فضاءات

في ملتقى الدكتور علي إبراهيم .. داود أمين عن "الحزن في الاغنية العراقية"

محمد علي محيي الدين
ضيّف ملتقى "الدكتور علي إبراهيم" الثقافي في مدينة الحلة، أخيرا، الكاتب والصحفي والشاعر المغترب داود أمين، في أمسية عنوانها "الحزن في الأغنية العراقية"، حضرها جمع من المثقفين والأكاديميين والأدباء والفنانين.
ادار الأمسية الفنان فاضل شاكر، واستهلها مقدما مقاطع شعرية لأغنيات عراقية حزينة، يرافقه عزف على العود للفنان حسين السلطاني.
وقدم مدير الأمسية نبذة مختصرة عن سيرة الضيف، وعن نشاطه الأدبي ودوره في المشهد الثقافي، وجهوده في تعريف الجالية العربية في الخارج، بالفن العراقي.
بعد ذلك تحدث أمين عن الالوان الغنائية العراقية التي تمثلت في الغناء الريفي والغناء البغدادي والغناء البدوي، مشيرا إلى ان الأخير يعد الأكثر شيوعا في العراق، "وهو الذي وسم الأغنية العراقية بطابعه، حتى غدا معظم مطربي ومطربات العراق يؤدون هذا اللون من الغناء، أو يقتربون منه على الاقل. في حين تراجع الغناء البغدادي بنوعيه المقام وأغنيات البستة، ولم يتطور الغناء البدوي أو ينمو".
وبين الضيف أن الأغنية العراقية تحمل طابع الحزن الذي يأتي نتيجة التفاوت الطبقي في المجتمع، وطبيعة التركيبة الاجتماعية العراقية، وتأثير الحضارات القديمة في الحزن، الذي تجلى في ما وصل الينا من التراث العراقي خلال عهوده المختلفة.
وأضاف قائلا ان الحزن من الناحية التاريخية تعود جذوره لآلاف السنين الغابرة "فإنسان هذه الأرض كان طوال تاريخه مهموما بموضوع الحياة والموت، وبالصراع مع الطبيعة وتكييفها، والزراعة وتدجين الحيوان، والكتابة والتدوين، والقوى الخارجية التي تتحكم بالكون، وكيفية إرضاءها والحد من غضبها".
وأورد أمين نماذج من الأغنيات لعصور بابل وأشور وسومر واكد، وما حوته تلك الأغنيات من حزن معبر عن شجون انسان وادي الرافدين، ملقيا الضوء على الحزن الطبقي الذي رافق حياة العراقيين عبر قرون، وبروز العديد من الفنانين من ذوي الأصول الفلاحية الذين امتازت أغنياتهم بالحزن أمثال مسعود العمارتلي، داخل حسن، حضيري أبو عزيز، عبد الأمير الطويرجاوي، ناصر حكيم، جبار ونيسه، وغيرهم.
ولفت الضيف إلى ان "الحزن الذي جسدته الأساطير والحكايات العراقية، لم يكن حزناً استثنائيا ولا فردياً، بل هو صورة لطبيعة مجتمع له خصائص عامة. فهذه الأرض الغنية بخصوبتها ومياهها الوفيرة، وبإنسانها الذكي اللماح والمتحدي وكثير الأسئلة، كانت طوال تاريخها هدفاً للغزاة والطامعين. وقد عرفت أغلظ الحكام قلوباً، وأشدهم قسوة وبطشاً وسفكاً للدماء"، مشيرا إلى ان للحزن الشيعي طابعه وتأثيره في الاغنية العراقية الريفية "فقد تميزت هذه المناطق بأكثرية شيعية اعتادت ممارسة الطقوس العاشورائية المترعة بالحزن".
وتحدث عن حقبة الاحتلال العثماني للعراق، وعن الطبقية في تلك الفترة التي كانت أحد مصادر الحزن للإنسان العراقي، وعن معاناة العراقيين في حقبة الحكم الملكي، حيث انتشار السجون والمعتقلات وكثرة اعداد الشهداء، مشيرا إلى ان للأم دورا في تعميق الحزن لدى طفلها، من خلال الهدهدة الحزينة التي تلقنها له منذ المهد "لذلك ان العراقي يمتص دروس الحزن الأولى، مع حليب أمه".
وتابع قائلا ان أغنيات النساء التعيسات مرآة للحزن بأنماطه المختلفة "فقد انتج غناء الدارمي أنماطا شتى من الحزن، تجلت في آلاف النماذج التي تعبر عن الحزن الدائم والمستديم. فالدارمي يجسد عمق الأذى الذي يلحق بأعماق المرأة التي تجبر على الزواج من شخص، غير الذي تحبه".
وذكر أمين في سياق حديثه نماذج من الأبيات الشعرية التي تحمل طابعا حزينا.
وأثارت المحاضرة مداخلات قدمها العديد من الحاضرين، وعقب عليها الكاتب داود أمين بصورة ضافية.