شهداء الحزب

شهداء فقدناهم في حوادث مفجعة وهم يؤدون واجبهم النضالي / محمد الكحط

كثيرةٌ هي طرق الشهادة، والدم الشيوعي منذور دائماً من أجل الوطن والشعب والمبادئ والقيم العليا التي آمنوا بها؛ البعض منهم استشهد وهو يقاتل العدو، أو يتصدى لهجماته،
أو هو يتظاهر أو يضرب عن العمل أو الطعام، ومنهم من أستشهد تحت التعذيب أو بالإعدام أو التصفيات بمختلف الوسائل وغيرها من الظروف الأخرى، هنا نتحدث اليوم عن شهداء كان لاستشهادهم ظرف خاص مسجلين أسمى صور النضال في تحديهم للطبيعة وللمصاعب، ولأجل الوقوف على الحقيقة التقينا الفقيد الرفيق قادر رشيد (أبو شوان) قبل سنوات، ليحدثنا عن الشهيد الشيوعي وشهيد الطبقة العاملة أحمد معروف من أهالي مدينة السليمانية. يقول أبو شوان: نعم هناك شهداء لنا بسبب الکوارث الطبيعة القاسية خاصة في أيام الكفاح المسلح في الجبال الوعرة، مثل استشهاد الرفيق البيشمرگه‌ (عمر علي) في شهر شباط 1981 في (شارباژير) عند عبوره‌ (نهر چاله‌خزينه‌) في (شارباژير) وهو من أهالي مدينة حلبجة حيث جرفه‌ النهر وبعد يومين عثر على جثته‌ والکلاشنکوف ملفوف على رقبته‌، أو‌ انهيار الصخور الجبلية والکهوف کما حدث في قاعدة (کرجال) لقاطع السليمانية وکرکوك للحزب الشيوعي العراقي، وكان ضمن الشهداء الشهيد البطل علي کلاشنكوف، حيث إنهار کهف (کرجال) عليهم واستشهدوا في الحال، أو بسبب الثلج والبرد القارص حيث أستشهد نصيران في منطقة (بريفکان) بعد ان ضلا الطريق في ليلة ثلجية باردة وبعد شهرين عثر على جثتيهما وسلاحيهما، وصورة مکان استشهادهم منشورة في صفحة (ينابيع العراق). أو جراء عض الأفاعي والحيوانات المفترسة في المناطق الجبلية الوعرة أو بسبب الرعد والصواعق وانجراف مياه‌ الفيضانات، کما جرفت مياه الفيضان مناضلة وأم شهيد هي (أم سرباز) زوجة الرفيق الراحل (أحمد بانيخيلاني)، حيث كانت في الخيمة لوحدها، واستشهدت في الحال، حدثت هذه الفاجعة في شهر نيسان 1982 في سفح الجبل في (نوکان) الوعرة.
وعن استشهاد الرفيق أحمد معروف تحدث الرفيق أبو شوان، قائلا، کان الرفيق البيشمرگه‌ أحمد معروف مع رفاقه‌ خلف قرية (نوکان) أيضا في مقر مکتب إقليم کردستان، کان جالسا بالقرب من الرفيق عمر علي الشيخ عضو المکتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ويستمع لمحاضرته‌ حول حرکة الأنصار، وفجأة انحدرت صخرة من قمة الجبل نحو المجتمعين في سفح الجبل، فأصابت الرفيق أحمد معروف، وأستشهد على أثرها في الحال ، حدثت هذه‌ الكارثة في 7/7/1982. أنضم الرفيق أحمد معروف إلى الحزب الشيوعي العراقي سنة 1947 کان عاملا في مخبز ومناضلا عنيدا، و في مقدمة المعتقلين في أربعينات وخمسينات القرن الماضي في العهد البائد، أعتقل مرات عديدة بسبب نشاطه‌ الحزبي والنقابي. في سنة 1953 أسس مع رفاقه‌ نقابة الخبازين بشکل سري وأصبح رئيسا لها، كما قاد عدة إضرابات مهنية نقابية لتغيير قانون العمل رقم 72 لسنة 1936 ومکافحة البطالة ورفع الأجور للخبازين وتحدي قرارات دائرة الإعاشة المجحفة بحق الخبازين. أعتقل كذلك في سنة 1954 بعد مظاهرة نظمت أمام بلدية السليمانية أستشهد فيها الرفيق بکر خياط برصاص الشرطة وأعتقل الرفيق أحمد کشيوعي وبتهمة ملفقة ضده وهي قتل الرفيق الشهيد بکر أثناء المظاهرة، و نتيجة تدخل نقابة المحامين طوعا أفرج عنه من قبل المحکمة.
في أيام ثورة 14 تموز وفي عهد عبد الکريم قاسم، تم إجازة النقابات والفروع النقابية في السليمانية، فأنتخب النقابي أحمد معروف عضوا في هيئة إتحاد النقابات العمالية في محافظة السليمانية.
التحق بصفوف الأنصار مع رفاقه ‌قادر رشيد (أبو شوان) ومحمود دکتريوف وأبو شاخوان في 19/1/ 1979، تاركاً أطفاله‌ وعائلته،‌ أسوة برفاقه، وتلبية لنداء حزبه‌، وبعد يوم من التحاقه‌ في (ناوزنگ) ‌ بنى فرنا من برميل نفط موفرا خبزا حارا لرفاقه‌ کل صباح، حيث کان عددهم حوالي عشرين رفيقا مما خفف من تکلفة شراء الخبز بثمن غال آنذاك.
کان رفيقا محبوبا ومرحا، إنسانا کادحا عرف بنکاته‌ الجميلة وتفاؤله‌ في الحياة والنضال، عند استشهاده‌ کان عضوا في محلية السليمانية، ووري جثمانه‌ الثرى في مقبرة (زه‌لى) بحضور عدد غفير من رفاقه‌ البيشمرگة وألقيت کلمة الوداع بأسم مکتب لجنة إقليم كردستان، دفن بجانب أحد رفاقه‌ من القومية العربية، حيث حضر الرفيق عبد الرزاق الصافي (أبو مخلص) وقرأ کلمة المکتب السياسي للحزب و‌داعاً لهذا النصير الشاب الشيوعي الذي جرفه‌ نهر (نوکان) وأستشهد، کان موقع استشهاده‌ قريب من مکان الشهيد أحمد معروف. لكم المجد والخلود أيها الرفاق الأبطال، في يوم الشهيد الشيوعي نستذكركم ونستذكر کل الشهداء الذين سقطوا ضحية الأنظمة الفاشية والطبيعة القاسية.
المجد لشهدائنا الأبرار، وسيظلون في ذاکرتنا إلى الأبد.