بغداد – وكالات
بدأ رحلته بين دول المهجر منذ أكثر من ثلاثة عقود، فأصبح المسرح وطنه الآخر الذي يخفف عنه مرارة الاغتراب. ولد الفنان سلام الصكر في مدينة العمارة، لكنه نشأ وترعرع في بغداد، وتحديدا في أحد الأحياء الشعبية العريقة التي كانت تضم أطيافا ومذاهب وقوميات مختلفة، وقد أثرت فيه كثيرا الطقوس الدينية لهذه المذاهب، وهو ابن طائفة الصابئة المندائيين.
تعرف على خشبة المسرح في سن مبكرة وأحب التمثيل. إذ نشأ وسط عائلة تضم فنانين ومسرحيين. وأول مسرحية شاهدها هي "يهودي مالطا"، التي جعلته يعشق المسرح والتمثيل.
في عام 1970 التحق بأكاديمية الفنون الجميلة - جامعة بغداد، ليدرس في قسم الإخراج المسرحي، ويتتلمذ على يد الأساتذة إبراهيم جلال وجعفر السعدي وجعفر علي وجاسم العبودي وإبراهيم الخطيب، ومن الفنانين الذين كانوا معه في فترة الدراسة يتذكر الصكر جواد الاسدي وعزيز جبر ونهى الاطرش وهاشم علي مندي وداود كوركيس.
بعد تخرجه في عام 1975 ، اصطدم بسياسات النظام البعثي، فقرر أن يترك العراق مجبرا عام 1979، خوفاً من استهدافه كغيره من عشرات المثقفين والفنانين على يد الأجهزة القمعية.
كانت اليمن أولى محطاته في المهجر، فقد أقام فيها عاما واحدا، لكنه أعد وأخرج العديد من الأعمال المسرحية مع فنانين عراقيين، وعمل في المسرح الوطني اليمني، وأخرج حينها مسرحية "الأم" للكاتب برتولد برشت، ومسرحية "في غرف التعذيب" للكاتب صباح المندلاوي (نقيب الفنانين العراقيين حاليا)، و"ثورة الزنج" للكاتب معين بسيسو. كما شارك مع الفنانة زينب ومجموعة من المسرحيين العراقيين في تقديم أعمال مسرحية في اليمن.
في عام 1980 عاد إلى العراق ليستقر في جبال كردستان. إذ يصف السنوات الست التي قضاها هناك بنقطة تحول كبيرة ومحطة مؤثرة في حياته وتجربته الفنية. فهو لم ينقطع عن المسرح، وفي ظروف استثنائية صعبة ووسط بيئة وطبيعة قاسية ومجتمع ولغة جديدة استطاع أن يقدم عددا من العروض المسرحية التي تتحدث عن هموم الإنسان.
استمرت رحلة المهجر بعد كردستان. إذ انتقل عام 1986 إلى سوريا ليستقر هناك ويساهم في تأسيس فرقة مسرحية ضمت مجموعة من الفنانين العراقيين.
في عام 1998 واصل رحلة المهجر ليستقر أخيرا مع عائلته في السويد، وظل يواصل العمل المسرحي، لكنه يشعر بالحزن والأسى لتراجع اهتمام العراقيين بالمسرح وحضور العروض المسرحية.
تميزت أعماله بالدفاع عن الإنسان وحريته وأثارت العديد من الكتابات النقدية في الجوانب الفكرية والإبداعية، ومن أهم أعماله: "تألق جواكان موريتا ومصرعه" للشاعر بابلو نيرودا، و "جداريات سعدي" للشاعر سعدي يوسف، "حجام البريس" للشاعر مظفر النواب، "ضجيج عند الغجر" إعداد لطيف حسن، "قصة حب" من التراث الكردي، "بنادق الأم جيرارد" للكاتب برتولد برشت، و"مملكة الكرستال" تأليف حيدر أبو حيدر. كما أعد وألف وأخرج مجموعة من المسرحيات، منها "تذكروا إنهم يلعبون"، "الضوء" ، "العارف"، و"عند الحافة".