا العربي وفي العراق بشكل خاص، لم نتخط عتبة التاريخ الوسيط، ولذلك بقي مثقفنا لصيقا برجال السلطة او رجل الدين، ولم ننتج بعد فئة "الانتلجنسيا"، ولم تحدث لدينا نهضة حقيقية او مشروع ثقافي حقيقي، سوى ومضات فردانية خالصة عند الزهاوي والرصافي والماشطة وآخرين، ولم تعاضد هذه الومضات ارادة شاملة للمثقفين لانتزاع البلاد من ظلام التاريخ الوسيط".
ولفت الكواز إلى ان المثقف العراقي بقي وسط خصومة قاصمة، بين ميل ايديولوجي وواقع منتم اليه.
وتابع قائلا "ومن هنا ظهر اللبس في تعريف المثقف عندنا في العراق. فهل يكفي المرء ان يكون حائزا على شهادة جامعية او حاصلا على تعليم عال حتى ينال شرف لقب المثقف؟ وهل يكفي المرء ان يسعفه الحظ ليؤلف كتابا او يدبج بحثا او يكتب مقالة حتى نسبغ عليه لقب المثقف؟ وهل يكفي المرء ان يترجم دراسة او يحقق مؤلفا حتى نجلله بغار الوقار الاجتماعي كمثقف؟"، مضيفا إلى تساؤلاته "أين يقف مثقفنا، ومن هو وما المطلوب منه؟"
واختتم الضيف حديثه بالقول "لن نفهم دور المثقف جيدا الا اذا اطلعنا على نماذج الشعوب الغربية التي ناضلت وكافحت خلال القرون الخمسة الماضية، لتخرج من عصور الظلام، مشيرا إلى ان القاعدة الكبرى التي عملت بها تلك الشعوب هي "ان على التاريخ ان ينمو من تاريخ مكرر وجامد الى تاريخ دنيوي حركي تفاعلي. وعلى الانسان ان يتحول من كائن تابع الى كائن حر. وآن للعلوم ان تكون حقلا مستقلا بعيدا عن السحر والخرافة والشعوذة، وخاضعة للتجربة وللملاحظة الدائمة".
وأثارت الجلسة مداخلات كثيرة ساهم فيها كل من د. يحيى المعموري، د.حامد العلي، سعد الشلاه، مهتدي الابيض، موسى الياسين ، صباح العكام، محمد الزهيري، عبد الامير الشلاه، سلام مكي، ذياب آل غلام، ميثم جهاد، رحيم الحسناوي، فلاح الجباوي ، د. عدي الاسدي، ودجلة جبار.