فضاءات

دار الرعاية الاجتماعية.. مأوى لمن لا مأوى له / احمد الغانم - سالم الحميد

تعتبر دار الرعاية الاجتماعية في منطقة الشماعية واحدة من أقدم دور الرعاية في الدول العربية والمنطقة إذ تم تشييدها عام 1927، وكانت تسمى بدار العجزة، وقد تم استبدال الاسم إلى دار رعاية ذوي "الاحتياجات الخاصة المسنين". باعتبار أن كلمة مسن هي الرديف لكلمة عاجز. وقد كانت الدار الوحيدة حتى نيسان 2013 حين افتتحت دار أخرى في منطقة الصليخ.
يقدر الاستيعاب الكلي لهذه الدار بحوالي 110 مستفيد، ويشغل الدار حاليا 113 مستفيدا، وتحتوي على أربعة أقسام هي: قسم للنساء ويضم 45 امرأة، وقسم الرجال ويضم 68 نزيلا. ويعتبر حجم الاستيعاب الكلي للدار قليلا جدا قياسا إلى عدد سكان نفوس بغداد الذي تعدى 7 ملايين نسمة، كما أن البنايات قديمة وبحاجة إلى ترميم وإعادة طلاء وإجراء توسيع لبناياتها، ويتم قبول وإيواء المستفيدين في دار المسنين حسب النظام المعمول به وفق قانون 4 لسنة 1985 وهذا النظام فيه مجموعة من الشروط يتم دراستها وتقييمها من قبل لجنة القبول في وزارة العمل، اذ يجب أن يكمل المسن ستين سنة من عمره بالنسبة للرجال و55 سنة للنساء، وكذلك يوجد هناك استثناء من شروط العمر للحالات التالية وحسب القانون رقم 9 أ مثل هجرة بعض الأبناء قسريا سواء أكان ذلك داخل أو خارج القطر بينما يبقى كبير السن بلا معيل، والمادة ب اختصت بالمتسول في الشارع والذي ليس له معيل أو أقارب أو أرحام يمكنهم الاعتناء به 2. أن يكون عراقيا أو فلسطيني الجنسية ومقيما في العراق 3. أن يكون سالما من الأمراض العقلية والانتقالية 4. أن لا يكون مريضا مرضا مزمنا ويحتاج إلى رعاية صحية مستمرة.

حتى لا نبخس حقهم

يقول الأستاذ صالح ساير الطائي، وهو باحث اجتماعي ومدير رعاية المسنين إن معظم دول الجوار والعالم تولي أهمية استثنائية لكبار السن باعتبارهم الشريحة التي قدمت ما عليها في زمن ما, وحتى لا نبخس حقهم في الحياة الكريمة يجب أن نقدم لهم ما يعوضهم عما فقدوه من إمكانيات الاستمرار في هذه الحياة بالشكل الطبيعي دون إعانة أو رعاية، وحتى نرد لهم بعض الذي علينا، وفي نفس الوقت يمكن الاستفادة من خبراتهم المتراكمة إذا ما تم استثمارها.
وأضاف: أن رعاية المسنين والاهتمام بالجوانب الصحية والتعليمية والترفيهية لهم منوط بالدولة ومنظمات المجتمع المدني، وفي الكثير من دول العالم هناك دراسات إستراتيجية تجرى لتقديم أفضل الخدمات لهذه الشرائح الكبيرة من كبار السن، قام بها مجموعة من الخبراء في مجالات علم النفس ووزارة العدل، وبالتعاون مع وزارة الصحة لوضع استراتيجيات قد تمتد لعشرين سنة. لمعرفة ما يمكن أن يقدم لهم.
وأكد الطائي: في العراق تقوم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بإيجاد الدور الإيوائية وصرف رواتب الرعاية الاجتماعية، وشرعت هيئة للأرامل لتوفير الحياة الكريمة للمحتاجين. خصوصا أن الأعداد في حالة تزايد نتيجة ما حدث ويحدث في العراق من عمليات إرهابية وحروب مدمرة، ويوجد عشرة دور للرعاية في كل العراق. وداران في بغداد أحدهما أفتتح حديثا، إضافة إلى دار تابعة للمرجع الديني حسين الصدر. وأضاف: في دار الرعاية يوجد باحث اجتماعي يقوم بتأهيل المستفيد وتكييفه وخلق حالة انسجام بينه وبين أقرانه في نفس القاعة أو الغرفة،. ويراعى فيها الحالة الثقافية والمستوى الاجتماعي والنفسي للمستفيد لأن خلق مثل هذا التوافق سيسرع من عملية التأقلم.
وعن سبب تواجد النزلاء. يقول: هناك عدة أسباب تعمل على مجيء المستفيد منها إرادية ذاتية ومنها ما يكون مجبرا عليها، وتختلف الأسباب من شخص لآخر، منها الإقصاء الأسري وعقوق الوالدين, وهناك من يعيش حياته كلها أعزب ويبقى وحيدا وحين يبلغ به الكبر عتيا تجده عاجزا عن إعانة نفسه، وكذلك هناك أناس متزوجون ولم يرزقوا بأبناء، وهناك حالات أخرى تأتي بقرار من القاضي كأن يكون مدمنا على الخمر، ولا معيل له أو من المتسولين

سلفة صرف مفتوحة

ويضيف الأستاذ صالح ساير الطائي: أننا غير مقيدين بالصرف حيث تقوم الوزارة بإعطائنا سلفة مقدارها خمسة ملايين دينار أسبوعيا يتم صرفها بوصولات وقوائم الشراء ثم يتم صرف سلفة أخرى خاصة بالوضع الصحي، ومن الناحية الطبية يتم مراجعة المرضى إلى مستشفيات مدينة الصدر القريبة بعد إحالتهم من قبل معاون الطبيب وتقوم هذه المستشفيات بالتعاون معنا ومعالجة المرضى وفحصهم . وعند عدم وجود الدواء في الصيدليات العامة نقوم بتأمين الدواء من الصيدليات الخاصة مهما كان ثمن الدواء، وفي بعض الحالات التي لا علاج لها في القطر، يتم إرسال المريض إلى الخارج وقد تم معالجة أكثر من حالة خارج القطر.
أما الجانب الترفيهي، يضيف الطائي فيوجد في الدار حديقة كبيرة ومكتبة ويتم إقامة سفرات ترفيهية للنزلاء لغرض ربطهم بالعالم الخارجي وحتى لا يشعروا أنهم بمعزل عن العالم، بل هم جزء منه، وهناك سفرات للحدائق العامة وكذلك زيارات للمراقد المقدسة بالتعاون مع وزارة الداخلية حيث تؤمن لنا الحماية وكذلك إدارة شؤون العتبات حيث تقوم بتأمين الطعام لهم. وقد قامت وزارة العمل باحتفالية ابتهاجا بيوم المسن العربي في25 /9/2013 وحضر الاحتفال ممثلون من الوزارة والشخصيات العامة والمسؤولين في المنطقة وهذا الاحتفال له دلالات مهمة كونه يسلط الأضواء على هذه الشريحة من المجتمع لغرض لفت انتباه المسؤولين الى احتياجات المسن، وفي ظل هذه الظروف تم إستحصال الموافقة على إرسال خمسة من القادرين على السفر من دارنا لأداء مناسك العمرة.. كذلك أستحصلت الموافقة على إعطاء مصروف جيب إضافي قدره 50000 ألف دينار ولكن لم يعمل بها لحد الآن لكنه أقر، وقد تبنت السيدة هدى جليل محسن العبودي رئيسة هيئة الرعاية الاجتماعية عضو مجلس محافظة بغداد مشكورة هذه المقترح والإسهام في تحقيقه، وهناك أجازة تعطى لكل مستفيد لمدة عشرة أيام، يمكن أن يقضيها النزيل عند ذويه ممن لم تكن بينهم وبينه قطيعة تامة، ويوجد أيضا نزول يومي من الثامنة صباحا وحتى الساعة الخامسة.

وجبات طعام وكسوتان

يقول جاسم الغراوي، المعاون الإداري: تم تقديم راتب "مصرف جيب" قدره ستون ألف دينار للمسنين، أولئك الذين ليس لديهم راتب تقاعدي حصرا، وفي البداية كان سبعة آلاف ونصف الدينار، ثم وصل إلى 30000 قبل السقوط، ثم وصل إلى هذا الرقم بعد الكثير من المتغيرات في الظروف المعيشية الحاصلة.
وأضاف: تقدم الدار كسوتين أحدهما شتائية والأخرى صيفية وهي عبارة عن دشداشة عدد 2 كل موسم، أو بيجاما وملابس داخلية وأحذية ونعطيهم ثلاث وجبات طعام، أضافة إلى وجبة أخرى خفيفة ما بين الوجبتين وبأشراف المعاون الطبي والباحث الاجتماعي، وهناك أناس ذوو احتياجات خاصة يجب علينا تحديد نوع طعامهم،. وكميته إضافة إلى الفواكه بمختلف أنواعها، وبالنسبة للنظافة فيوجد قسم للغسيل وقسم "لوندري" لكيّ الملابس، بالإضافة إلى حمامات خاصة بالمستفيدين من ذوي الاحتياجات الخاصة وهناك عمال للخدمة يقومون بالعناية بهم وذلك بتنظيف وحلاقة المستفيد وجلب الطعام له وتهيئة ملابسه.