فضاءات

محمد غازي الاخرس الناطق بلسان المكاريد

توفيق التميمي*
شهادتي وتقديمي للباحث والاديب والصحفي محمد غازي الاخرس قد تبدو مجروحة ،وذلك لصلة القرابة التي تربطني به وما بيننا من تاريخ وذكريات مشتركة بسبب هذه الصلة ،ولاسيما فيما كان يمثله والده المعلم المناضل المثقف الراحل غازي محمد الاخرس والذي ازعم باني شارك محمد في ابوته الرمزية ان صح التعبير من خلال تبنيه لتنمية ثقافتي ومعرفتي في سنوات التكوين الغضة .. ولكن ما يشفع لي، ان اسم محمد غازي الاخرس اصبح مدويا وراسخا في سماء الثقافة العراقية وحقولها سواء في ما كتبه من مؤلفات وبحوث او اعده من برامج ثقافية يتقدمها البرنامج المميز "ابواب" الذي يتقدم جميع برامج الفضائيات سنويا عبر استفتاءات رصينة ،او ماكتبه من اعمدة ارتبطت به وباسلوبه المميز والاستثنائي الذي استحق عليه الجائزة الكبرى التي لا تعادل سعادته بها اية سعادة اخرى وهي جائزة الاقبال الشعبي والالتفات الحميمي من ذلك الجمهور المنسي العريض من المكاريد وهم جمهوره الذين التقى بهم وشهد على اوجاعهم في ساحات المكاريد وازقتهم المظلمة عبر دروب الحياة ،هؤلاء المكاريد هم من يتتبعون عموده اليومي ويفتقدون غيابه كما يفتقدون عزيز لهم.
يوما بعد اخر يزداد هؤلاء المكاريد كلما اوغل محمد في تهييج المضمر من حكاياتهم والمقموع من همومهم والمطموس من اغانيهم واشعارهم ،حتى اصبحت اعمدته معين لا ينضب من قاموس وقصص هؤلاء المكاريد ابطال اعمدته اليومية وملهميه ربما ليس فيما يكتبه في الصحافة بل حتى في البؤر التي تتفجر عن موضوعات وابحاث تدورفي فلك هؤلاء المهمشين .
اليوم يبدو لي بان جائزة العمود الصحفي التي تحمل اسم المناضل والصحفي والروائي شمران الياسري ستكون له شرفاً ما بعده شرف وسعادة ما بعدها سعادة، نظراً لمكانتها ورمزيتها في روح وذاكرة محمد الاخرس. فهي جائزة (ابو كاطع) الناطق بلسان الفلاحين الفقراء والمكاريد اولا، وفي ذلك يتواصل محمد غازي الاخرس في ذات الدرب الذي سلكه ابو كاطع بفارق النكهتين والاسلوبين والزمنين. ومصدر السعادة الآخر انها تاتي من الحزب الشيوعي العراقي وهو الحزب الذي تربى محمد غازي في حجره طفلا وصبيا يافعا وشهد منذ صغره حكايات نضالاته وعاش مكابدات رفاقه ورعب ملاحقاتهم، من خلال حكاية الاب المعلم غازي الاخرس الذي نذر حياته وحريته ثمنا لمبادئه الشيوعية حتى اضطر لمفارقة محمد الابن صبيا صغيرا غضا ينوء بحمل ام اثكلها ابنها البكر الشهيد ومسؤوليات ثمان بنات حالمات ..فكان على محمد ان يكون ذلك الفارس الذي ينوء بتلك المسؤولية الكبيرة وكان اهلا لها.. اليوم تحتفل مع محمد في جائزة شمران روح الوالد غازي الاخرس الذي علمنا كيف يكون الانسان حرا عندما يختار الانحياز للقيم الحق والكرامة حتى لو خسر في سبيلهما اعز ما يملك ... علمنا ان ننتصر لقيمنا الحقة ... وعلمنا ان الكلمة الحقيقية هي التي تنتصف للمظلومين والمهمشين والمقموعين .
هل من حقي بعد هذه الاشارات السريعة في محطات بطل المكاريد محمد وبهذه المناسبة السعيدة التي تذكرني بالمعلم الشيوعي الاب المشترك لنا غازي الاخرس، ان اشارك محمد فرحته بجائزة تحمل اسما ناصعا في سماء العراق، مناضلا وكاتبا ساخرا وصحفيا خالدا هي جائزة شمران الياسري ابو كاطع، ويتبناها حزب عريق ظل لاكثر من ثمانين عاما يزهو بوطنيته وعفة اياديه حتى عندما ادلهم الافق بسخام اللصوص وعفونة الفاسدين..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"مقتطفات"
* ألقاها الشاعر ابراهيم الخياط في الحفل الختامي للمهرجان نيابة عن كاتبها وتعريفاً بالمحتفى به محمد غازي الاخرس الذي فاز بجائزة الراحل شمران الياسري للعمود الصحفي.