اعمدة طريق الشعب

مشروع موازنة شد الأحزمة على البطون / إبراهيم المشهداني

اظهر مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2017 حقائق مهمة تستدعي التوقف عندها ومناقشتها من قبل المتابعين والرأي العام .
اذ تبين ان النفقات العامة تزيد على الإيرادات الكلية بأكثر من اثنين وثلاثين تريليون دينار عراقي وعلى ما يبدو إن هذا العجز للعام 2017 يزيد عن العجز المخطط في الموازنة السابقة لعام 2016 بحوالي سبعة تريليونات دينار، وهذه إشكالية ليست ثابتة ولكنها متفاقمة وتنذر بمخاطر كبيرة على الاقتصاد العراقي أساسها عدم القدرة على سد هذا العجز من الموارد المتوقعة من إيرادات النفط. اذا أخذنا بالاعتبار ان سعر البرميل المخطط 35 دولار وان مجموع كمية النفط المقرر تصديره في سنة الموازنة بحوالي 4,5 مليون برميل تقريبا بعد حساب كمية النفط المنتج في كردستان ب 250 إلف برميل يوميا والنفط المنتج عن طريق كركوك 300 إلف برميل يوميا . إن الإشكالية ليست في العجز كمبدأ ولكن العجز في الموازنات العراقية في هذه السنين العجاف ينذر بأعباء كبيرة سيتحملها الاقتصاد وما ينجم عنه من اثار اجتماعية يتكبدها العراقيون الذين قضوا أجيالا وأجيالا وهم يشدون الأحزمة على البطون . فكيف سيعالج هذا العجز ؟
اذا أخذنا بالاعتبار المصادر المالية التي اعتمدت في سد العجز في ميزانية عام 2016 والمتأتية في جزء منها عن طريق الاقتراض الداخلي فان إجمالي هذا الاقتراض قد بلغ 30,5 ثلاثين مليار دولار ونصف وفي جزء آخر من الاقتراض الخارجي ( من المفروض اقتطاع 4 مليار دولار من قرض صندوق النقد الدولي حسب اتفاقية الاستعداد الائتماني ) ومع انخفاض الفوائد المترتبة على هذا القرض وهو أمر ايجابي ولكننا إذا أخذنا بالاعتبار مجموع الديون الأجنبية المترتبة بذمة العراق والبالغة 65,5 مليار دولار فان مجموع الديون الداخلية والخارجية سيكون 96 مليار دولار إي ما يشكل 77في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وهنا تكون الأعباء ليس في تسديد الديون وهو أمر في غاية الأهمية وإنما في خدمة هذه الديون .اما المصادر الأخرى في تغطية العجز فتتم عن طريق الضرائب والرسوم في وقت لم تستطع الدولة ضبط إيقاعها بسب الفساد وتخلف قوانينها واجراءتها فضلا عن عجز المصادر المتأتية من فوائض القيمة المضافة إلى القطاعات الإنتاجية .
ومن ناحية أخرى فان نسبة النفقات الرأسمالية إلى مجموع النفقات العامة بحسب مسودة القانون تبلغ 24في المائة وهذه النسبة اقل من موازنة العام الماضي التي بلغت 31 في المائة ما يعني تراجعا كبيرا في دعم القطاعات السلعية والذهاب إلى قطاع النفط مرة أخرى مع ما فيه من تبعات الاقتصاد الريعي ونتائجه السلبية. مما تقدم يتعين على الدولة ان تقدم على اتخاذ خطوات أكثر فعالية في مواجهة العجز في هذه الموازنة، وفي الوقت ذاته، التعامل الرشيد مع عملية التنمية الاقتصادية والحزم في متابعة عملية الإنفاق على المشاريع والخدمات الملحة وكما يلي :
•العمل على سد العجز في الموازنة التشغيلية من الدين الداخلي، دون اللجوء إلى الاقتراض الأجنبي، الذي ينبغي أن يوجه إلى القطاعات التي تنتج عنها عوائد مالية صافية لخدمة الدين وتسديد القرض .
•العمل على عدم التعرض لذوي الدخول الواطئة في سد العجز او تغطية النفقات العامة واستقطاع 20في المائة من مجموع رواتب ذوي الرواتب العالية في الدولة .
•مكافحة الفساد والفاسدين دون هوادة والاستعانة بالأدوات الخارجية في كشف الفاسدين وإعادة أموال الدولة المنهوبة وإجراء تغييرات حقيقية في إدارات المال العام على وفق مبدأ الكفاءة والنزاهة .
•العمل بما ورد في مسودة قانون الموازن في تحقيق إيرادات حقيقية دون الاخلال بدخول الشرائح الفقيرة وذوي الدخل المحدود وإصدار تعليمات واضحة بهذا الخصوص .
•ضرورة تقديم الحسابات الختامية مع مشروع قانون الموازنة وتنفيذ المادة 62 من الدستور بهذا الخصوص من اجل الاطلاع على كيفية تنفيذ موازنة السنة السابقة لها والأبواب التي صرفت لها الأموال المخصصة في الميزانية.