اعمدة طريق الشعب

طائفيون عابرون للطوائف! / ياسر السالم

قبل أسابيع، وبعدما حُسمت معركة الفلوجة لصالح قواتنا، أستشرف مدونون في مواقع التواصل الاجتماعي، استخدام الكتل السياسية أسم «الحشد» في عناوين قوائمهم الانتخابية المقبلة.
وليس خافياً حجم الاستثمار السياسي الذي يجري لمعارك تحرير الأراضي المغتصبة من عصابات داعش. بل صار معلوماً لدى العراقيين، أن التوقيت الثابت لحضور الزعامات السياسية إلى ميدان الجبهة، للاطمئنان على المقاتلين والجلوس معهم على سفرة طعام واحدة، وبالتالي التقاط صور النصر؛ مرتبط بالساعات الأخيرة قبل إعلان تحرير المدن. حصل ذلك في: آمرلي، بيجي، تكريت، الرمادي، الفلوجة.. وفي الموصل قريباً.
لكن منهم من لا يكتفي بذلك، وإنما راح يعلن أنه هو المؤسس لــ «الحشد الشعبي» والمُسمي والمُحشد، وبالتالي: المنتصر!
ففي انتخابات 2005 استخدم عنوان «العراقي» بشكل مفرط في التحالفات. وفي عام 2009 تضمنت غالبية القوائم مفردة «المستقل»، في تمويه من قبل أحزاب السلطة، يؤشر فشلها في تقديم مشروع سياسي ناجح.
وركزت مسميات القوائم الانتخابية في 2010 على شعارات الدولة القوية والموحدة، ما يشكل اعترافاً ضمنياً بالانقسامات التي أضعفت التماسك الوطني.
ولم تكن انتخابات 2013 و2014 بمعزل عن هذا السياق، الذي يكشف أن تبدل العناوين السياسية في كل استحقاق انتخابي، ما هو إلا انعكاس لغياب الوجهة وخواء الشعارات التي رفعتها غالبية الكتل السياسية، وكأن الأمر ليس أكثر من استثمار لهواجس العراقيين في مراحل متعاقبة.
ويبدو أن الحراك السياسي الذي انطلق مبكراً هذه الأيام، استعدادا للانتخابات المقبلة، لن يشذ عن فوضوية المسميات والشعارات في ظل غياب البرامج السياسية.
ففي ظل تزايد الحديث مؤخراً، عن تعديل قانون الانتخابات، وإجراء تغيير في مفوضية الانتخابات من عدمه، يعلن عدد من الزعماء السياسيين رغبتهم في تشكيل قوائم انتخابية «عابرة للطائفية».
هكذا، وبكل أريحية، يطلق المتنفذون رغبتهم هذه، مستشفين مزاج الشارع الذي أخذ يتصاعد بالضد من التكتلات الطائفية. لكنها رغبة تناقض واقع الخطاب السياسي الذي يتبنونه.
هكذا، وبصراحة ضمنية يمكن الوثوق بها، يقول لنا الزعماء الطائفيون، أن مشروع الاستغلال السياسي للدين والمذهب والطائفية بدأ يخسر، وأن طالت جولة الصراع.
هكذا يكشفون عن أنفسهم، بأنهم ليسوا أصناما تريد قرابين المال والفداء بعناوين مختلفة، وإنما هم واقعيون، يسمعون ويعون رغبة الجمهور، ولكن لا ينصاعون لها إلا حين تكون لصالحهم.
فترقبوا قوائم «عابرة للطائفية» بخطاب طائفي وزعماء طائفيين!