فضاءات

محطات نضالية / سمكو مراد دوغاتي

لا شك ان للشيوعيين دور مهم وفعال في معظم المحطات النضالية التي كانت تهدف الاطاحة بالأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة، ولم يبخلوا يوما بدمائهم و ملذات حياتهم في خدمة قضيتهم العادلة وقضية الشعب والوطن، وساحات نضالهم تمتد في كامل ارض الوطن من اقصى جنوبه الى اقصى شماله لا يخلو شبر من منه إلا و عليه بصمة من بصمات نضالهم ولا يخلو منطقة إلا وفيها مآثر وبطولات الرفاق، نحيي الرفاق ودورهم النضالي، والمجد للمضحين دوما في دروب النضال السائرين ابدا لحمل مشاعل الحرية لجعل الغد مشرقا للأجيال، و ذكراهم تدق اجراس المنايا، فمن واصل المسير ومن سقط شهيدا في ساحات العنفوان والبطولة والشجاعة ومن اعدمه الفاشست و من تحمل التعذيب و بطش الجلادين و اجهزتهم القمعية ومن اغتالهم الحفنة الحاقدة من جلاوزة النظام و ازلامهم سواء كان في الجنوب والوسط او بين صخور جبال كردستان التي روتها دماؤهم الزكية دفاعا عن المبادئ والقيم الانسانية النبيلة، و ستبقى هذه المحطات ذاكرة للتاريخ تسرد الامجاد والبطولات والتضحيات للشيوعيين وتلك الذكريات النضالية تطرق حضورنا اينما نتواجد.
ومن الشخصيات البارزة والمهمة والمؤثرة في تلك الحقبة النضالية الرفيق الشهيد علي خليل ( ابو ماجد ) الذي له الدور النضالي الصارم والمحوري الفعال و في جميع المحطات النضالية للحزب و يشهد له التاريخ بأنه كان مناضلا جسورا محنكا صلبا في مواقفه وصولاته متفانيا وهب عنفوان شبابه واحلى سنين عمره لأجل قضية الكادحين العادلة التي آمن بها وتحمل اعباء العمل النضالي الشاق بين احضان جبال كردستان والتي شهدت له بالشجاعة و الاقدام و التواصل في المسيرة الكفاحية ضد النظام الفاشي، وتلك كانت حياة مناضل شيوعي لا يعرف المساومة والمهادنة على حساب مبادئه، بطل ثوري شجاع تناوله الوجدان فابتكر الحب والتواضع ونكران الذات وفي محطة نضالية هي الفريدة من نوعها بعد التحاقهم بجبال كردستان أبان الهجمة الفاشية على الحزب، اذا لا تخالفني الذاكرة اعتقد في عام 1982 قدمت مفرزة من منطقة بهدينان الى المنطقة وبالتحديد الى قرية دوغات بقيادة المناضل الراحل علي خليل رغم قساوة الظروف وصعوبة التحرك بسبب الانتشار الواسع للقطعات العسكرية والمراقبة الشديدة من قبل الاجهزة الامنية و جلاوزة النظام للطرقات والممرات والقرى و الاشخاص، رغم كل ذلك استطاع الرفيق علي خليل من اختراق كل هذه الصعوبات قادما الى قريته دوغات فاختار ان يحل ضيفا في داري فاستقبلته استقبال الاخ لأخيه والشيوعي لرفيقه ورفيق دربه كان ذالك في ساعة متأخرة من الليل و سادت الفرحة والبهجة بين افراد عائلتي لضيافة هذا المناضل و ليحل ضيفا علينا معززا مكرما وقمنا باعداد العشاء المقسوم وطال الحديث المشوق بيننا مجتمعين مع العائلة كافة حتى ساعات الصباح ولكن بعد ايام عرفنا ان اعضاء مفرزته قد سلموا انفسهم الى السلطات الحكومية نتيجة الضغوطات على عوائلهم وتهديهم لهم و لمرات عدة، ولكن الرفيق ابو ماجد ظل صامدا في موقفه و قال بالكلمة الواحدة اموت أنا وعائلتي جميعا و لكن لن اسلم نفسي ولن اخون الحزب والمبادئ، وكان قادما الى المنطقة لغرض الاطلاع على اوضاع المنطقة مكلفا بمهمة حزبية قل من يستطيع تنفيذها في ظل تلك الظروف عندما كنا محاصرين بالحديد والنار واستمر بقاؤه في داري لفترة طويلة دون ان يعلم به احد من اقربائي او اهل القرية. كلفني الرفيق المناضل الشهيد ابو ماجد بمهمة حزبية نادرة وصعبة هي تشكيل التنظيمات الحزبية السرية (التنظيم الداخلي السري للحزب الشيوعي ) في المنطقة فبادرت في تلبية نداء الحزب وتهيئة الظروف و الاجواء و الاجراءات فأسرعت الى الاتصال بالرفاق القدامى والشباب وتمكنت من تشكيل نواة اول خلية حزبية للعمل والنشاط السري ولكن طال الامد بالرفيق علي خليل وليس هناك من سبيل للخروج من بيتي و الوصول او الاتصال بمقرات الحزب في منطقة بهدينان نتيجة بعد المسافة وخطورة تواجد تشكيلات قوات النظام ومراقبتهم لتحركات المنطقة وعدم وجود اي مفرزة اخرى لهم في المنطقة فكان صبره طويلا و هو متمرس في تحمل المحن، ولذلك يجب التخطيط و ايجاد خطة امينة ومدروسة في كيفية الخروج من القرية، فطلب مني ان اوفر له ملابس عادية وهوية . دبرت له وحضرت له ملابس خالي ( المرحوم بيبو قاسم حيدر )وهويته الشخصية ولحسن الصدف كان هناك شبه بينهم، وفي ساعات الفجر غادرنا متوجها الى سنجار وبالتحديد الى ناحية الشمال والى خانصور المتاخمة للحدود السورية املا منه العبور والدخول الى الاراضي السورية سرا و من ثم الالتحاق عن طريق سوريا الى مقر الحزب في بهدينان وكنا في انتظار سماع خبر وصوله لكن لم يحالفه الحظ هناك، وبعد ان مضى (15) يوما عاد الى داري من جديد و ايضا في ساعة متأخرة من الليل فسرد لي قصته كاملة على الحدود العراقية السورية فقال مرات عديدة تحملت المخاطر وحاولت اختراق نقاط المراقبة الحدودية وتقربت منها و بدلالة بعض من رفاقنا هناك ولكن لم نستطع عبور الحدود نتيجة التواجد العسكري الكثيف على طول الحدود الموازية للمنطقة . بعد ذلك كلفني بمهمة في الموصل لجلب الادوية و بعض الحاجيات الضرورية، ذهبت الى الموصل و وفرت له كل ما يحتاجه وبعد اتصالات عديدة من قبل والدته شهيدة الانفال (الام بهار) الى قرية شيخدري الواقعة في اسفل جبل سينا قبل ترحيلهم الى مجمع شاريا الحالي، مع بعض من اقاربهم لتهئية الفرصة و الاجواء والخطة المناسبة لغرض التحاقه بالبيشمركة، وفي احد الايام التي كنا ننتظر خلاها جواب من هذه العائلة جاء الينا شخص من قرية شيخدري اسمه ( صالح ) قال تدبرنا امر الالتحاق مع مفرزة من (حدك) توجهنا ليلا وكان معنا احد اقرباء الرفيق علي خليل و هو ( سلو الياس ) اصبحنا اربعة أشخاص مدججين بالسلاح و بعض الحاجات الضرورية للطريق وتمكنا من اختراق الخطوط العسكرية ونقاط الحراسة والمراقبة للجيش الموجودة بين قرية دوغات وقرية شيخدري عن طريق باندوايا، وكان وصولنا الى القرية في ساعات الفجر وبعد ان تناولنا الفطور في دار (صالح) ودعنا الرفيق ابو ماجد وتركنا الاسلحة هناك و عدنا بواسطة سيارة اجرة الى دوغات وبعد فترة سمعنا ان الرفيق ابو ماجد قد التحق الى مقر بهدينان عن طريق مفرزة من (حدك) ليكمل مشواره النضالي.
هذه محطة نضالية لاول مرة تنشر و ستأتيكم محطات نضالية اخرى لاحقا ...
( سمكومرادعبو ) مرشح مجلس محافظة نينوى رقم القائمة (469) تسلسل المرشح في القائمة (2)