اعمدة طريق الشعب

لماذا التركيز على الصناعة التحويلية؟ / إبراهيم المشهداني

تقوم الصناعة التحويلية بدور محوري في معافاة الاقتصاد العراقي بقطاعيه الحكومي والخاص ومحرك لكافة القطاعات السلعية في البلاد بما لها من ديناميكية وقابلية على استيعاب العمالة وتطوير ومهاراتها الإنتاجية وارتباطها العضوي مع القطاعات الأخرى في المدخلات والمخرجات مما يتعين اعتبارها من أولويات أية إستراتيجية اقتصادية تضعها الدولة.
وقد حظيت الصناعة التحويلية باهتمام قيادة ثورة الربع عشر من تموز وانشأت العديد من المصانع مثل مصانع النسيج في الكوت ومعمل المصابيح في الرمادي ومعمل الأدوية في سامراء ومصانع المكائن والآلات الزراعية في الإسكندرية واستمر هذا التطور في النصف الأول من السبعينات حيث أعيدت إدامة وصيانة هذه المصانع وتوسيع خطوط الإنتاج نتيجة للاتفاقيات التي وقعتها الحكومة مع الاتحاد السوفيتي آنذاك.
غير ان التركيز على الصناعة الاستخراجية للفترة 1973— 1976 وبلوغ مساهمتها 76 في المائة اضعف الاهتمام بالصناعة التحويلية فكانت النسبة من جراء ذلك 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ثم انخفضت النسبة إلى 8 في المائة في عام 1980 وتغير الحال بعد الحرب العراقية الإيرانية والحصار المفروض على العراق حيث تصاعدت الأهمية النسبية لقطاع الزراعة والغابات والصيد فشكلت نسبة 73 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، وبعد عام 2003 اتخذت السياسة الاقتصادية نهجا آخر عبر التخلي عن الإدارة الاوامرية للاقتصاد والذهاب إلى اقتصاد السوق الحر من الناحية النظرية فحسب وجرت المراهنة خلال الثلاث عشرة سنة على منظومات مفاهيمية لم تصل الدولة عبر هذه المفهومات الجدلية إلى أية نتيجة ملموسة على الأرض والشيء الوحيد الذي توطد في السوق العراقية هي التجارة المنفلتة والمهيمنة سياسيا واقتصاديا بدعم حكومي مباشر.
إن التركيز على الصناعة التحويلية هنا يتجلى بما في هذه الصناعة من خصائص عديدة ومنها إمكانية تصحيح الهيكل الإنتاجي وهيكل الصادرات وتقلص الاعتماد على البترول مصدرا أساسيا في التمويل، وكذلك رفع نسبة مساهمة القطاعات السلعية في الإنتاج المحلي الإجمالي وتعزيز الاستقلال الاقتصادي بعيدا عن التدخلات المباشرة للمؤسسات المالية الدولية والدول التي تقف وراءها ، وتوفير السلع الاستهلاكية والوسيطة والإنتاجية وبالتالي بناء الأساس المادي للاقتصاد الوطني, بالإضافة إلى أنها تزيد من معدلات النمو في إنتاجية العمل في القطاع الصناعي بأسرع من القطاعات الأخرى بالنظر إلى قابليته على استيعاب المنجزات التقنية المتطورة في العالم والاستخدام الأمثل للقوى العاملة وقابليتها على تحريك القطاعات الأخرى ومساهمتها في خلق القيم المضافة وتغيير في البنى الاجتماعية لكل ذلك المطلوب من أصحاب القرار ان تراجع سياساتها الاقتصادية من خلال وقفة تقييمية لهذه السياسات وما أنتجته على واقع الاقتصاد وإعادة رسم إستراتيجية رشيدة في عملية النهوض بالاقتصاد من خلال إعطاء الأولية للصناعة والكف عن رهانات أدت إلى التخلف الاقتصادي ونقترح لهذا الغرض ما يلي :
1.رسم إستراتيجية اقتصادية متوازنة تأخذ في الاعتبار تطوير النشاط الصناعي التحويلي بكل أنواعه الصغير والمتوسط والكبير والعمل الجاد من اجل تأهيل الشركات الحكومية الفاعلة وتخليصها من الإدارات الفاشلة والفاسدة والاستفادة المثلى من قروض البك المركزي .
2.العمل على إدخال التكنولوجية الحديثة في هذه الصناعات وخلق البيئة التكنولوجية عن طريق الاستثمار في هذا القطاع من اجل الإسراع في تطوير التقنيات في هذا القطاع .
3.حماية مخرجات الصناعة الوطنية من المنافسة الأجنبية وتنفيذ قانون الحماية رقم 11لسنة 2010 وإلزام الوزارات العراقية بشراء منتجات الصناعة الوطنية وتفعيل التوجيهات الحكومية بهذا الخصوص تحت شعار صنع في العراق .
4.الترويج الإعلامي الواسع للصناعة الوطنية وإدخاله في المناهج الدراسية في المؤسسات التعليمية لتكون ثقافة مشجعة على شراء المنتج الوطني في كافة المراحل الدراسية .
5.التنسيق مع وزارة العمل من قبل وزارة الصناعة والقطاع الخاص لإعداد البرامج التدريبية المتناسبة مع حاجات القطاع الصناعي وتهيئة العمالة الماهرة وان تكون لها الأولوية في التشغيل .