شهداء الحزب

الفلاح الشيوعي محمد جاسور السعدون / غانم عبد الواحد جاسور

في كل مدينة من مدن العراق الحبيب وفي كل شبر من أرضه المعطاء نجد عمودآ من أعمدة الكفاح والتضحية , ولا تخلو أية فترة زمنية الا وهناك أبطال شجعان طرزوا حياتهم بالملاحم البطولية والتحدي والتصدي المشرف بوجه الاحتلال وجبروت الطغم الفاسدة المستبدة المتسلطة على رقاب الشعوب .وهذه الشخصيات هي أعمدة شاخصة تمتد جذورها عميقآ بأمتداد تأريخها النضالي العريق, وهم حديث الناس والاحبة ,ونقشت حروف أسمائهم على صخرة التحدي والنضال الطويل ,وفي قلوب من عاصروهم أو سمعوا بأخبارهم السارة, ولايمكن أغفالهم أونسيانهم ,وهم حماس ثوري وأبداع وتفان يتخطى حدود الكلمات .
واستذكارنا المناضل الشيوعي محمد جاسور السعدون (أبو ماجد ) الذي ينحدر من عائلة فلاحية من ريف الهندية (الخيرات شطملا)، العائلة المعروفة بوطنيتها ومواقفها آبان الاحتلال البريطاني والمعاهدات الجائرة , والتي وقفت بوجه الانكليز بكل صلابة وعنفوان اعوام (1917- 1020) واتخذ الفقيد مسار الحرية والعدالة الانسانية منهجآ لسلوكه في تعامله مع الاخرين.وسار على هذا المنهج دون كلل وتحدى الصعاب والمضايقات والتهديد والترهيب والمطاردة التي كانت نصيب كل المناضلين الشرفاء ,لآنهم يريدون الاستقرار والعيش الكريم والخير والمحبة والسلام والآمان لعامة الناس
.كان والده (الحاج جاسور السعدون) من الشخصيات الاجتماعية ومن (المهاويل) المعروفة في منطقة الفرات الاوسط، وله مضيف عامر يستقبل الضيوف على مدار الساعة وهم يشكلون حلقة مستديرة حول (الاوجاغ ) للآستمتاع بالاحاديث الشيقة الطريفة وحكايات الليالي واحتساء القهوة العربية بحلاوتها المرة,
دخل الفقيد الجيش العراقي الصنف الالي الكهربائي. وهناك بعد ان قرأ وتابع مطالعة الكتب الماركسية وعن احتجاجات الشعوب ضد المتجبرين والدكتاتوريين وعن الثورة البلشفية التي هزت العالم , انتمى الى صفوف حزب المناضلين مبكرآ أوائل الخمسينيات من القرن الماضي ,وساهم مساهمة فاعلة مع رفاقه في معسكر الرشيد بمساندة ثورة تموز المباركة.
واصل نضاله التنظيمي مع رفاقه وكان نشاطه وحركته ملفتاً لللانتباه. ونتيجة الهجمة الشرسة ضد القوى التقدمية من قبل الزمر وعملاء الاجنبي التي كانت تعشعش في الدوائر والمؤسسات الحكومية على القوى التقدمية وفي جميع أنحاء العراق ,وعلى أثر ذلك تم توقيفه في السجن العسكري ثم فصله نهائيآ من الجيش (بتهمة انتمائه الى الحزب الشيوعي العراقي ) وهذا مثبت في دفتر خدمته العسكرية وحسب قوله عن ذلك: (هذا وسام أتوشح به و شرف لي ولآولادي وأحفادي ) أفتخر وأعتز به على مرالسنين .
شارك مشاركة فاعلة في أول أحتفالية عمالية جماهيرية عام (1959) وكان هذا الاحتفال بمثابة كرنفال عمالي لم يشهده العراق والطبقة العاملة بكل صنوفها.حيث أبتدأ من ساعة مبكرة من الصباح حتى ساعة متأخرة من المساء برعاية قائد الثورة (الشهيد عبد الكريم قاسم ) . عين موظفآ في زراعة الديوانية وظل على أتصال مع الحزب هناك، حتى أنقلاب شباط الاسود وساهم في التظاهرات التي قادها الشيوعيون والوطنيون في العراق للتنديد بالانقلاب الدموي الغاشم في ايام (10،9،8) من ذلك الشهر المشؤوم .وبعد ان استولى الغربان وبمساعدة الاجنبي على زمام الامور ,أصدروا بيانهم رقم (13 السييء الصيت )بأبادة الشيوعيين. أمتلآت السجون والمعتقلات بالوطنيين والآبرياء، وقبض عليه وأودع في معتقل الحي العصري في الديوانية، وظل فيه دون محاكمة تذكر ,حتى أنقلاب (18/ تشرين عام /1964) حيث أفرج عنه وزاول عمله الوظيفي ,ثم نقل الى زراعة محافظة كربلاء .وفي نهاية السبعينيات احيل إلى التقاعد .
وبعد التغيير مباشرة ساهم مساهمة فاعلة في أفتتاح مقر الهندية للحزب الشيوعي العراقي. كذلك سارع مع بعض الرفاق والمناضلين من الحسينية، منهم الرفاق (ابوتحرير وابو عدنان ) ومن ريف الهندية الى افتتاح أول اتحاد للجمعيات التعاونية الفلاحية في محافظة كربلاء المقدسة بعد سقوط النظام المقبور.
بعدها جرت أنتخابات رسمية وبحضور قاض إذ رشح نفسه وحصل على اكثر الاصوات وسارت الامور بشكل جيد ,وتم تزويد الجمعيات الفرعية والفلاحين بالهويات والآسمدة الكيمياوية وتم عقد ندوات فلاحية زراعية في ريف الهندية وفي مضيف (الحاج عبد الواحد جاسور وبأستضافة (الرفيق تركي الهاشم) من محافظة بابل الذي حث الفلاحين على الآنتماء الى الجمعيات والآهتمام بالزراعة وتطويرها بالآساليب الحديثة.
وأستمر الحال فترة ليست بالقصيرة ,حيث لم يرق هذا الوضع للبعض من أعوان النظام السابق الذين يكنون العداوة والبغضاء لكل شريف ,وهم لايزالون متسللين في معظم دوائر الدولة، فقد دبروا مكائدهم المعتادة وحصلوا على موافقة بسحب الثقة من الاتحاد ورئيسه رسميآ وتم الآستحواذ على الاتحاد, كذلك أصدروا مذكرة ألقاء القبض بحقهم ومصادرة محتويات الاتحاد وبذلك ترك العمل مكرهآ ومرغمآ جراء هذا العمل الجبان، وظل على أتصال دائم بالحزب وفيآ لمبادئه حتى وفاته في (13/5/2005) بعد أصابته بجلطة دماغية لم تمهله طويلا وودع توديعآ مهيبآ من قبل رفاق الحزب وأصدقاؤه ومحبيه .
وبمناسبة الذكرى الثمانين لميلاد حزبنا الشيوعي العراقي نستذكر أولئك الخالدين الذين عبدوا لنا الطريق بمواقفهم البطولية الفريدة وعلينا نحن الذين ننشد التغيير, أن نقف صفآ واحدآ بوجه المحاولات الدنيئة التي تحاول عرقلة مسار العملية الديمقراطية في العراق الموحد وأن نحذو حذوهم لبناء مستقبل العراق الزاهرولأجياله القادمة وفاءآ لهم ولنضالهم لآنهم حقآ ملاحم أستثنائية في سوح النضال .ويستحقون منا الآحترام و التقدير والعرفان.