فضاءات

الواسطة والمحسوبية هما الحاسمتان في التعيينات / عماد شريف

لاغراض التعيين في الوظائف الحكومية ينقسم الخريجون الى قسمين ( سوبر وعادي)، والسوبر هو من يملك اقارب مهمين في وزارات الدولة ودوائرها، حيث التسهيلات تسير على قدم وساق، والوظيفة على مرمى حجر.. اما (العاديون) فمعاناتهم ليس لها نهاية، وليلهم طويل.
فمنهم من ما زالوا يمدون ايديهم الى ذويهم للحصول على مصروفهم، كما كانوا ايام الدراسة، ليستمر الحال الى ما بعد التخرج بسبب التخبط الحكومي وسوء التخطيط وغياب العدالة. والقسم الاكبر اصبحوا يمتهنون مهناً اخرى بعيدة عن تخصصاتهم. لأن آلاف الشباب الخريجين يسعون للحصول على فرصة للتعيين في مؤسسات الدولة.. ولكن بلا جدوى.
"طريق الشعب" استطلعت آراء عدد من الخريجين وذويهم، بشأن هذا الموضوع المصيري والحيوي:
*نوارة خليل/ بكالوريوس إدارة واقتصاد، حبيسة البيت، بلا عمل، فقد راجعت الكثير من الدوائر من اجل الحصول على وظيفة، ولكن بلا جدوى كما تقول، وتضيف: كنت اقرأ الكثير من الصحف اليومية بحثاً عن فرصة للتعيين، حتى وان كانت بعيدة عن اختصاصي.. لكني تعبت.. واستسلمت الى الامر الواقع.
*مصطفى عبد القادر الجلبي/ بكالوريوس قانون، على الرغم من تخرجه منذ سنوات طويلة قاربت الـ 15 عاماً، ما زال بلا عمل، وهو أب لطفلين. احياناً يعمل كسائق تاكسي، وقد بذل الكثير من الجهد من اجل الحصول على وظيفة، وراجع الكثير من الدوائر وصرف الكثير من الاموال.. بلا فائدة. يقول: كنت اعتقد ان الامور ستسير بسهولة بعد التغيير، ولكن الذي حصل ان الاحزاب المتنفذة بدأت تلعب نفس الدور المعيب الذي كان يقوم به النظام المباد، واصبح الانتماء لهم هو الطريق الوحيد للحصول على وظيفة!
* ابو محمد الذي افني حياته في الاعمال الحرة ولم يكمل تعليمه الجامعي، كان يأمل في تعويض (النقص) الذي يشعر به، من خلال بناته الثلاث وولده، الذين اكملوا دراساتهم الجامعية. لكنهم ما زالوا من دون وظائف، وهو يحلم في ان يراهم مستقرين في اعمال تدر عليهم رزقاً معلوماً يحقق الامان لمستقبلهم.. كما يقول. واضاف: اشعر بِهمٍّ كبير جاثم على صدري واحباط! وانا اراهم امامي بلا عمل حقيقي، مع ضآلة فرص التعيين للذين ليس لهم معارف مهمون في مؤسسات الدولة ووزاراتها، واموال تدفعها لبعض الفاسدين فيها. اتمنى ان تسنح لهم الفرصة في الحصول على وظيفة، وعند ذاك سأكون اسعد اب في العالم.
* ومع غياب مبدأ تكافؤ الفرص والشفافية في التعيين لجأت (أ. م) خريجة معهد المعلمات منذ خمس سنوات- وهي التي تحلم بالحصول على وظيفة كمعلمة- الى دفع اكثر من ثلاثة ملايين دينار (لمن يهمه الامر).. وهي بانتظار الفرج! وتضيف ان الوظيفة الحكومية اصبحت هاجساً لكل الخريجين من اجل الاستقرار وضمانة للمستقبل على حد تعبيرها.
* ويشعر عادل كاظم بكالوريوس هندسة بالظلم والحيف، فبالرغم من مرور سنوات طويلة على تخرجه من الجامعة التكنولوجية قسم بناء وانشاءات، لكنه لم يستطع الحصول على وظيفة رغم قراءته لما ينشر في الصحف من اعلانات. واصبح (كما يقول) وجهه مألوفاً للكثير من الدوائر الحكومية لكثرة مراجعاته لها، ليخبره احدهم في يوم ما ان ما ينشر في الصحف من اعلانات عن وظائف شاغرة هي فقط لـ ( ذر الرماد في العيون وان التعيينات قد تمت للمقربين وانتهى كل شيء!).
في الختام أقول ان الفساد في التعيين لا يمكن معالجته، الا من خلال تشكيل مؤسسة خاصة تعنى بهذا الموضوع بعيدا عن التجاذبات السياسية والمحاصصة وبصلاحيات مطلقة، هدفها الرئيس توفير فرص عمل للخريجين كل حسب اختصاصه. او تفعيل ما يسمى بمجلس الخدمة الاتحادي الذي طال انتظاره ولم ير النور لحد الآن، رغم اقراره من قبل مجلس النواب في دورته الماضية.