اعمدة طريق الشعب

احموا مكتنزات العراقيين وامنعوا هروبها / إبراهيم المشهداني

مكتنزات العراقيين من العملة الصعبة مغرية للقطاع المصرفي الأجنبي ما يدفعه إلى العمل على جذبها وتحويلها إلى أنشطة اقتصادية فعالة على العكس من تعامل القطاع المصرفي العراقي الذي يترك هذه المكتنزات النقدية ضائعة في شراء الذهب او شراء السيارات وغيرها من الأنشطة الاستهلاكية غير النافعة.
إن ما يدفع المواطنين العراقيين من مختلف الفئات العمرية إلى الاكتناز التي تبلغ نسبته الى الكتلة النقدية العراقية 77في المائة، أسباب عدة يقف في مقدمتها ضعف أداء المصارف العراقية سواء الحكومية منها أو الأهلية وضعف الوعي الادخاري لدى المواطنين، حيث تلعب هذه المصارف دورا سلبيا فيها وهشاشة السياسة الادخارية لدى المصارف التي تتجلى في النسبة المتواضعة لأسعار الفائدة التي لا تزيد عن 3 في المائة، بالنسبة لودائع التوفير والودائع الثابتة فيما تصل هذه النسبة حسب بعض المصادر الى 15في المائة في المصارف الأجنبية . زد على ذلك النزعة الريعية لدى الجهات المعنية التي تتجه إلى الاقتراض والتي لم تستفد من التدفقات النقدية الصعبة التي دخلت الى العراق بعد عام 2003 وبلغت منذ ذلك الحين ما يزيد عن 928 مليار دولار جرى هدرها وسرقتها بأبشع الطرق إمام انظار الجهات الرقابية والقضائية .
وإذ نتحدث عن ظاهرة الاكتناز التي تشكل نسبة كبيرة من الكتلة النقدية فإننا نتحدث في الوقت ذاته عن سياسة نقدية مضطربة ميدانها القطاع المصرفي وسياسة مالية مترهلة لم تعر اهتماما لمواردها المالية خارج الأطر التقليدية ،ففي العراق ستة مصارف حكومية رئيسة و24 مصرفا أهليا و20 مصرفا إسلاميا عدا عن 15 مصرفا اجنبيا التي تشكل بالإضافة الى شركات التحويل المالي 97 مؤسسة مالية لا تزال جميعها تقتصر على التداولات اليومية او تمارس المضاربات المالية عبر نافذة البنك المركزي او قروض لأغراض تجارية. وإذا كان هناك من لوم فيقع على المصارف الحكومية خاصة الرافدين والرشيد اللذين يحتلان اكبر كمية من الودائع غير الموظفة في قطاع الاستثمار ولهذا يعاني قطاع الإنتاج إضافة إلى أسباب أخرى تواضعا في معدلات النمو وعدم القدرة على مواجهة الطلب الكلي، الامر الذي يدفع الدولة الى الاقتراض الخارجي واللجوء إلى الاستيراد .كل ذلك يتطلب قيام المصارف العراقية بمراجعة خططها ومناهجها بوجهة جذب الموارد المالية المكتنزة لدى المواطنين وتوظيفها في عملية التنمية الاقتصادية بالتنسيق مع مختلف الجهات ذات العلاقة وبما يلي :
• إعادة النظر في أسعار الفائدة للودائع المصرفية بما يشجع المواطنين على التوجه الى المصارف الحكومية والأهلية لإيداع مكتنزاتهم والحد من إخراجها الى دول الجوار مع توفير إجراءات الأمان لهذه الودائع ويلعب البنك المركزي دورا رقابيا وضامنا في هذا المجال .
• قيام المصارف بإعادة النظر في سياساتها الائتمانية بالتوجه إلى قطاع الاستثمار وعدم اقتصاره على التداولات المالية اليومية او حصر توجهاته في قطاع التجارة وإعطاء الأولوية إلى قطاع الصناعة التحويلية والزراعة .
• التوجه إلى تنمية الادخارات المحلية وحوكمة إدارة هذه العملية عبر تطوير وسائلها التقنية والاستفادة من منجزات التكنولوجيا العالمية .
• إعادة النظر في التشريعات الناظمة لحركة الأموال في القطاع المصرفي بما ييسر هذه الحركة ويلغي الكثير من القيود التي تعرقل الوظيفة الاقتصادية للمصارف .